شدد ممثلو منظمات زراعية أهلية وحقوقيون وخبراء على ضرورة العمل تجاه الإسراع في تأهيل القطاع الزراعي الذي تضرر جراء العدوان الإسرائيلي والحصار المستمر على قطاع غزة، مؤكدين على أهمية القطاع الزراعي كركيزة أساسية في السيادة على الأرض والموارد وضرورة دعم هذا القطاع من أجل الاستمرار في توفير مقومات الحياة الكريمة.
وطالبوا بضرورة الإسراع في إسناد ودعم المزارعين والصيادين المتضررين جراء الاعتداءات الإسرائيلية المتكررة على قطاع غزة مؤكدين على ضرورة تحقيق الشراكة بين مختلف الأطراف وفق رؤية متكاملة لدعم القطاع الزراعي والنهوض به.
جاء ذلك خلال الجلسة الحوارية التي نظمها القطاع الزراعي في شبكة المنظمات الأهلية في مدينة غزة بعنوان "واقع وتحديات القطاع الزراعي في ظل الظروف الراهنة" بمشاركة واسعة من ممثلي وزارة الزراعة والمنظمات الأهلية الزراعية وخبراء وحقوقيين.
وتحدث خلال الجلسة الحوارية التي أدارتها نهى الشريف من الإغاثة الزراعية، كلاً من وائل ثابت مسؤول قسم السياسات والتخطيط في وزارة الزراعة في قطاع غزة، وسعد زيادة من اتحاد لجان العمل الزراعي وممثل القطاع الزراعي في الشبكة، وحمدي شقورة من المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان.
وتطرق الحوار في الجلسة لمجموعة من القضايا الخاصة بالقطاع الزراعي من كافة النواحي الإحصائية والاستثمارية وعلاقته بالقطاعات الأخرى، ومساهمته في الناتج المحلي بالإضافة إلى كونه من أهم القطاعات التي توفر فرص العمل واعتماد القطاعات الأخرى على مدخلاته. كما تطرق النقاش إلى استعراض آليات الموازنة والتمويل وإعادة الإعمار في ظل التحديات المتمثلة في بقاء الاحتلال وسياساته والحصار والانقسام وانعدام الحماية وتشتت التمويل عبر المؤسسات الدولية الوسيطة.
وأشار وائل ثابت في كلمته الى الأضرار التي لحقت بالقطاع الزراعي حيث طالت الخسائر المزارعين والصيادين ومربي الأغنام والدواجن وخاصة في المناطق الحدودية جراء قصف قوات الاحتلال الإسرائيلي لها.
ونوه ثابت إلى اعتماد قطاع غزة على الزراعة بقطاعاتها المختلفة حيث تبلغ مساحة الأراضي الزراعية والتي تشمل البستنة وزراعة المحاصيل الزراعية إلى 200,000 دونم حيث لحقت بها أضرار و خسائر مباشرة وغير مباشرة التي تقدر بــ 166مليون دولار والتي لحقت أيضا بقطاع الصناعات التحويلية والتي تم توثيقها من خلال البيانات التي جمعتها وزارة الزراعة.
وأوضح أن الأضرار قد طالت المياه والبُنى التحتية وتضرر العديد من المنشآت والآلات الزراعية ومراكب الصيد حيث قدّرت وزارة الزراعة خسائر قطاع الصيد بـ 120 ألف دولار بشكل يومي جراء عدم تمكن الصيادين من ممارسة الصيد بالإضافة إلى الاعتداءات الإسرائيلية على الصيادين.
بدوره تحدث سعد زيادة عن تحديات القطاع الزراعي خاصة بعد العدوان الأخير على قطاع غزة مؤكداً على أهمية وحيوية القطاع الزراعي في إمداد المواطنين بالمنتجات الزراعية والحيوانية والسمكية. ونوّه إلى أهمية الإسراع في إنعاش هذا القطاع والذي يساهم في الإنتاج المحلي والذي تقدر حالياً بـ 4-5% من حجم السوق المحلي.
وطالب بأهمية البدء بالإعمار للقطاع الزراعي حيث إن مراحل الاعمار تشمل ثلاث مراحل وهي مرحلة الطوارئ ومرحلة إعادة بناء وهيكلة القطاعات والمرحلة الأخيرة مرحلة الاستدامة والتنمية والتي لم نتمكن من الوصول إليها بسبب الانقسام والحصار.
وشدد زيادة على ضرورة دعم القطاع الزراعي بسبب صعوبة الوضع الاقتصادي الذي يواجه المزارع والصياد، وأشار إلى أن حجم الموازنة العامة للقطاع الزراعي تقدر ب 1%، وأن القطاع الزراعي يعتمد على التمويل الخارجي.
كما تساءل في حال توقف التمويل الخارجي للقطاع الزراعي، فماذا سيكون مصير القطاع الزراعي في قطاع غزة وفي فلسطين عموما في ظل عدم وجود مصادر أخرى للتمويل.
ومن جانبه أشار حمدي شقورة إلى الأبعاد القانونية للانتهاكات الإسرائيلية على القطاع الزراعي. حيث تتمثل هذه الانتهاكات بالحصار والانقسام والعدوان الأخير، ونوه شقورة إلى أن أزمة القطاع هي أزمة إنسانية مصطنعة وإلى أن إحكام السيطرة على قطاع غزة أدى إلى التسبب بكارثة إنسانية على مختلف الأصعدة.
وأشار شقورة إلى أن ما كان يتم تصديره من القطاع الزراعي يقدر بحوالي 4-5% من حجم الصادرات قبل عام 2007 مما فاقم من الأزمة الاقتصادية في قطاع غزة وأدى إلى ارتفاع البطالة بنسبة 35-45% وارتفاع نسبة الفقر إلى 60%. بالإضافة إلى صعوبة الوصول إلى بعض المناطق الزراعية والتي تساهم في الاقتصاد الغزي والتي توجد في المناطق المقيدة الوصول برا وبحرا على الحدود مع الجانب الإسرائيلي حيث يتعرض المزارعون إلى الاعتداءات والانتهاكات الإسرائيلية.
وأشار شقورة إلى أن اتفاقية جنيف الرابعة بكافة ملحقاتها تحظر كافة الاعتداءات بدون ضرورة عسكرية على المنشآت المدنية ومهاجمة، أو تدمير، أو إزالة، أو تعطيل الأراضي المدنية الزراعية. بالإضافة إلى أن تجويع المدنيين هو جريمة حرب. منوهاً إلى أن كافة الممارسات الإسرائيلية من انتهاكات واعتداءات تحول دون استكمال عملية الإعمار.
وعلى صعيد آخر أشار الصياد خالد الهبيل الى معاناة الصيادين المستمرة منذ ما يزيد على 15 عام والتي تتمثل بالاعتداءات المستمرة من قبل سلطات الاحتلال وتعرضهم للقتل أو الاعتقال أثناء ممارسة عملهم بالإضافة إلى القيود التي يفرضها الاحتلال والتلاعب في مساحات الصيد والتي غالبا يفقد فيها الصيادون شباكهم ووسائل الصيد.
وأشار المزارع محمود عاشور من منطقة الشوكة في رفح والذي يمتلك مزارع الحمضيات والعنب بأنه خلال فترة العدوان لم يتمكن المزارعين من الوصول إلى الأراضي الزراعية مما أدى الى جفاف محصول العنب في المنطقة بشكل كامل بالإضافة إلى تضرر الأراضي الزراعية بسبب القذائف الحربية الإسرائيلية مما سبب الخسائر الجسيمة لهم.
وفي ختام الورشة طالب المشاركون الوزارة بضرورة دعم القطاع الزراعي بكافة قطاعاته وضرورة تكثيف الجهود من قبل الوزارة في قطاع غزة وفي رام الله وخاصة في ظل وجود ممثلين من وزارة الزراعة من قطاع غزة والضفة الغربية خلال الورشة.
وشدد المشاركون في الجلسة على أهمية إشراك كافة الأطراف في عملية تقييم الاحتياجات وحصر الأضرار وضرورة إشراكها أيضا في تحديد التدخلات الخاصة بالقطاع الزراعي.