"نحن نعيش في أزمة مياه حادة، ويلاحقنا خطر كبير على المدى البعيد في حال استمرار سوء استهلاك المياه، وقضية ترشيد الاستهلاك هي مسؤولية جماعية وتضامنية ولا تقتصر على فرد معين أو جهة بعينها، لا بد أن تتلاقى وتتكاثف جهود كافة فئات المجتمع والمؤسسات المدنية والحكومية والبلديات، لنصبح مجتمع يعي ويقدر قيمة المياه ويحافظ على مواردها المحدودة، ويحفظ حق الأجيال فيها، وبذلك نقضي على أسلوب التعامل بأنانية وفردية في استهلاك المياه ونخفف من مخاطر إهدارها". هذا ما يقوله أحد المشاركين في ورشات التوعية التي ينفذها مركز الإعلام المجتمعي بغزة حول "ترشيد استهلاك المياه".
وتأتي هذه الورش ضمن مشروع "نحو تعزيز وحماية حقوق الإنسان بشكل أفضل في جنوب الضفة الغربية، والقدس، وقطاع غزة - ماء وأرض"، الممول من الاتحاد الأوروبي، والمنفذ من معهد الأبحاث التطبيقية - القدس (أريج)، وشركاؤه مؤسسة تنمية وإعلام المرأة (تام)، ومركز مصادر التنمية الشبابية - الخليل (YDRC).
وشارك (116) شخص من أهالي مناطق محافظة رفح من كلا الجنسين ومن كافة الفئات خصوصاً المزارعين/ات وربات البيوت وذوات الإعاقة في (6) لقاءات توعية، تم تنفيذها بالتعاون مع (6) مؤسسات شريكة في رفح، كجمعية الأمل لتأهيل المعاقين، ومجددون التنموية الخيرية لدعم الشباب، ومركز البرامج النسائية – رفح، وجمعية الجنوب لصحة المرأة، وأصدقاء الطفل الفلسطيني، بالإضافة لجمعية وفاق لرعاية المرأة والطفل.
وقالت "عندليب عدوان – مديرة مركز الإعلام المجتمعي" أن هذه الورش تهدف لرفع مستوى الوعي بأهمية وقيمة المياه في الواقع الذي تطول فيه مشاكل المياه من تلوث وشح وتقلص الموارد لكافة أفراد المجتمع، حيث نقف خلال هذه الورش على الأسباب والعوامل ونتفاكر مع أهالي محافظات قطاع غزة فيما يمكننا فعله كأفراد وجماعات ومؤسسات لتخفيف حدّة هذه الأزمة، ونُطلع المشاركين/ات على ما يتعرض له الحق في المياه من انتهاكات قد تتوه في جُملة الانتهاكات التي تتعرض لها معظم الحقوق الأساسية يومياً.
ويتدرّج ((CMC في موضوعات ورش التوعية لنقل المشاركين/ات من الوعي بالمشكلة الى الممارسة والسلوك الذي يُساهم في تخفيف مشاكل المياه ولمس الأثر الحقيقي على أرض الواقع، حيث تم تنفيذ (10) لقاءات توعية حول "الحق في المياه، بين المواثيق الدولية والمحلية وانتهاكات قوات الاحتلال في الأراضي الفلسطينية المحتلة"، استهدف فيها كافة محافظات قطاع غزة. ويعمل مركز الاعلام المجتمعي خلال هذه المرحلة على تنفيذ (10) ورش أخرى لرفع وعي الجمهور حول "ترشيد استهلاك المياه".
وتتناول لقاءات التوعية “ترشيد استهلاك المياه" موضوع تلوث المياه في قطاع غزة بشكل عام، وأسباب ومصادر تلوث مياه الشرب وكيفية معالجتها، بالإضافة لمعايير الجودة الكيميائية لمياه الشرب، كما وتُركز على الهدف من الترشيد، والذي يتمثل في التوجيه نحو الاستخدام الأمثل للمياه الصالحة للشرب والمحافظة عليها، وتخفيض قيمة فاتورة الاستهلاك، والمحافظة على موارد المياه المحدودة، وغيرها.
كما تتناول اللقاءات كيفية الترشيد في استخدام المياه، والممارسات البديلة للاستخدام اليومي للمياه، وتُركز أيضاً على اقتراح حلول لترشيد استهلاك مياه الري، والتي تتمثل في استعمال وسائل الري الحديثة، استعمال مواد عضوية لتحسين بناء التربة، الري في المساء أو الصباح الباكر، تشجيع برامج الزراعة العضوية لتحسين خصائص التربة، ورفع مستوى الوعي لدى الفلاحين.
وتتطرق ورشات التوعية لسياسات واستراتيجيات تطوير قطاع المياه والصرف الصحي في قطاع غزة، وإمكانية حماية مصادر المياه الفلسطينية، وتحسين وتطوير خدمة المستهلك، وتقترح أيضاً حلول مختلفة لإنهاء أزمة المياه في قطاع غزة.
فيما عبر المشاركون/ات عن استعدادهم لتحسين استخدام واستهلاك المياه في منازلهم، سواء مياه الشرب أو التنظيف أو الزراعة، وقدموا توصيات متعددة لترشيد استهلاك المياه وتخفيف أزمة المياه في قطاع غزة، ومنها إعادة تدوير المياه العادمة واستخدام المياه المستصلحة في الري، وتحسين شبكات المياه وكفاءتها لتفادي إهدار المياه، بالإضافة لزيادة عدد ساعات ضخ المياه وتقليل الفارق بين مواعيد ضخها وذلك لتحقيق توازن في وصول المياه للبيوت واستخدامها، واقترحوا أيضاً استغلال الجريان السطحي للمياه كالوديان وغيرها بإنشاء آبار وخزانات جوفية تستخدم لأغراض الري أو تكريرها وفلترتها للاستخدامات اليومية، بالإضافة لتشديد الرقابة على الشاليهات والمنتجعات التي تستهلك كميات مياه كبيرة، والعمل على تكثيف ورش التوعية بترشيد استهلاك المياه للمزارعين/ات والمواطنين/ات من كافة الأعمار والفئات.
يُشار إلى أن "مركز الإعلام المجتمعي" يستكمل سلسلة ورش التوعية حول "ترشيد استهلاك المياه" في باقي محافظات قطاع غزة، خاصة بعد نجاح سلسلة اللقاءات السابقة واستمرار توصيات المشاركين/ات بتكثيف لقاءات التوعية.
من الجدير بالذكر أن مركز الإعلام المجتمعي (CMC) مؤسسة أهلية تعمل بقطاع غزة منذ عام 2007، تسعى لتطوير دور الإعلام في تناوله للقضايا المجتمعية، وتعزيز قيم الديمقراطية والمساواة وثقافة حقوق الإنسان، مع التركيز على قضايا المرأة والشباب وتسليط الضوء عليها بشتى الوسائل الإعلامية ضمن النهج القائم على حقوق الإنسان.