قال خبير الدراسات المستقبليَّة الأستاذ الدكتور وليد عبد الحي، في ورقة علمية صادرة عن مركز الزيتونة للدراسات والاستشارات حول اللوبي اليهودي في أمريكا وحقيقة دوره، إن "غياب المقايضة العربية للولايات المتحدة بمصالحها الهائلة في العالم العربي يوسِّع هامش المناورة للوبي اليهودي. فبالرغم من الفارق كبير لصالح الطرف العربي عند المقارنة بين المصالح الأمريكية لدى العرب والمصالح الأمريكية لدى "إسرائيل"، فإن ذلك لا يستخدم في "المقايضة". ويعتقد الباحث أن اللوبي اليهودي لن يتمكن من دفع القرار الأمريكي باتجاه "غير براجماتي" في حال وضع العرب الولايات المتحدة بين خيارين إما مصالحها عند العرب أو مصالحها عند "إسرائيل".
ورأى أن السياسات الأمريكية في كل مناطق العالم هي ذاتها من حيث الجوهر سواء في الشرق الأوسط أم غيره من الأقاليم الجيو-استراتيجية في العالم، وسواء أكان هناك لوبي يهودي أم لم يكن فإن جوهر القرارات الاستراتيجية الأمريكية المعبرة عن المصالح العليا سيكون هو ذاته.
وأشار أن تطابق السياسات الأمريكية الإسرائيلية عائد للطبيعة التي تجمع الطرفين كدول استعمار استيطاني، إلى جانب التداخل في التراث الديني لا سيّما مع الغالبية البروتستنتية في المجتمع الأمريكي، هو ما يعطي فرصة أفضل لعمل اللوبي، وهو ما قد يجعل البعض يبالغ في دور اللوبي، لكن الخبرة التاريخية تشير إلى أن تضارب المصالح الاستراتيجية العليا ينتهي في القرار الأمريكي لصالح أولوية المصالح الأمريكية على الإسرائيلية.
ودعا د. عبد الحي إلى عدم الاستهانة بدور اللوبي اليهودي في التأثير على القرارات الأمريكية ما دامت لا تتعارض مع استراتيجياتها العليا، كما دعا بالمقابل أن عدم المبالغة في اعتبار اللوبي اليهودي متحكماً في القرار الاستراتيجي الأمريكي، حيث إن ذلك يقود إلى النتيجة ذاتها التي تتركها الاستهانة.
وتطرَّقت الورقة إلى مؤشرات قوة اللوبي اليهودي، حيث يمثل النفوذ المالي والإعلامي والانتخابي أبرز أدوات التأثير للوبي اليهودي على القرار الأمريكي خصوصاً الاستراتيجي والتوجه العام للمجتمع الأمريكي. واعتبر الباحث أن من بين المؤشرات ذات الدلالة في دراسة وزن اللوبي اليهودي، هو في مدى تعبير هذا اللوبي عن رؤية موحدة في القضايا السياسية ذات الصلة بالعلاقة الأمريكية الإسرائيلية، إذ تشير أغلب الدراسات المعاصرة إلى تزايد التباين في التوجهات السياسية لليهود في الولايات المتحدة فيما بينهم تجاه "إسرائيل"، إلى جانب التباين بينهم وبين يهود "إسرائيل"، خصوصاً في القضايا الجوهرية للصراع العربي الإسرائيلي. كما لفت الانتباه لكون جماعات الضغط المساندة لـ"إسرائيل" غير مقتصرة على الأعضاء اليهود فقط، بل هناك أعضاء مسيحيون (خصوصاً من الإنجيليين)، كما أن هناك يهوداً أمريكيين يعارضون السياسات الإسرائيلية أو ليسوا معنيين بجماعات الضغط اليهودية، مما يعني أن تعبير اللوبي اليهودي أو الإسرائيلي هو تعبير فيه بعض "اللَّبس".