- المحامي علي ابوحبله
المأزق الحقيقي الذي يواجه مفهوم السياسة، هو انعدام مفهوم المصلحة العامة في ثقافة مجتمعنا وحتى في القوى والفصائل الفلسطينية ، و أن دلالة مفهوم المصلحة تؤشر معنى سلبياً أو لا أخلاقي! وهنا تكمن إشكالية سوء الفهم التي تنعكس على ممارسة العمل السياسي.
في حين عملية الاقتران بين السياسة والمصلحة العامة تشير إلى أن المصلحة المقصودة هنا كل ما يجتمع عليه رأي المواطنين في المجتمع من سيادة حكم القانون، وحفظ السلم والأمن، والرغبة بالحياة الحرّة والكريمة. وهذه المحددات هي المعيار الذي يؤسس للسياسة مشروعيتها، وليس المصلحة الخاصة لمن يدير الشأن السياسي. ولذلك تكسب السياسةُ مشروعيتَها مِن أدائها وظائفَ تُحقق المصلحةَ العامة، وهذه هي الغاية الرئيسة من التأكيد على أحقية المجتمع في إدارة الشأن العام، باعتبارها السبيل إلى تحقيق المصلحة العامة التي تجسدها السياسة.
وتكون إدارة المصالح المتعارضة والمتناقضة مع المصالح العامة هي مسؤولية الدولة، ولذلك لا يمكن أن نتحدث عن سياسة بهذا المفهوم مالَم تكن لدينا دولة تحكمها المؤسسات وليس توافقات وصفقات وتحالفات تعمل بعناوين سياسية انيه وفصائليه .
لا يمكن للسياسة أن تجسد مفهوم المصلحة العامة إذا كان العمل فيها وممارستها يجري على أساس تقاسم الحكم وغنائم السلطه بين عناوين سياسية تدعي تمثيل فصائلي ، تقاسم مؤسسات السلطه ومنافذها الاقتصادية في ظلّ غياب مستمر للمحاسبة والمسائلة، ليكون في النهاية نموذج استغلال المناصب الإدارية والسياسية، وقد أضحى كلُّ شيء في مجتمعاتنا يفسّر على أنه سياسي! بيد أنه بعيد تماماً عن العمل السياسي المرتبط بمفهوم المصلحة العامة. ومن ثمَّ، الإصلاح الحقيقي يبدأ من التثقيف للسياسة بمفهومها المرتبط بالمصلحة العامة، وليس مصلحة الشخصيات ولا الجماعات التي تمارسها عملياً بعناوين التغالب والغنيمة. وبالتالي تكون شرعية السياسة- كما يحددها المفكر المغربي عبد الإله بلقزيز- فيما تؤديه من وظائف؛ فهي إذ تنصرف إلى خدمة المشترك الاجتماعي العام، وتحاسب على ما أدّتهُ أو لم تُؤدّهِ في هذا الباب، أي تُحاسب طبقاً لمعيار مطابقتها أو عدم مطابقتها للمصلحة العامة.
إنها، في النهاية، تكليف مجتمعي بشري، لا يطلب من الموكلين إليهم أمْرُهُ سواء أداؤُهُ على النحو المرضي، باحترام الأمانة، التي هي تفويض من المجتمع، واحترام القوانين، التي تمثّل تعبيراً عن إرادة المواطنين، على النحو الذي يحصل معه حسن الانجاز، أي تحقيق التطابق بين السياسة وموضوعها (المصلحة العامة).
عرف قاموس "وبستر" للمصطلحات السياسية الإصلاح السياسي بأنه "تحسين النظام السياسي من أجل إزالة الفساد والاستبداد". ويعتبر الإصلاح السياسي ركناً أساسيا مرسخاً للحكم الصالح، ومن مظاهره سيادة القانون والشفافية والمشاركة الشعبية في اتخاذ القرار والعدل وفعالية الإنجاز وكفاءة الإدارة والمحاسبة والمسائلة والرؤية الاستراتيجية، وهو تجديد للحياة السياسية، وتصحيح لمساراتها، ولصيغها الدستورية، والقانونية، بما يضمن توافقاً عاماً للدستور، وسيادة للقانون، وفصلا للسلطات، وتحديداً للعلاقات فيما بينها، وهو التعريف الذي يتبناه برنامج الأمم المتحدة لإدارة الحكم في الدول العربية.
وهنا يبرز السؤال المهم والاهم عن التعديل الوزاري وتحت أي تعريف يمكن توصيفه
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت