- الكاتب عبد اللطيف العبي
تفصلنا سويعات قليلة، قبل أن تبدأ احتجاجات يوم الغضب الذي دعت اليه الفصائل الفلسطينية يوم السبت المقبل الموافق ل 21 اب وهو المصادف ل ذكرى حرق المسجد الأقصى المبارك سنة 1969، وتتحد المقاومة من هذا اليوم فرصة لتحريك الشارع في غزة من اجل توجيه رسالة الى حكومة الاحتلال، في ظل مماطلتها وتنصلها من الالتزامات المتعلقة بإنهاء الحصار.
تدفع بعض القوى الفاعلة في القطاع وفي مقدمتها حماس، الى جانب بعض القوى الوطنية في الضفة الى أن يكون محتوى الرسالة التي سيتم ايصالها الى الاحتلال قوية حتى وان استدعى الامر الدخول في اشتباك مع القوات المتواجدة على السياج الجدودي، ولكن إسرائيل لن تفوت الفرصة للرد بالعنف متحججة بحماية حدودها وجنودها، مما قد يعرض المواطنين العزل الى الخطر، الأمر الذي لا يبالي به المنظمون لهاته الاحتجاجات، بل هو فرصة لتصوير وحشية الاحتلال اتجاه الشعب المحاصر.
خلفت إحتجاجات سنة 2018، شهيدا و220 اصابة دون أن يتعاطف الرأي العام العالمي مع وضع الفلسطينيين، بل ذهب الحد ب منظمة هيومن رايتس وتش الى اعتبار ماحصل على أنه رد فعل طبيعي تنتهجه اسرائيل ضد من يهدد امنها الدولي وعنونت المنظمة في موقعها حول هاته الاحداث، بعنوان " لاتلومو حماس على سفك الدماء في غزة " واتهمتها بجعل المواطنين يدفعون فاتورة باهضة لخدمة مصالحها الضيقة وأستغلت الأخطاء التنظيمية، لصياغة القرائن، على أن حماس تعمدت أن تنقل الاحتجاجات من السلمية الى المواجهات النارية، وقال شهود لمحققين من هيومن رايتس ووتش إن معظم المتظاهرين لم يتم تفتيشهم، وأفاد المتظاهرون بأنهم شاهدوا عددا صغيرا من الرجال المسلحين في المظاهرات، وعددا كبيرا من الأشخاص يلقون الحجارة، بما في ذلك بالمقاليع، ويرمون قنابل حارقة ويطلقون طائرات ورقية بمواد حارقة ، وهذا ما شرعن الرد الإسرائيلي على الاتهامات التي طالتها بخصوص استهداف العزل في الاحتجاجات.
تخطأ حماس في كل مرة تقود فيها تحركا شعبيا ضد الاحتلال، باختيارها ايديولوجية التصعيد الذي يعود بالمضرة أكثر بالمنفعة، وتمنح في كل مرة فرصة للاحتلال بأن ينهي المشهد على حسب السيناريو المناسب له، وتسوق الصورة الى العالم الخارجي على أن منظمة حماس انتهجت خطوة غير مدروسة العواقب اتجاه شعب غزة، بينما تسوق حماس لنفسها في الداخل الفلسطيني صورة المدافع الأول عن حقوق الشعب الفلسطيني وتنتشي بنصر داخلي لايغير قواعد المعادلة في صالح الفلسطينيين، بل يزيدهم المزيد من تكبذ الخسائر في الارواح والممتلكات، ثم تنطلق البروباغاندا الاعلامية التي تشوه صورة جميع من يقرأ المشهد على خلاف أهواءها ومن يحاول أن يبرز مواطن الخلل في سياسة حماس التي لاتجلب الا المزيد من الضرر .
نحن نحاول تحليل الوضع بواقعية وباظهار أخطاء حماس التي لاتخدم القضية الفلسطينية بأي شكل من الأشكال، نقع تحت طائلة التخوين، ولكن الحقيقة التي تعرفها حماس وتتجاهل الانصات اليها قد تكون طوق النجاة الذي ينقد ما تبقى من القضية الفلسطينية وصورتها التي تصل الى العالم الخارجي، اذ ان انكار ما لهذه الصورة والمشاهد من تأثير على الرأي العام العالمي، اكبر خطأ تقترفه المقاومة ضد نفسها وضد شعبها .
ينبغي لكل مقاومة أن تأخد بعين الاعتبار سمعتها في العالم الخارجي وأن تعي جيدا أن للعمل السلمي دور كبير في زيادة دعمها دوليا وابعاد شبهات الارهاب والدفع نحو سقوط القتلى والجرحى، ينبغي أيضا للشعب في غزة أن يواجه نفسه بمنتهى الحقيقة وان لا يكذب على نفسه بأن الخيار التصعيدي الذي تنتجه في حماس في كل مناسبة، لا يصل الى نتائج ملموسة بقدر مايزيد من المعاناة وتجاهل المجتمع الدولي.
ربما تكون فتح أكثر تقديرا للموقف الدولي وأكثر قابلية للتعاطف معها من أي طرف آخر في المعادلة الفلسطينية نظرا لأنها تجيد التسويق لحق الشعب الفلسطيني في قيام دولته الفعلية وعاصمتها القدس الشريف تحت أطر الشرعية الدولية ووفق مبدأ السلمية أولا، وتبتعد عن كل ما يدفع الى اراقة الدماء والحاق الضرر بالفلسطينيين وتشويه سمعة المقاومة الفلسطينية.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت