- خالد أحمد/ منسق إعلامي
في حضرة الرجال تصغر الكلمات فكم رجل يعد بألف رجل وكم رجل يمر بلا عداد بالأمس ترجل أحد القادة التاريخيين للشعب الفلسطيني الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين "القيادة العامة" أحمد جبريل "أبو جهاد" بعد حياة حافلة بالنضال والعطاء على مدار ستة عقود من عمره لم يساوم خلالها قط ولم يبدل تبديلاً في أحد مستشفيات العاصمة السورية دمشق مع صراع قصير مع المرض عن عمر ناهز 83 عاماً .
ولد في قرية يازور قضاء يافا وتخرج من الكلية الحربية في القاهرة في العام 1959م وشارك في تأسيس جبهة التحرير الفلسطينية تيمناً بجبهة التحرير الجزائرية التي كان ينتمي لها الشهيد والأسير المحرر "سمير القنطار" ، كما شارك في تأسيس الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين بقيادة الحكيم "جورج حبش" قبل ان ينفصل عنها ويأسس الفصيل الخاص به والذي حمل نفس الاسم مضافًا إليه "القيادة العامة" ، وقد اغتيل نجله البكر جهاد جبريل عام 2002م في لبنان جراء انفجار عبوة ناسفة أسفل سيارته واتهمت في حينه إسرائيل بتدبيره.
رحل عن عالمنا هذا القائد العسكري الصنديد ولا أبالغ ان قلت بانه آخر عمالقة الشعب الفلسطيني الذي لم يساوره الشك يوماً بأن فلسطين سوف تتحرر من النهر إلى البحر فقد أمن بالكفاح المسلح طريقاً وحيداً لتحرير فلسطين ، ولم يؤمن يومًا بالمفاوضات ، و كيف لا وهو أول من أدخل العمليات الاستشهادية في العام 1974م من خلال عملية الخالصة البطولية تيمنًا بقرية الخالصة الفلسطينية والتي نفذها ثلاثة فدائيين (سوري وعراقي وفلسطيني ) وأوقعت نحو عشرين قتيلاً في صفوف المستوطنين وجرح مثلهم وهو أول من حفر الأنفاق في منطقة الناعمة قرب بيروت على عمق 20 متراً والتي تتسع لكتيبة من المقاتلين كما قال نائبه بالأمس طلال ناجي في لقاء متلفز .
رحل الرجل صاحب أقوى عملية تبادل للأسرى في العام 1985م والتي تم بموجبها اطلاق سراح1150 أسيرًا فدائيًا (فلسطينيًا وعربيًا وأجنبيًا) من بينهم الشيخ الشهيد "أحمد ياسين" والمقاتل الياباني الشهير "كوزو أوكاموتو" الذي اعلن إسلامه فيما بعد مقابل ثلاثة جنود من جيش الاحتلال .
وداعاً لأول من أدخل الطائرات الشراعية في الثورة الفلسطينية عبر مجموعة من الطيارين الشهداء لعل أبرزهم الشهيد السوري "خالد أكر" الذي نفذ عملية قبيه البطولية في العام 1987م حين تمكن من اقتحام "معسكر غبيو" قرب مستوطنة كريات شمونة شمال فلسطين المحتلة وكان مزودًا بأسلحة متطورة وقنابل و كواتم للصوت ،ويحمل بين ملابسه المصحف الشريف ،وأثناء اقتحامه للمسكر بدأ يصرخ ويقول "فلسطين عربية والموت لكم يا أوغاد" بحسب ما صرحت قوات الاحتلال ،وأدت هذه العملية البطولية إلى خسائر فادحة في صفوف الجنود حيث قتل وجرح 36 جندياً بينهم عدد من الضباط لدرجة أن أحد الضباط الكبار ويقال انه قائد اللواء أدى التحية العسكرية للشهيد خالد أكر تقديرًا لشجاعته وبسالته منقطعة النظير .
وتَعتبر "إسرائيل" الراحل أحمد جبريل من ألد أعدائها ، وكان دوماً اسمه في أعلى قوائم الاغتيال، وقد حاولت اختطافه واغتياله مرات عدّة ولكنها فشلت وربما يعود ذلك إلى حسه الأمني العالي فهو بالأساس ضابط محترف .
اليوم تفقد فلسطين والأمة العربية واحدًا من أقوى وأصدق الرجال وأبرز القادة العسكريين منذ فجر الثورة الذي نذر حياته لفلسطين فطوبى لك أبا جهاد مع الخالدين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت