جماهير غفيرة تشيع جثمان المعارض السياسي الفلسطيني الجريء نزار بنات

شيعت جماهير غفيرة، يوم الجمعة، جثمان المعارض السياسي الفلسطيني الجريء نزار بنات في بلدة دورا قضاء الخليل، جنوب الضفة الغربية.

وانطلق موكب التشييع بعد صلاة الجمعة من مسجد "وصايا رسول الله" في المنطقة الجنوبية في الخليل، واتّجه صوب مقبرة الشهداء في منطقة ضاحية البلديّة، حيث وري جثمانه الثرى.

وهتف مشاركون في مسيرة التشييع، بشعارات مندّدة بقتل بنات، من بينها "يا نزار يا مجروح... دمّك هدر ما بروح"، و"يا نزار يا مغوار... اغتالوك أمام الدار"، و"يا للعار يا للعار... السلطة اغتالت نزار".

كما هتف المشاركون بشعارات تدعو إلى رحيل السلطة الفلسطينية، من قبيل: "الشعب يريد إسقاط النظام"، و"إرحل إرحل يا عباس... هاد صوت كل الناس".

جاء ذلك بدعوة من القوى الوطنية والإسلامية، وحراكات شبابية لأوسع مشاركة في الجنازة. كما انتشرت دعوات مماثلة عبر مواقع التواصل الاجتماعيّ، تحثّ على المشاركة في التشييع، و"عدم الصمت على الجريمة التي ارتُكبت بحق نزار".

وتوفي بنات، صباح أمس الخميس بعد ساعات على اعتقاله من قبل قوة أمنية فلسطينية.

واتهمت عائلته، الأمن الفلسطيني بتعذيبه و"اغتياله".

ولاحقا، قالت منظمات حقوقية فلسطينية، إن وفاة بنات، "غير طبيعية".

وأصدرت الكثير من الفصائل الفلسطينية، ومن بينها "حماس" و"الجهاد الإسلامي"، و"الجبهة الشعبية"، و"الجبهة الديموقراطية"، بيانات استنكار شديدة اللهجة، للحادث.

وكان بنات الذي لا يتبع لأي فصيل سياسي فلسطيني، يحظى بشهرة واسعة في الشارع الفلسطيني، لجرأته وانتقاده الحاد لأعضاء القيادة الفلسطينية، بما فيهم الرئيس محمود عباس، ورئيس الوزراء محمد اشتية.

وتقول عائلته، إنه اعتقل أكثر من 8 مرات من قبل الأمن الفلسطيني.

من هو نزار بنات؟

على مدى سنوات، برز اسم نزار بنات (44 عاما)، كأحد أبرز معارضي السلطة الفلسطينية من فئة النشطاء السياسيين المستقلين، حيث دأب على توجيه انتقادات لاذعة لأدائها عبر مقاطع فيديو، ومن خلال حسابه على موقع فيس بوك؛ وهو ما عرضه للاعتقال عدة مرات.

وشكل نبأ وفاته، بعد ساعات قليلة على اعتقاله من قبل أجهزة الأمن الفلسطينية، صدمة للشارع الفلسطيني، وأثار سخطا واسعا.

وأعلن محافظ الخليل، جبرين البكري، عن وفاة بنات، في بيان مقتضب، قال فيه إن قوة أمنية فلسطينية اعتقلته، الخميس، بناء على مذكرة توقيف من النيابة العامة، "وخلال ذلك تدهورت حالته الصحية وتم تحويله إلى مستشفى الخليل الحكومي، حيث أعلن عن وفاته".

لكنّ عائلته، اتهمت "الأمن الفلسطيني" بتعذيبه وقال عمار بنات، المتحدث باسم العائلة، "تعرض نزار لعملية اعتقال عند الساعة الثالثة والنصف فجرا، من قبل قوة أمنية، بعد تفجير مدخله، وانهالت عليه بالضرب بواسطة هراوات حديدية وخشبية، ورشته بغاز الفلفل، واعتقلته بعد تجريده من ملابسه، وبصورة فجة، واقتيد تحت الضرب، بينما كانت تسيل الدماء منه".

وجاء ذلك، في بيان مشترك "للهيئة المستقلة لحقوق الإنسان" ومؤسسة "الحق"، ومركز "القدس للمساعدة القانونية وحقوق الإنسان" ، وطبيب التشريح المتقاعد الدكتور سليم أبو زعرور، أن وفاة بنات "غير طبيعية".

وقال البيان "أكدت المشاهدات بعد انتهاء تشريح الجثمان وجود إصابات تتمثل في كدمات وسحجات في مناطق عديدة من الجسم، بما في ذلك الرأس والعنق والكتفين والصدر والظهر والأطراف العلوية والسفلية، مع وجود آثار تربيط على المعصمين، وكسور في الأضلاع".

وأضاف أن "تقرير الطبيب الشرعي وطبيب العائلة أكدا أن الوفاة غير طبيعية".

واستدرك الدويك قائلا "لكن تحديد سبب الوفاة الرئيس من الناحية الإكلينيكية يحتاج إلى بعض الوقت لحين ظهور النتائج المخبرية لفحص الأنسجة والسوائل".

 وأكد بنات في فيديوهات سابقة له، تعرضه للتعذيب من قبل أجهزة الأمن خلال اعتقاله.

وبنات، لاجئ فلسطيني، هُجّرت عائلته من بلدة عجور، عام 1948، ويسكن بلدة دورا بمحافظة الخليل، وهو متزوج وله خمسة من الأبناء.
ولا يُعرف عن بنات، أي انتماء لأي فصيل سياسي فلسطيني.

وعبّر أكثر من مرة، عن دعمه لفصائل المقاومة في غزة، ورفضه لنهج السلطة الفلسطينية، وللتنسيق الأمني مع إسرائيل.

وكان المعارض الفلسطيني يعمل في مجال "الديكور" والنجارة.

وشكّل بنات قائمة "الحرية والكرامة" لخوض انتخابات المجلس التشريعي، التي كانت مقررة يوم 22 مايو/ أيار الماضي، قبل صدور مرسوم رئاسي (في 30 إبريل/نيسان الماضي) بإلغائها.

وأثار بنات جدلا في الشارع الفلسطيني، إثر مطالبته الاتحاد الأوروبي بوقف الدعم المالي عن السلطة، عقب قرار إلغاء الانتخابات، وهو ما عرضه لهجوم حاد من قبل السلطة الفلسطينية والمؤيدين لها.

وآنذاك، قال بنات في مقطع مصور على فيسبوك، إن مسلحين "بمرافقة الأجهزة الأمنية"، أطلقوا (يوم 2 مايو/أيار الماضي) النار بكثافة على منزله "وروّعوا ساكنيه"،

وفي آخر المقاطع التي نشرها، قبل وفاته، شنّ بنات في يوم 21 يونيو/ حزيران الجاري، هجوما لاذعا على السلطة الفلسطينية، ردا على صفقة "تبادل لقاحات" أبرمتها مع إسرائيل، قبل أن تتراجع الأولى عنها.

واتهم في رسالة مصورة على صفحته على موقع فيسبوك، تحت عنوان من "يقف وراء صفقة اللقاحات" السلطة الفلسطينية بـ"المتاجرة بأرواح الشعب الفلسطيني".

 

 

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - الخليل