الوطن الفلسطيني ليس عقيم

بقلم: رامي الغف

رامي الغف
  •  كتب: رامي الغف*

 لقد آن الأوان لنا أن نضع النقاط على الحروف، ونسمي المسميات بأسمائها الحقيقية دون تزليف أو نفاق أو خداع، لقد آن الأوان أن نبعد سكاكين الانقسام عن وطننا ونبعد المنافقين والأفاقين والمنتفعين عن رقاب جماهيرنا، لقد آن الأوان أن ننهض بوطننا ونقولها بأعلى صوتنا أن فلسطين لم تمت فما زالت صامدة شامخة بالرغم من كل طعنات الغدر من الفاسدين والمنافقين واللصوص.
إن الجماهير أصبحت منهكة ونفسيتها متعبة وأوضاعها صعبه، فقد أنهكها الانقسام ونهشها الفقر وخنقها الحصار واستهدفها العدوان وقتلها الاستبداد، ونفسيتها أتعبتها قسوة الحياة بسبب الانقسام الذي سلط عليهم فأذاقهم كل صنوف العذاب والهوان والاستخفاف بالحياة البشرية. إن هذه الجماهير بحالة من الترقب تنتابها كل لحظة لانهاء الانقسام وإتمام المصالحة وتشكيل حكومة وحدة وطنية تمثل الكل الفلسطيني، بعد أن أزكمت أنوفهم رائحة الهوان والخراب والدمار والدم، وتحملوا مشاق سنوات وسنوات من عمر الانقسام الذي احدث شرخا في مشروعهم الوطني بعد إصابته بضربة موجعة، إضافة إلى العدوان الإسرائيلي المستمر عليهم والذي استهدف شجرهم وحجرهم وأبناءهم، يحلمون بمستقبل مشرق ومزهر لأبنائهم تحت لواء حكومة وحده وطنية نزيهة تمثل الكل الفلسطيني.
 إن اختيار رئيس حكومة ووزراء مهنيين من ليس بالأمر المستحيل لخدمه الجماهير، وإن المشاكل المستعصية في الوطن تقتضي إنهاء كل أنواع المحاصصات والمشاركات المبنية على الإصطفافات والمساومات غير المسئولة، وعلى هذا الأساس فإن اختيار أشخاص كفوءة وأمينة وحريصة نزيهه بات ضرورياً للحكم والمسؤولية في فلسطين في المرحلة القادمة، فاختيار رئيس حكومة يجب أن تتم بمعزل عن التدخلات الحزبية، وعلى الأحزاب والفصائل أن لا يتدخلوا في عملية التعيين، لأن ذلك يعتبر من الظواهر السلبية التي يمكن أن تؤثر بوضوح على سير العملية الوطنية، ومن الضروري أن يخضع طريق الاختيار إلى المواصفات الإدارية والمهنية، وأن تتشكل لأجل ذلك لجان من الخبراء والمستشارين الإداريين والمهنيين تساعد على اختيار هياكل متقدمة لإدارة الوزرات، وكلما كان الاختيار جيداً وصائباً كان أفضل.
إن إختيار رئيس حكومة ووزراء مهنيين ونزيهين وصادقين بعيداً عن حركات الالتفاف كفيل بإنجاح كل مفاصل الدولة وإدارة شؤونها، وكفيل بالقضاء على كافة التوجهات الخاطئة، فوطننا قادر على رفد العملية السياسية برجال أكفاء يتمكنون من إدارة الدولة من دون حاجة إلى خيارات حزبية، وقادرين على تحقيق النجاح وفق مبدأ العدالة واحترام حقوق الإنسان.
وفي تقديرنا إن الخطوة الأولى نحو العلاج الحاسم والجذري يكمن بتجسيد قيام حكومة وطنية دستورية تمثل كل ما هو وطني شريف قادر على خدمة وطنه وأمته وقضيته الوطنية المركزية، حكومة تتمتع بثقة واحترام الجماهير والإرادة والقدرة على الالتزام، بمصلحة الوطن والمواطن وأن يتجسد ذلك كله في برنامج وإستراتيجية واضحة لمثل هذه الحكومة يمكن إجمالها في الخطوط الأساسية التالية:. انتهاج سياسة اقتصادية تتمشى مع مقتضيات هذه المرحلة الصعبة. مد جسور التواصل بصورة أكبر بين الحكومة والجماهير. إنشاء مجالس للشكوى في كل محافظة من محافظات الوطن مهمتها دراسة حالات الفساد الإداري والشكاوي التي يتقدم بها المواطنون ضد مؤسسات الدولة المختلفة. ترسيخ دولة المؤسسات وبناء دولة القانون وإتباع الأصول الإدارية والمؤسساتية وفق مبدأ المواطنة ورفض التفرد والقرارات الارتجالية. بناء المجتمع والدولة واحترام حقوقه المرأة في كافة المجالات المختلفة. توفير بيئة صالحة ومناسبة لتنمية طاقات وقدرات الشباب والطليعة. رعاية وإعمار المقدسات الدينية الإسلامية والمسيحية رعاية الجامعات العلمية ودعم استقلالها، وإعادة النظر في المناهج التعليمية في كل المراحل بما يجعلها مواكبة للتطورات العلمية وبما يعزز الوحدة الوطنية. ضمان استقلالية شبكات الإعلام الفلسطينية والهيئات والمؤسسات الإعلامية العامة ووكالات ومنابر الأنباء الفلسطينية ومنع التدخل الحكومي في شؤونهما والالتزام بالقوانين المنظمة لعملها. وضع خطة تنمية شاملة للبناء والأعمار مع الأخذ بعين الاعتبار وإعطاء الأولوية للمناطق المحرومة والمتضررة والمهمشة. الإسراع في تأهيل قطاع الطاقة المياه الصالحة للشرب. تشجيع الاستثمار واستقطاب رؤوس الأموال الوطنية والأجنبية بما يساهم في التنمية والأعمار وبما يحفظ الوحدة الوطنية. الاهتمام الفائق بالقطاعين الزراعي والصناعي وتقديم الدعم لإنمائها. تطوير نظام للتكافل والضمان الاجتماعي لمعالجة الفقر والبطالة والتخلف. تطوير مؤسسات التعليم والبحث العلمي ورعاية الكفاءات العلمية وتوفير الأجواء بما يحول دون هجرتها. دعم ومساندة طلاب الجامعات والمعاهد العليا، وإيجاد فرص عمل للخريجين والخريجات. بناء أجهزة الدولة عامة على أساس الكفاءة والنزاهة والإخلاص والمهنية. بذل كل العناية والاهتمام برجال الأمن والشرطة، وتوفير كل الإمكانيات المادية والمعنوية في سبيل رفع كفاءتها الفنية والمهنية.
 نحن نثق أن صمود فلسطين وقيادتها وجماهيرها سينتصر، ولكن الحراك والتغير والتعاون من الجميع سيختصر الكثير من التضحيات وسيساهم في اختصار الوقت وتعزيز النتائج. آخر الكلام: نتمنى للشعب وللقيادة وللدولة الفلسطينية غد أفضل وحياة سعيدة ونظام مستقر يسوده العدل ويعم فيه السلام.
*الإعلامي والمفوض السياسي

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت