- رامز مصطفى كاتب فلسطيني
مع كل لقاء للفصائل الفلسطينية ليس من خيار إلاً التفاؤل في ثمة ما يثلج تلك الصدور التي اتخمت بخيبات الأمل ، جراء أن كل اللقاءات بما فيها الحوارات ، كانت بنتائجها مخيبة للآمال ومحبطة لما تطّلع إليه الشعب الفلسطيني ، من إمكانية إعادة اللحمة للساحة الفلسطينية .
شعبنا سيبقى محكوم بالتفاؤل ، على الرغمِ مما أصابه من خيبات أمل متكررة من تلك اللقاءات التي لم تتوصل إلى شيء جدي وعملي يُنهي حالة البؤس التي تعيشها الساحة الفلسطينية بسبب الانقسام والاحتراب السياسي والإعلامي ، وحملات الاتهام حد التخوين . أخر تلك اللقاءات كانت قبل أيام في بيروت ، لقيادات الفصائل الفلسطينية من التحالف والجبهتين الشعبية والديمقراطية ، بدعوة وحضور الأخ إسماعيل هنية الذي يزور ووفد من حركة حماس لبنان .
استبشرنا والكثيرين خيراً ، وكنا ننتظر منه أشياء وأشياء ، خاصة أنه جاء بعد ما تحقق في معركة سيف القدس من نتائج يمكن المراكمة عليها في سياق الصراع الطويل مع الكيان الصهيوني ، على اعتبار أنّ ما قبل معركة سيف القدس ليس ما بعدها . لذلك اعتقد البعض ممن حضر الاجتماع أو ما أسموه ( اللقاء الوطني ) ، وتحديداً من قوى التحالف ، أنّ هذا اللقاء سيؤسس لمرحلة جديدة من العمل الوطني الجبهوي بالمعنى الحقيقي ، ليضطلع التحالف بمسؤولياته الوطنية في ظل جملة التحديات ، وبالتالي إيجاد السبل والآليات لمواجهتها .
غير أن لا شيء من هذا القبيل قد تحقق ، فلا بيان ختامي قد صدر عن اللقاء ، الذي استبدل بتصريح صحفي ، وبذلك بقيت صور اللقاء يتيمة من دون أي معنى سياسي حقيقي قد تحقق .
ما تمّ نشره على عدد من المواقع الالكترونية عن اللقاء ، على الرغم من تأكيده على المؤكد ، فهو جاء تعويضاً عن فشل المجتمعين في التوصل لاتفاق على إصدار بيان باسمهم كما أسلفنا ، لأن البعض لا يريد أن يتهم أنه يتخندق في تحالفات هو لا يريدها من خلفية أن لا تحسب عليه خطوات سياسية هو بالغنى عنها ، وهو أصلاً غير مقتنع أو معني بها .
خصوصاً أنّ تلك التحالفات أو التخندقات لم تأتي بنتيجة تذكر ، سوى أنها كُرست للاستقواء في معركة السجالات والمناطحات السياسية والإعلامية .
وأخر تجربة في هذا السياق يعتد بها كانت جبهة الرفض في الثلث الأول من سبعينات القرن الماضي . في ضوء ما تقدم ، الأسئلة التي تفرض نفسها بقوة ، هل من وقف وراء الاجتماع مشكوراً ، كانت لديه رؤية متكاملة لكيفية استنهاض الواقع الفلسطيني ويريد طرحها على المجتمعين لتنبنيها بعد مناقشتها ؟ ، أو أنّ المطلوب من الاجتماع هما الصورة والبيان ، لتكون رسائل في أكثر من اتجاه ؟ .
ولماذا لم يتم الاتفاق على بيان مشترك ؟ ، وهل مرد ذلك لأنّ الطريقة التي تتعامل بها حماس مع الآخرين ، ليست بعيدة عن الطريقة التي تتعامل بها فتح تفرداً واستعلاءً على الفصائل ؟ . وهل ذهبت الفصائل إلى الاجتماع والتوجس سيد موقفها ، لأنّ التجربة علمتها أنّ المطلوب هو الاستخدام ليس إلاّ ؟ ، خصوصاً أنّ التجربة أوصلت الفصائل إلى قناعة ، إلى أنّ كل من حماس وفتح إذا ما توافقوا ، أداروا الظهر لها ، وإذا ما اختلفوا يعملون على التقرب منها ، ويكثرون في الحديث عن الشراكة والعمل الجماعي ووحدة الموقف ... الخ ؟ .
أعتقد أنً لكل مجموع الأسئلة المطروحة ، لم يخرج عن ( اللقاء الوطني ) أي شيء ، بل لن يخرج عن أية لقاءات مستقبلية أي شيء ، طالما أنّ الذهنية التي تحكم وتتحكم بالعلاقات الوطنية بين الفصائل ، تنطلق من خلفية الاستخدام والاستقواء والتوطيف والاستثمار في المعارك الجانبية ليس إلاّ . وبذلك مشهد خيبات الأمل سيستمر بسبب لقاءاتٍ لمجرد اللقاء .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت