قال رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق سلام فياض، إن على "السلطة الفلسطينية اتخاذ موقف جاد لكسب ثقة الشعب بداية بالاستماع للفلسطنيين وخاصة الشباب الغاضب من الأحداث الجارية من الاحتلال والوعد بالحرية الذي لم يتحقق."
وقال فياض في لقاءً مع الصحافة الدولية عبر تطبيق "زووم"، ردًا على ما تردد عن إمكانية توليه رئاسة حكومة وحدة وطنية جديدة ، "إنها مجرد تكهنات، كانت تتردد قبل عودتي من الولايات المتحدة إلى فلسطين في أبريل الماضي"، لافتًا إلى أن "شائعات ترددت عن عقدي جلسة مطولة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس حتى قبل عودتي إلى فلسطين أساسًا، وبعدها تحدثت تقارير عدة عن لقاءات جمعتنا".
وأوضح فياض أنه التقى الرئيس عباس مرة واحدة فقط، بعد فترة من عودته إلى فلسطين وقبل أيام من زيارته لقطاع غزة، حيث ناقشا الأوضاع الراهنة على الصعيد الداخلي والدولي.
ونفى فياض أن تكون لقاءاته مع حركة "حماس" تناولت تشكيل حكومة، موضحًا أن هذا الحديث "غير منطقي"، وقال: "لا يمكن أن تبحث عن تشكيل حكومة جديدة بدون أن تكلف بذلك".
وأوضح أن زيارته لغزة كانت جيدة وطبيعية ومثمرة، لافتًا إلى أنه تحدث مع المواطنين عامة، وكذلك مع الفصائل بمن فيهم حماس والجهاد والجبهة الشعبية والجبهة الديمقراطية حول أفكار وتصورات وضعها منذ سنوات عن الوضع في القطاع والمساواة بين الفلسطينيين من جديد بشكل هادف.
وشدد على أنه لم يكن هناك أي مشاورات مباشرة أو غير مباشرة حول تشكيل حكومة جديدة، وأن كل ما قام به هو عرضه لسبل الوحدة والمساواة بين الفلسطينيين.
وأشار فياض إلى أنه يعتبر أن نقطة البداية بالنسبة لكل الفلسطينيين هي العمل على إعادة وحدتهم، ومن ثم استعادة التمكين الذي يحتاجه الفلسطينيون للمضي قدمًا والابتعاد عن حافة الخطر، قائلا : "أتحدث عن الأمر بشكل عام وليس عن أن ألعب دورًا في هذا".
وحول إمكانية إنهاء الانقسام الفلسطيني، قال فياض إن إعادة الوحدة الفلسطينية أمر ممكن، عبر معالجة العناصر الأساسية فيما يتعلق بملفي المنظمة والحكومة، ودون وضع شروط مسبقة، ومن ثم إجراء انتخابات عامة، مشيرًا إلى أنه بحث هذا الأمر خلال زيارته الأخيرة إلى غزة.
ودعا فياض إلى ضرورة استغلال الوقت الذي يهدر في الانقسام الحالي بين القيادات الفلسطينية، والبدء في بناء مجتمع فلسطيني، وتمكين الفلسطينيين من أجل الإجماع حول القضية ومناقشة الآراء وإقامة علاقة تقوم على الاستماع بين الحكومة والمواطنين، خصوصًا في ظل عدم وجود طرح سياسي، فالعملية السياسية غير مطروحة حاليًا وبالتالي يغيب احتمال الوصول إلى حل لإقامة الدولة الفلسطينية.
وناشد رئيس الوزراء الفلسطيني الأسبق، سلام فياض، المجتمع الدولي بالوقوف إلى جانب إقامة الدولة الفلسطينية واعتراض أي فيتو يعرقل احتمالية الوحدة الوطنية، موضحًا أن الانقسام لن يسفر عن أي تقدم نحو نيل الحرية.
وأكد فياض أن الشعب الفلسطيني بدأ يفقد الثقة في قيادته منذ عدم الإيفاء ببنود اتفاقية أوسلو الموقعة مع إسرائيل برعاية دولية في عام 1993، ولكن بعد مايو/أيار 1999 ، حيث لم يحدث تقدم في مفاوضات قضايا المرحلة النهائية كما تنص عليه الاتفاقية، وما تلاها من سنوات الانتفاضة، بدأ الشعب يشعر بفقدان الثقة في هذا الحل،
ومن ثم فإن إخفاق الاتفاقية في ضمان إقامة دولة للشعب الفلسطيني كان عاملًا رئيسيًا في إثارة الشكوك في السلطة الفلسطينية، ما أدى إلى حالة من الاستياء بشكل تدريجي، وخرج الشعب في السنوات الأخيرة إلى الاحتجاج في الشوارع وهو ما كان أمرًا نادرًا، ليس لأن الشعب غير غاضب من الطريقة التي يُحكم بها، ولكن لشعوره بأن السلطة الفلسطينية محاصرة ومضطهدة من إسرائيل والمجتمع الدولي.
وقال فياض إن بإمكان السلطة الفلسطينية ومن واجبها أن تكون أداة تمكين للشعب الفلسطيني، وبمقدورها أن تقوم بهذا التحول وبشكل أساسي من خلال سماع مطالب الشعب.
وحول خطط عودته إلى العمل السياسي في فلسطين والاستشارات التي قد يمد بها السلطة الفلسطينية خاصة مع وجود الحكومة الإسرائيلية الجديدة التي ترفض حل إقامة الدولتين، قال فياض: "فعلت كل ما بوسعي للترشح في الانتخابات التي تم إلغاؤها، لكن حاليًا ليس لدي أي خطة، وفي حال الإعلان عن إجراء انتخابات جديدة سأفكر في احتمالية الترشح حسب الموعد المقرر لها". مضيفًا: "اعتقد أن الانتخابات التي أُلغيت كان يجب أن تسبقها حالة من الوحدة، لذا يجب أن نقوم أولًا في الوقت الراهن بإعادة توحيد الصف الفلسطيني وبحث سبل تشكيل حكومة تجمع بين قطاع غزة والضفة الغربية، وهو أمر مطول وقد يستغرق سنوات لإنهاء سنوات من الانقسام، وعلينا البدء من الآن في العمل على ذلك".
وأوضح فياض أنه لا يصح التحدث عن كيفية التعامل مع الحكومة الإسرائيلية الجديدة قبل معالجة حالة الانقسام الداخلي التي يجب أن تكون لها الأولوية .
ولفت إلى أنه لن تكون هناك كلمة مسموعة للقيادة الفلسطينية بدون العمل على أجندة لإعادة الوحدة الوطنية والتعاون مع الأشقاء العرب بدءاً بمصر والأردن، وضمان أجندة عمل على مدار العامين القادمين، ومن ثم التعامل مع الحكومة الإسرائيلية بشكل يرفض التهاون بأي من حقوقنا الوطنية المشروعة.
لكن فياض أكد أن أمر إعادة توحيد القيادة الفلسطينية في إطار السلطة والمنظمة ليس سهلًا، وإلا كان تم تحقيقه منذ الانقسام في عام 2007، موضحًا أنه يأمل في تحقيقها في ظل جهود الوساطة التي ترعاها مصر بشكل مستمر، وجهات أخرى من حين لآخر، وتابع "علينا ألا نفقد الأمل".
وقال فياض : "إن الرئيس عباس لديه سلطة ليست لدى أي فصيل فلسطيني أو أي جهة فلسطينية أخرى حاليًا، وهي سلطة الدعوة لعقد لقاء يشمل الجميع، للحوار الوطني، وهو ما يمثل تحديًا في الوقت الحالي، أما بالنسبة لحماس، فإنها تسيطر على قطاع غزة سيطرة كاملة، وإشراكها في الحوار الوطني لابد منه، وهو ما يجسد الوحدة الحقيقية القائمة على التعددية والاستقواء به".
ورأى فياض أن "الأمور المتعلقة بمعبر رفح ينبغي أن يتم بحثها بين مصر والسلطة الفلسطينية التي تشكل حماس جزءًا منها ، وليس بين لا مصر وحماس كفصيل (كما هو قائم اليوم)".
ودعا فياض إلى إنهاء الحصار المفروض على قطاع غزة والسماح بحرية تنقل سكان القطاع من وإلى الضفة الغربية والسفر عبر معبر رفح من خلال التعاون بين وجود أجهزة الأمن الفلسطينية والمصرية، وليس تعامل السلطات المصرية مع إحدى الفصائل الفلسطينية -في إشارة إلى حركة حماس-، وقال: "أسلوب التعاون بين حكومات الدول وبين بعضها مختلف بكل تأكيد"، مشددًا على أن هذا هو الأسلوب الصحيح في التعامل الإقليمي والدولي، مما سينعكس إيجابيًا على حياة المواطنين في قطاع غزة.حسب موقع صحيفة "دار الحياة".