عبد الله سرور .. آخر من يعلم

عبد الله سرور

وحده لم يعلم، ووحده لم يفرح، ووحده لم يحظ بفرصة احتضان عائلته، ووحده لم يتلق التهاني، ووحده لم يفرّق على المباركين حلوى النجاح.

فهناك، حيث يقبع في الزنزانة وحده يتحرى جولة التحقيق المقبلة، بدلا من نتيجة الامتحانات التي تقدم لها قبل اعتقاله بأسبوع، صمّت الجدران آذانه عن صدى فرحة من احتفوا بنجاحه، ولن يسمح لمحامٍ بزيارته ليزف له البشرى.

هذه البشرى انتظرتها عائلة الأسير عبد الله سرور (18 عاما) من بلدة نعلين غرب رام الله منذ نحو عامين، تحديدا يوم وفاة شقيقه الأسير المحرر مصطفى سرور أثناء موسم قطاف الزيتون.

منذ ذلك اليوم، تعيش والدة عبد الله حالة "حداد" على نجلها الفقيد، وكان من الممكن أن تكسر حزنها وتخلع عنها رداءها الأسود فرحا بنجاح ابنها، إلا أن الاحتلال حال دون ذلك، باعتقال اثنين من أبنائها.

اعتقل عبد الله قبل نحو اسبوع، ويخضع منذ ذلك للتحقيق في سجن المسكوبية بمدينة القدس المحتلة، ويمنع من لقاء المحامي، ولا تعلم عائلته عنه أي شيء سوى أنه في التحقيق القاسي المصحوب بالتعذيب الجسدي والنفسي.

يروي الذين مروا بتجربة التحقيق في "المسكوبية" بأن الزمان يتوقف في اللحظة التي يدخل فيها الأسير إلى هناك، ويعجز عن تفسير الحالة التي يمر بها المعتقل، فالزنازين التي يزج الأسرى بها تقع تحت الأرض، ولا ينفذ لها ضوء الشمس أو نور القمر، الأمر الذي يترك المعتقلين فريسة للتهيؤات.

لا تتسرب أي معلومة من الخارج للأسير داخل الزنازين، التي لا يتجاوز أبعاد معظمها عن متر بمتر ونصف المتر، فكيف إن كانت تلك المعلومة يفرح بها الأسير، فالاحتلال يتعمد إخفاء ما من شأنه التخفيف من قسوة التحقيق أو رفع معنويات المعتقلين.

"نتمنى أن نسمع صوته في هذا اليوم، وحتى إن لم نتمكن من ذلك نأمل أن تصله النتيجة، فهو بأمس الحاجة إلى فرحة تزيح عنه عتمة الزنازين"، تقول نور سرور شقيقة الأسير.

كان عبد الله، الذي حصل على معدل 81% في فرع الريادة والأعمال، يحلم بدراسة الهندسة الالكترونية في تركيا، وكان يجهز أوراقه للسفر بغية تحقيق هذا الحلم، لكن اعتقاله أحبط مخططاته.

تضيف نور: "رغم اعتقاله إلا أن العائلة ستفرح، فقبل صدور النتائج بأيام اتفقنا على ألا ينغص فرحتنا شيء، وكأن عبد الله بيننا، فمهما طال اعتقاله فإنه سيفرج عنه، لا نعلم متى ولكن الحرية قادمة لا محالة".

يعاني عبد الله من ضعف في النظر، وعند اعتقاله مساء السادس والعشرين من تموز/ يوليو الماضي، أسقط جنود الاحتلال نظارته الطبية وعصبوا عينيه، وبدا أنه أصيب بآلام نتيجة لذلك، وأبقوه مكبلا حتى ساعات الفجر، كما تروي عائلته التي كانت ترافقه في طريق العودة إلى نعلين من رحلة ترفيهية.

في تلك الليلة، اعتقل عبد الله على حاجز طيار قرب بلدة دير بلوط غرب سلفيت، مع شقيقه الأكبر محمد الذي يقبع حاليا في سجن "عوفر" غرب رام الله.

ووفق هيئة شؤون الأسرى والمحررين فإن سلطات الاحتلال الاسرائيلي تواصل اعتقال نحو 25 طالبا من الثانوية العامة، والذين اعتقلوا وهم على مقاعد الدراسة، كما سيتقدم 520 أسيرا لامتحانات الثانوية داخل سجون الاحتلال.