بيتا تهزم جرافة "بينت"

بقلم: خالد معالي

خالد معالي
  • د. خالد معالي

من صنع الجرافة كان يريد منها ان تعمر الارض، وليس لهدم المنازل وتخريب الاراضي، ففي عهد "نفتالي بينت" رئيس حكومة الاحتلال، باتت حكاية الجرافة ومآسيها تتكرر كل يوم في الضفة الغربية والقدس المحتلة، اللهم الا في بلدة بيتا والتي اجبرتها على الانسحاب ومعها قطعان المستوطنين.

 لو ان اهل بلدة بيتا جنوب نابلس ومعهم اهالي البلدات والقرى المجاورة صمتوا على اقامة البؤرة الاستيطانية "افياتار" ، لاقيمت وبقيت وتمددت وتضخمت، وسلبت اخصب الاراضي، لكن صمود بيتا وتطورها النوعي واستلهام تجارب غزة في مقارعة الاحتلال، جعلت بيتا تفخر بما انجزته وليتم سحب المستوطنين منها، ولتهزم جرافة "نفتالي بينت".

فجرافة "بينت" تهدم المنازل فوق رؤوس المقدسيين وتشردهم في العراء، وجرافة تقتلع أشجار الزيتون وتدمر الأراضي الزراعية في الضفة، وجرافة توسع طرق المستوطنات، وجرافة تضع الحواجز لمنع تنقل الفلسطينيين وتقتل احلامهم، وجرافة أخرى يمكن لها حتى أن تدوس وتقتل البشر، كما حصل مع المواطنة الامريكية المسالمة "راشيل كوري" التي كان جزاء تضامنها مع الشعل الفلسطيني ان تدوسها وتجرفها الجرافة.

كل شيء بات مقلوب لدى أدعياء الحرية والديمقراطية في دولة الاحتلال، والغرب عموما؛ فقد  انعم الله على الإنسان بنعمة التفكر والتطور، واستخدام الأدوات لذلك؛ إلا أن ما أنتجه العلم أحيانا ينقلب ضد الإنسان إن أساء استخدامه؛ تماما كما فعلت أمريكا في ضرب القنابل النووية على اليابان؛ وكما يفعل الاحتلال في فلسطين المحتلة من استخدام الطائرات الحديثة لقتل اطفال ونساء غزة، والغرب صامت صمت القبور.

الجرافة تلك الآلة التي من المفترض أن تعمر وتبني وتساعد الإنسان في الاستخلاف في الأرض؛ صارت لعنة على الشعب الفلسطيني، حيث لا يكاد يمر يوم من دون أن تهدم المنازل والابار، وتجرف الأراضي وتخرب ما عمره الإنسان الفلسطيني طوال مئات السنين، شاقة طريقها بالتدمير والتخريب.

من على جبال الضفة تشاهد جرافات الاحتلال والمستوطنبن، وهي تجرف وتقتلع الأشجار المعمرة؛ ولا يملك الفلسطيني سوى الحسرة والألم والمزيد من القهر، ودموع الفراق على حضارة وتاريخ وطبيعة جميلة؛ حلت مكانها مستوطنات ومعسكرات تحوي بداخلها شياطين الانس على شكل بشر، لا يتورعون عن كل فعل قبيح ومجرم، وتفوقهم الكاذب على بني البشر، بان الاغيار مثل الحيوانات سخروا لخدمتهم.

يا للهول، ما أن يرى أي فلسطيني في الضفة الغربية والقدس المحتلة شاحنة عملاقة تحمل جرافة ضخمة حتى يقول : الله يستر. فالجرافة صارت في وعي الفلسطيني مصدر للتدمير وتحطيم آمال الفلسطينيين.

بناء منزل قد يكلف الإنسان الفلسطيني شقاء عمره ويبنيه طوال مدة قد تصل إلى عشرة أو عشرين عاما، وتجيء جرافة في خمسة دقائق لتهدم شقاء العمر وبدون سابق إنذار وهو ما يتكرر في القدس المحتلة والضفة الغربية، وفي غزة تستقبل الجرافة ان حاولت التوغل بالتفجير أو إطلاق القذائف عليها، فتولي هاربة لا تلوي على شيء؛ فقوة المقاومة يمكن لها أن تعطل نمطية تخريب وتدمير الجرافة؛ بل وتدمر هي وتخرب؛ بدل أن تخرب وتقتل وتدمر تعب العمر للفلسطينيين.

تبقى قصة الجرافة تطول  وتطول ولا تتوقف، فالجرافة في الضفة الغربية – الخاصرة الضعيفة - والقدس المحتلة ستبقى تجرف وتدمر وتقتل؛ ما دام لا يوجد رد عليها شاف وكاف كما حصل ببيتا، وكما يحصل في غزة؛ إلا بالتنديد والشجب والاستنكار، "وكفى الله المؤمنين شر القتال".

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت