يرى مراقبون فلسطينيون، أن فرص الإدارة الأمريكية برئاسة جو بايدن لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي "ضعيفة" بسبب انشغالها في قضايا أكثر أولوية.
ويقول المراقبون في تصريحات منفصلة لوكالة أنباء "شينخوا"، إن الإدارة الأمريكية تبحث عن إدارة الصراع وليس حله رغم الحديث عن بعض الخطوات الإيجابية اتجاه الفلسطينيين.
ويجمع المراقبون، بأن القضية الفلسطينية تحل في مرتبة متأخرة لدى واشنطن في ظل وجود ملفات أكثر أولوية وإلحاحا.
-- دعوة لخلق أفق سياسي مع إسرائيل --
وأكد الرئيس الفلسطيني محمود عباس (الاثنين) الماضي، أهمية وجود أفق سياسي وإعطاء أمل للشعب الفلسطيني، داعيا إلى تدخل دولي لوقف مخالفة إسرائيل للقانون الدولي.
وطالب الرئيس عباس خلال لقائه في مقر الرئاسة بمدينة رام الله وزير الخارجية الكندي مارك غارنو بحسب ما نشرت وكالة الأنباء الفلسطينية الرسمية (وفا)، المجتمع الدولي وكندا بالتدخل لوقف "الاعتداءات" الإسرائيلية ضد الفلسطينيين.
وأطلع الرئيس عباس بحسب الوكالة، غارنو، على الجهود المبذولة مع الأطراف المعنية لتثبيت التهدئة مع إسرائيل بما يشمل الأراضي الفلسطينية كافة، والعودة للعملية السياسية لإنهاء الاحتلال وتحقيق السلام الشامل وفق قرارات الشرعية الدولية، برعاية اللجنة الرباعية الدولية.
وسبق أن شهدت الأراضي الفلسطينية في مايو الماضي حراكا دبلوماسيا كبيرا إذ جرى اتصال هاتفي بين الرئيس عباس ونظيره الأمريكي بايدن هو الأول منذ تسلمه رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية.
وتلا ذلك زيارات لوزراء خارجية ألمانيا وأمريكيا ومصر والأردن وبريطانيا إلى مدينة رام الله ولقاء الرئيس عباس لبحث تهدئة الأوضاع في الأراضي الفلسطينية والعمل على عودة المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وفي حينه أعلن وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن، عزم بلاده إعادة فتح القنصلية العامة في القدس وتقديم مساعدات تنموية بقيمة 75 مليون دولار، و5 ملايين دعم إغاثي و2 مليون للأونروا.
وتقول وكيلة وزارة الخارجية والمغتربين في السلطة الفلسطينية أمل جادو، إن الجانب الفلسطيني ينظر "بإيجابية للخطوات الأمريكية المعلنة ولكنها غير كافية في ظل عدم لجم إسرائيل عن ممارستها في الأراضي الفلسطينية".
وأكدت جادو في تصريح لوكالة أنباء "شينخوا"، ضرورة قيام واشنطن بخلق حوار سياسي جدي ومعمق لإنهاء الصراع الفلسطيني الإسرائيلي على قاعدة حل الدولتين على حدود عام 1967.
وسبق أن اعترف الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب بالقدس عاصمة لإسرائيل في ديسمبر 2017 ثم أطلق في يناير 2020 خطة سلام مثيرة للجدل معروفة إعلاميا باسم "صفقة القرن".
في وقت رفض الفلسطينيون بشدة أي تعاطي مع الخطة وأعلنوا مقاطعة واشنطن بسبب ما اعتبروه تعديا كبيرا على الحد الأدنى من حقوقهم.
مقابل ذلك طرح الرئيس عباس مبادرة لكسر الأمر الواقع لتراجع القضية الفلسطينية عبر الدعوة لانعقاد مؤتمر دولي للسلام بمشاركة متعددة الأطراف لكنها لم تجد أي آليات فعلية لتنفيذها على أرض الواقع وسط معارضة أمريكية وإسرائيلية.
-- إدارة للصراع وليس حله --
واستبعد المحلل السياسي في رام الله غسان الخطيب، توجه الإدارة الأمريكية لحل الصراع وإنما إدارته من خلال الضغط على الطرفين الفلسطيني والإسرائيلي للحد من تفاقم الوضع والمحافظة على الخيارات مفتوحة مثل خيار حل الدولتين.
ويقول الخطيب لـ "شينخوا"، إن قيام واشنطن بخطوات أكثر من ذلك سيؤدي إلى تصادم مع الجانب الإسرائيلي وهذا لن يحدث لأن الجانبين غير معنيين بمثل ذلك.
ويشدد، على ضرورة استغلال الفلسطينيين الموقف الأمريكي الجديد لتحقيق بعض المكاسب عبر خلق معارضة دولية للتوسع الاستيطاني والانتهاكات الإسرائيلية مثل هدم البيوت والأجراء في مناطق (ج) بالضفة الغربية.
ويشير الخطيب، إلى أن الجانب الفلسطيني يستطيع خلق جبهة دولية تكون فيها واشنطن على الأقل غير معرقلة لتشكل رادع يحد قليلا من الأذى الذي تلحقه إسرائيل في الأراضي الفلسطينية.
-- عدم وجود اهتمام لحل الصراع --
ويرى الدبلوماسي الفلسطيني السابق نبيل عمرو، أن ملف الصراع "لا يحظى باهتمام للقيام بجهد جدي لإنهائه بسبب عدم نضوج الأمور أمريكيا وقدوم حكومة إسرائيلية جديدة ووضع إقليمي مفكك".
ويقول عمرو لـ "شينخوا"، إن إعلان واشنطن عن خطوات تجاه الفلسطينيين " مجرد وعود وليس قرارات سارية المفعول بسبب صعوبات قانونية قد يواجهونها داخل الولايات المتحدة".
وأضاف عمرو، أن المطلوب عقد مصالحة حقيقية وجدية بين حركتي المقاومة الإسلامية (حماس)، والتحرير الوطني الفلسطيني (فتح) تعيد توحيد شقي الوطن والمؤسسات.
بموازة ذلك تبذل القيادة الفلسطينية جهودا قانونية في محاولة لإلغاء بعض القوانين في الكونجرس الأمريكي والتي تمنع وصول المساعدات المالية للشعب الفلسطيني.
وقالت مصادر فلسطينية مطلعة لـ "شينخوا"، إن شركة قانونية تعمل في هذا الاتجاه وكذلك حل بعض القضايا المرفوعة ضد منظمة التحرير الفلسطينية في المحاكم الأمريكية.
-- التحرك الأمريكي مؤقت--
ويقول المحلل السياسي من رام الله هاني المصري، إن موجة التوتر الأخيرة التي شهدتها الأراضي الفلسطينية الأسابيع الماضية "استدعت الإدارة الأمريكية للتدخل بقوة خشية تدهور الأمور وتهديد الاستقرار في المنطقة".
ويوضح المصري لـ "شينخوا"، إن واشنطن "ليست بعجلة من أمرها بشأن الملف الفلسطيني وأية جهود تقوم بها ستكون بطيئة بهدف إدارة الصراع وتخفيف التوتر وليس أكثر من ذلك".
ويتابع، أن إتمام الوحدة الفلسطينية واعتماد استراتيجيات جديدة هي التي تؤدي للضغط على المجتمع الدولي للتحرك، أما الانتظار والاحتكام لردة الفعل، فإسرائيل لن تسمعك إذا لم تكن قويا.
ويشير المصري، إلى أن "الحكومة الإسرائيلية الجديدة برئاسة نفتالي بينيت غير مستعدة لبدء مفاوضات مع الجانب الفلسطيني وترفض التعاطي أصلا مع هذا الملف خشية على وضعها لدى المجتمع الإسرائيلي".
وتوقفت آخر مفاوضات للسلام بين الفلسطينيين وإسرائيل في نهاية مارس العام 2014 بعد تسعة أشهر من المحادثات برعاية أمريكية دون تحقيق تقدم لحل الصراع الممتد بين الجانبين منذ عدة عقود.