في "كبانية أم هارون" الأراضي الغربية من حي الشيخ جراح بالقدس المحتلة، فاجأت الطالبة في الثانوية العامة أسيل محمد الكرد (18 عاما) العالم بحصولها على معدل 98.7 بالفرع العلمي، بالرغم من الأحداث اليومية التي وقعت أمام منزلها المهدد بالإخلاء القسري لصالح المستوطنين طوال الأشهر الماضية.
أسيل الطالبة في مدرسة الفتاة الثانوية الشاملة في القدس، كانت مهمتها "جسيمة" والمسؤولية على عائلتها كبيرة في دعمها ومساندتها لاجتياز امتحانات "التوجيهي" في حي الشيخ جراح الذي يشهد أطول معركة قضائية في تاريخ الاحتلال الإسرائيلي.
تعيش أسيل مع عائلتها المكونة من 6 أفراد إلى جانب عمتها وجدتها، بمنزل لا تتجاوز مساحته 90 مترا مربعا، وهو عبارة عن غرفة معيشة وقاعة استقبال. منزل قديم مهدد بإخلاء سكانه لصالح المستوطنين وتدعي الجمعيات الاستيطانية ملكيته.
"كنت اتنقل في منزلنا من غرفة إلى غرفة أثناء دراستي بسبب أصوات قنابل الصوت التي كانت تهز المنزل، واستفزازات المستوطنين اليومية في الحي" تقول أسيل.
وتضيف "اندلعت النيران في مركبة أحد المستوطنين أمام منزلنا بينما كنت استعد لتقديم الامتحانات النهائية، وكانت الشرطة الإسرائيلية تحاصره، وتضيق على سكان الحي والمتضامنين وتمنعهم من الصول الينا".
وتقول أسيل، إنها ستحقق حلمها في خدمة أبناء الحي عبر دراستها للطب، وأن هذا الفضل يعود لعائلتها التي ساندتها في تحدي الظروف المحيطة، وأن أحد أكبر اسرار نجاحها هو صمودها في منزلها واعتمادها على نفسها، بالإضافة إلى الدراسة والجهد المستمر والمنتظم.
عمتها عبير الكرد، التي تعيش معهم في المنزل لم يتسع قلبها للفرح، بعدما استطاعت ابنة أخيها تحقيق حلمها في الحصول على علامة مميزة في الفرع العلمي توطئة لدراسة الطب في جامعة القدس.
وتقول عبير، رغم إجراءات الاحتلال خلال الفترة السابقة من اقتحامات مستمرة للحي وإطلاق القنابل بكثافة، وأصوات المستوطنين، ورش المياه العادمة أمام منزلنا، والإغلاق المشدد المفروض على الحي، استطاعت اسيل الصمود وأصرت على النجاح، ذلك أن الذكاء والجهد هو أداة سريعة في الحصول على النجاح، لكن أسيل أثبتت أن سر تفوقها يعود لمحاولتها إثبات أنه يمكن خلق حياة طبيعية في حي الشيخ جراح، رغم القلق اليومي وممارسات التهجير والاقتلاع.
يقول والد أسيل، محمد الكرد (44 عاما)، إن ابنته تمكنت من إظهار صورة مختلفة للعالم، عكس الصورة التي يريدها الاحتلال من فرض واقع مرير على أهالي الحي، وأن أهالي الشيخ جراح يجتمعون على الخلاص من الاحتلال كلٌ بطريقته.
يشار إلى أن المحكمة العليا الإسرائيلية، أجلت أمس البت في قرار إخلاء وتهجير 4 عائلات من حي الشيخ جراح، "الجاعوني، الكرد، سكافي، والقاسم" دون تحديد الموعد، ووصف طاقم الدفاع عن أهالي حي الشيخ جراح الجلسة بـ"الصعبة"، قدموا خلالها على مدار خمس ساعات إثباتات الحق القانوني للأهالي في حي الشيخ جراح.
ويشهد حي الشيخ جرّاح في القدس المحتلة منذ 13 نيسان الماضي، جولة ساخنة من المواجهات بين شرطة الاحتلال والمستوطنين الإسرائيليين من جهة، والمواطنين الفلسطينيين من جهة اخرى احتجاجا على قرارات الاحتلال إخلاء 12 عائلة مقدسية من منازل شيدتها عام 1956، والتي تزعم جمعيات استيطانية أنها أقيمت على أرض كانت مملوكة لليهود قبل 1948، فيما يسعى أهالي الحي إلى التوجه للمحكمة الجنائية الدولية بعد أن أصدرت مؤخرا قرارا اكدت فيه ان القدس الشرقية أرضا محتلة، وأن إخلاء السكان الفلسطينيين منها يمثل جريمة حرب حسب الاتفاقيات الدولية.