- د. فايز أبو شمالة
لن يجرؤ العدو الإسرائيلي على مهاجمة إيران بشكل مباشر، وقد أثبتت السنوات الماضية أن كل تهديدات القادة الإسرائيليين لم تخرج إلى حيز التنفيذ، وظل الهدف من التهديد هو تحريض أمريكا وحلفائها على العمل ضد إيران، وتقديم المزيد من المساعدات العسكرية والمالية لإسرائيل، وقد نجحت هذه السياسة في تحقيق أهدافها حتى اللحظة..
التحريض الإسرائيلي ضد إيران، والتحشيد الدولي ضدها لا يختلف كثيراً عن التحريض الإسرائيلي قبل سنوات على ضرب العراق، حتى إذا اكتمل تشكيل التحالف الدولي ضد بلاد الرافدين، نأى العدو الإسرائيلي بمقدراته عن المشاركة في التحالف الدولي، أو تم استثناء العدو، وفق السياسة الأميركية؛ التي رأت أن تظل إسرائيل في منأى عن المشاركة في ضرب العراق، حرصاً على سلامة التحالف الذي تشارك فيه عدة دول عربية، وهذا هو الحال في هذه الأيام، إذ تسعى أمريكا إلى تشكيل حلف غربي مع بعض الدول العربية، يقوم بمهمة ضرب إيران نيابة عن إسرائيل، التي ستظل في منأى عن التورط في حرب مفتوحة غير مضمونة النتائج.
الحرص الأمريكي على عدم تورط إسرائيل في أي مواجهة مع إيران يعكس الحرص الأمريكي على أمن وسلامة إسرائيل، فإسرائيل تمثل ركيزة الأمن الأمريكي في المنطقة، وانهيار الأسطورة الإسرائيلية التي لا تقهر، يعني انهيار السياسة الأمريكية في الشرق، وهذا ما تدركه إيران، التي تحرص على زج إسرائيل في أي مواجهة قد تنشب في مياه الخليج، فإسرائيل نقطة الضعف الأمريكية، وهذا ما تدركه إيران، وما تحرص على توظيفه بشكل جيد.
إسرائيل هي نقطة ضعف أمريكا في المنطقة، وهي القاعدة الأمريكية الهشة، والقابلة للتفكك والاختفاء عن الخارطة مع أي مواجهة، لذلك لا تترد إيران عن التهديد بمسح إسرائيل عن الخارطة؛ مجرد التلويح بأي إجراءات عسكرية ضد إيران، وبهذا المنطق السياسي الدقيق والحساس تتجلى قيمة حزب الله الاستراتيجية، وقوة تأثره على مسار الأحداث في المنطقة، فهذه القوة العسكرية المتراكمة التي بناها حزب الله بدعم إيراني مباشر، هي ورقة إيران القوية في المنطقة، وهي السيف المسلط على العنق الإسرائيلية.
قبل أيام؛ انطلقت صواريخ حزب الله ضد العدو الإسرائيلي داخل مزارع شبعا، وكانت تحمل رسالتين: الأولى، لها علاقة بالأوضاع الداخلية في لبنان، والضائقة الاقتصادية التي حبكت خيوطها إسرائيل وحلفاؤها، فجاءت الصواريخ لتقول: لن نمون وحدنا، ولن نركع للضغوط، وسنقاتل حتى يرفع الحصار عن لبنان ، والرسالة الثانية تقول: لا أمن لإسرائيل إذا تعرض أمن إيران لأي خطر من التحالف الغربي؛ الذي راح يتشكل حتى هذه اللحظة من بريطانيا ورومانيا وأمريكا.
لقد انطلقت صواريخ حزب الله لتقطع طريق التهديدات الإسرائيلية والأمريكية ضد إيران، وتحدثت الصواريخ بلغة القوة: نحن هنا، ولا حرب ضد إيران دون أن تكون إسرائيل في قلب المعركة، والمعركة لن تقف عند حدود شمال فلسطين المحتلة، ولن تقف على إطلاق الصواريخ، فقد تتجاوزها إلى الاقتحام، وهذا هو منطلق الفزع الإسرائيلي، والخشية من حرب شاملة مع حزب الله، لذلك تتفادى إسرائيل التصعيد، وتكتفي بما تحيكه من مؤامرات، وما تدبره من عقوبات اقتصادية ضد لبنان، وبعد التشاور مع أمريكا، لم تقصف طائراتها لبنان، ولجأت بدلاً من ذلك إلى قصف مواقع للمقاومة الفلسطينية في قطاع غزة، في خطوة تفضح الضعف الإسرائيلي، أو تكشف الحذر الإسرائيلي من نبش عش الدبابير في لبنان.
تطور الأحداث في المنطقة يؤكد أن الربط بين المقاومة في قطاع غزة وبين المقاومة في الجنوب اللبناني، لا يقل أهمية عن الربط بين مصير حزب الله في لبنان وبين مصير إيران، فالعدو واحد على كل الجبهات، والمعركة واحدة، والمصير واحد في كل ساحات المواجهة، وعليه يجب أن يكون قرار الدفاع عن المقدسات الإسلامية والأراضي الفلسطينية واللبنانية والإيرانية قراراً موحداً وجريئاً، لا يخشى اللائمين، ولا يرتهن لحسابات المطبعين.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت