( ٣ -٣) المؤتمر الخامس لحزب الشعب الفلسطيني .. طريق نحو حماية التاريخ وانقاذ المستقبل

بقلم: وجيه أبوظريفة

وجيه أبو ظريفة
  • كتب / د. وجيه ابو ظريفة *

يقترب الموعد المحدد لانعقاد المؤتمر العام الخامس لحزب الشعب الفلسطيني بعد تاخير كبير لسنوات عديدة بسبب اسباب موضوعية او قصور ذاتي لاسباب داخلية مما يجعل لهذا الموتمر اهمية قصوى ربما تفوق اهمية ما سبقه من مؤتمرات اربعة منذ اعادة تاسيس الحزب في العاشر من شباط ١٩٨٢

ياتي انعقاد هذا الموتمر والحركة الوطنية الفلسطينية في حالة صعبة فالانقسام الفلسطيني الفلسطيني ما زال قائما بل وتتقلص امكانية انتهاءه بتحقيق مصالحة بين حركتي فتح وحماس مهما كانت درجة هذه المصالحة متدنية بل ربما بات الانقسام يتحول تدريجيا وفي مسار ربما لم يعد من الممكن التراجع عنه الي انفصال سياسي وقانوني وربما سيتبعه انفصالا كيانيا دستوريا ان استمر هذا الاصرار علي بقاء الانقسام
ان آثار الانقسام لم تقتصر علي حركتي فتح وحماس بل خلقت معسكرات فصائلية وسياسية متحالفة مع كلا الطرفين واصبحت كل المنظومة السياسية والفصائلية جزء من حالة الانقسام بنسب متفاوتة مما خلق حالة من الاغتراب بين جماهير الشعب الفلسطيني وبين القوى السياسية التى اصبحت لا تعبر الا عن اعضائها في احسن الاحوال بل عن قيادتها وربما المتنفذين فيها فقط
ان هذا الحال تسبب بهجران كبير للقوى السياسية وتفريغها من كفاءات وقيادات خاصة من فئة الشباب اضافة لعدم قدرتها علي تنظم بدائل لحاله التفريغ المستمر مما اضعف بنيتها التنظيمية وحد من قدرتها السياسية وتاثيرها علي صناعة القرار والسياسات العامة
ان حالة التكلس التى تعاني منها القوى السياسية وحزب الشعب واحدا منها يجعل علي المؤتمر العام الخامس مسئولية مضاعفة للتخلص من الاسباب التى ادت الى هذا الحجم من التراجع وضعف التاثير وفي مقدمة ذلك صياغة نظام داخلي حديث يراعي التطور الطبيعي المؤسسي للبنى السياسية والتنظيمية يضمن انسيابية التنظيم وترابط المنظمات وسهولة الحركة دون تعقيدات بيروقراطية وشكلية تعيق العمل التنظيمي
ان وثيقة النظام الداخلي هي التى تحدد الهوية الفكرية وما يليها من تعبيرات سياسية وهياكل تتلائم معها بغض النظر عن المسميات او المصطلحات فالمطلوب وحدانية القياده وحتمية تنفيذ قراراتها بما يضمن وحدة الارادة والعمل مع اضفاء روح الديموقراطية عند صناعة القرار ولكن بما يضمن التزام الاقلية بقرار الاغلبية وحقها في الدفاع عنه فقط في الهيئات الحزبية
ان ضمان مساحة واسعه من الديموقراطية داخل هيئات الحزب واتاحة الفرصة للتجديد التدائم والاحلال في الهيئات العليا والتاكيد علي ان لا يوجد اي سبب يمنع عقد الموتمرات العامة يضمن المنافسة الشريفة والتداول في الهيئات القيادية وعدم ترك الحزب لاسباب خلافية لانها لاحقا ستحسم في المؤتمر العام
ان هذا يجعل من الحزب اكثر قدرة علي التخلص من ما اصاب الحركة الوطنية عموما من ترهل تنظيمي وجمود قيادي وانفلاش الاعضاء بل يعطي الحزب مرونة اكبر وفرصة جديدة للتوسع والانتشار والحفاظ علي قوامه الجيد ان لم يكن تطويره بشكل كبير
كما يتطلب ذلك تأسيس نظام مالي واداري ورقابي يضمن عمل الحزب كمؤسسة عمل عام منظم يتسم بالنزاهة والشفافية يخضع لمعايير الادارة الحديثة بعيدا عن تاثير المستوي السياسي علي طبيعة الاجراءات المالية والادارية وضمان استقلاليتها التامة عن مواقع النفوذ والهيمنة لتكون اداة قانونية نظامية تضمن عدم استغلال مقدرات الحزب للهيمنة والتفرد والاستحواذ
ان الفرصة سانحة لاعادة الاعتبار لحزب الشعب كتنظيم طليعي يعبر عن الناس ، اعضاءه متساوون في الحقوق والواجبات بعيدا عن اي جمود هيكلي او سيطرة شخصية او امتيازات مناطقيه وهي فرصة للتغير فلا يكفي ان يكون الغضب قائما فيجب ان يتحول الى عملية تغيير حقيقي تضمن تناسق بين النصوص المكتوبة وبين من يستطيع ويريد ان يطبقها حتى لا تتحول النصوص ومنها النظام الداخلي الى وثيقة استرشادية فقط تستخدم وقت الاحتياج  وتختفي وقت الضرورة
لقد مر الحزب بفترات عصيبة ساهم تاخير عقد المؤتمر العام في زيادة حدتها اضافة لاستنكاف عدد كبير من قيادته التاريخية والكادر المتقدم نتيجة عدم رضى عن الطريقة التى يقاد بها الحزب او بسبب خلافات تغلبت فيها الجوانب الشخصية علي المصلحة العامة مما خلق حاله من الفراغ القيادي ادى الى حالة من الاستحواذ علي صناعة القرار سواء السياسي او التنظيمي او تولي المواقع التمثيلية رافقه مشكلات ادارية ومالية زادت من تفاقم الازمة وربما استعصائها عن الحل وهذا يفرض على المؤتمر الخامس نقاشا عميقا في كامل المسار الذي مر به الحزب في السنوات الاخيرة منذ عقد الموتمر العام الرابع واجراء عملية تقييم حقيقي وتقويم فعال علي قاعدة النقد الذاتي ومن اجل محاسبة موضوعية على الاخطاء دون تجني او ظلم او استهانة بحجم المشكله او محاولة انكارها
لقد شكل اداء الحزب السياسي على مدار السنوات الماضية نقاط مضيئة في المسار كان من الممكن ان تكون اكثر تاثيرا لو كانت البيئة الحزبية سليمة ومعافاة ولكن وجود الاشكالات السابقة حرمت الحزب من استثمار مناسب لمواقفه السياسية السليمة وايضا افقدت الحزب القيمة المضافة لعمل مضني لرفيقات ورفاق ومنظمات حزبية وتشكيلات نقابية وجماهيرية ومؤسسات اهلية وخدمية تعمل بين الجماهير وعلي خدمتهم
ان النهوض بالحزب والانتصار لقيمه حزبا للمصداقية السياسية تحتاج الى روافع وطنيه وطليعة مقاتله وقيادة متمرسة تستطيع ان تعيد الهيبة للتنظيم الفعال والانظباط الحزبي والمواقف السياسية وتحافظ علي مكانة حزب الشعب ومنجزاته التاريخية التى عمدت بدم الشهداء و عذابات الجرحى والاسرى وحماية مستقبل الحركة الشيوعية الفلسطينية والتى يعبر عنها حزب الشعب الفلسطيني

انتهى

    •    عضو المكتب السياسي لحزب الشعب الفلسطيني

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت