أحمد جبريل.. المقاوم العنيد

بقلم: نعيم إبراهيم

الراحل أحمد جبريل
  • بقلم :نعيم إبراهيم

آثر القائد الفلسطيني الأمين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطيني – القيادة العامة أحمد جبريل إلا أن يرحل عن الدنيا في دمشق بعيداً عن مجاهل المنافي وقريبا من بيت المقدس، لأنه كان يدرك دائماً أن هذه العاصمة هي الحاضن الأول والأخير للثورة وللقضية الفلسطينية وأن إشارات النصر المرتقب ستنطلق من هنا من عاصمة الأمويين.

 جبريل الذي قضى حياته «على طريق تحرير الأرض والإنسان» اختار منذ انطلاقة الجبهة الشعبية – القيادة العامة والثورة الفلسطينية المعاصرة في خمسينيات القرن الماضي نهج المقاومة المسلحة جنباً إلى جنب مع الثورة الشعبية ضد العدو الصهيوني انطلاقا من إيمانه الراسخ بفكرتهما وقد حفلت أدبيات الجبهة بالمبادئ والمواثيق التي تتحدث عن هاتين الفكرتين، فكان جبريل الأب الروحي لكل من سار على هذا النهج من رفاقه وحلفائه وأصدقائه في الساحات الفلسطينية والعربية والدولية.

تعرض أحمد جبريل للكثير من محاولات الاختطاف والاغتيال وأحداث الانشقاق في صفوف الجبهة من قبل العدو الصهيوني وأدواته المتعددة فكان أن نال هذا العدو من نجله جهاد أحمد جبريل الذي تم اغتياله في بيروت في العام 2002 انتقاماً منه ومن نهجه وثباته على عدم المساومة والتفاوض والتنازل عن أي شبر من أرض فلسطين التاريخية ورفضه الذهاب إلى المنافي البعيدة وإنزال البندقية عن كتفه.

لذلك تعرضت الجبهة الشعبية – القيادة العامة للعديد من التهديدات والضغوطات وملاحقة قادتها وكوادرها في كل أنحاء العالم وحوصرت عسكرياً واقتصادياً ومالياً طوال مراحل الصراع الوجودي مع المشروع الصهيوني الاستيطاني الاحتلالي ولا تزال حتى الآن.

لقد كان الراحل أحمد جبريل مهندس العمليات الاستشهادية ضد الغزاة الصهاينة والتي نذكر منها على سبيل المثال وليس الحصر عمليات الخالصة وأم العقارب العام 1974 والطائرات الشراعية عام 1987 وفيما بعد في دعم الانتفاضة الفلسطينية بالعتاد العسكري، وإرسال السلاح إلى فلسطين وكذلك عمليات تبادل الأسرى مثل عمليتي النورس عام 1979 والجليل عام 1985 واللتين أجبر فيهما العدو الصهيوني على إطلاق عدد كبير من الأسرى الفلسطينيين والعرب والأجانب من معتقلاته حيث سجل التاريخ الفلسطيني بكل اعتزاز صلابة وحنكة المفاوض الفلسطيني الذي أدار هذه المفاوضات على أكمل وجه.

ولا بد من التذكير مجدداً أن جبريل عرف بتحالفه الإستراتيجي مع سورية، وكان طرفا رئيسيا في كل التحالفات الفلسطينية التي استهدفت معارضة نهج التسوية والمفاوضات، وعرف برفضه لنهج قيادة منظمة التحرير الفلسطينية التي ارتضت المساومة وعقدت اتفاقية أوسلو مع الكيان الصهيوني عام 1993 كما عرف بدأبه لتعزيز محور المقاومة وتأصيله وتعميمه كخيارٍ نقيض لمحور التبعيّة والاستسلام والتطبيع في المنطقة، ومن أجل مراكمة وتوحيد طاقات أبناء الأمتين العربية والإسلامية وقواهما في النضال ضد الكيان الصهيوني وداعميه من قوى استعمارية ورجعية وفي ظل قيادته بقيت الجبهة الشعبية – القيادة العامة تراهن أولاً وأخيراً على عنوان الكفاح المسلح طريقاً وحيداً لتحرير فلسطين وعلى الوحدة الوطنية الفلسطينية الحقيقية ولكل ذلك ولغيره كان القائد الفلسطيني الراحل أحمد جبريل في المكان اللائق به في تاريخ فلسطين والمنطقة.

في دمشق التي أحبها وأحبته، لبى جبريل نداء ربه واحتضنت مقبرة الشهداء في مخيم اليرموك جثمانه إلى جانب جثمان نجله جهاد وعدد كبير من القادة والكوادر والمناضلين في تأكيد على أنه كان وسيبقى رمزاً من رموز نضال الشعب الفلسطيني وأحد مهندسي مقاومته وأحد صناع إنجازاته الخالدة ومؤسس مدرسة نموذجية في العمل الفدائي النوعي المقاوم في سورية بلد المقاومة والصمود وعلى هذا الدرب سيتابع رفاق الراحل الكبير مسيرته حتى تحرير الأرض والإنسان.
 

 

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت