نظم معهد السياسات العامة (IPP)، الجزء الثاني من ورشة عمل اقتصادية تحت عنوان "الاقتصاد الفلسطيني ما بين الواقع والطموح"، وذلك باستخدام منصة "زوم"، تناولت استراتيجية الحكومة في الجانب الاقتصادي وأهم سياساتها وما يعترضها من حقائق على الأرض وما تطوره من أدوات للتغلب على المعيقات، كما تم تناول موضوعي الانفكاك الاقتصادي والأمن الغذائي.
وشارك في الورشة كل من: وكيل وزارة الاقتصاد الوطني المهندسة منال فرحان، ومدير البرامج في مؤسسة "فريدريش إيبرت الألمانية الأستاذ نضال العيسة، وممثل برنامج خلق فرص عمل في المحافظات الجنوبية المهندس جهاد شرف، فيما شارك في تقديم الورشات وإدارتها كل من: رئيس معهد السياسات العامة د. محمد عودة ، و أمين سر المعهد ورئيس تحرير مجلة سياسات د. عبدالله النجار، ومدير البرامج في مؤسسة فريدريش إيبرت الألمانية راسموس برانديت.
وأشارت فرحان، في مداخلتها المعنونة "وجهة نظر الحكومة حول واقع الاقتصاد والطموح"، إلى دور الاحتلال الإسرائيلي في إعاقة نمو الاقتصاد الفلسطيني، ما أدى إلى تشوهات بنيوية في الكثير من القطاعات.
وبينت أن القطاعات الإنتاجية تعاني الكثير جراء الممارسات الإسرائيلية، ما دللت عليه بوجود أكثر من 600 نقطة تفتيش وحاجز في الضفة الغربية، موضحة أنه رغم اجراءات الاحتلال، فإن السلطة الوطنية عمدت إلى وضع العديد من السياسات الاقتصادية، مع التركيز على قطاعي الصناعة والزراعة.
وذكرت أن هناك العديد من السياسات التي ركزت عليها الحكومة، مثل تحسين بيئة العمل، والارتقاء بالبيئة التشريعية، عبر إصدار وسن العديد من القوانين مثل قانون الشركات ( قيد المصادقة عليه).
كما أشارت إلى مساهمة الحكومة في دعم المنتج الوطني، حيث تم تشكيل لجنتين توجيهية وفنية لهذا الغرض، مضيفة أن الوزارة تركز عبر سياساتها على التمكين الاقتصادي للمرأة".
وتحدثت عن استراتيجية التنمية بالعناقيد التي تعتمدها الحكومة، مبينة أن من ضمن مزاياها التركيز على البعد المكاني.
ولفتت فرحان، إلى اهتمام الحكومة بمسألة الاستقلال الاقتصادي، وخفض نسبة الواردات من إسرائيل، التي انخفضت من 70%، لتصل إلى 55%، بفعل الجهود الرسمية لتعزيز الاستيراد المباشر وتنويع مصادر الواردات، مؤكدة بالمقابل، أن الارتقاء بالاقتصاد الفلسطيني، يستدعي في أحد جوانبه السيطرة على المعابر.
من ناحيته، ذكر العيسة، في مداخلته حول "الانفكاك الاقتصادي"، أن الانفكاك الاقتصادي عن دولة الاحتلال مسألة محل اختلاف، ما بين مشكك بإمكانية تحقيقها، وآخر مؤمن بهذه الامكانية، مضيفا "إذا كان الانفكاك بالنسبة للبعض يعني عدم التعامل اقتصاديا مع دولة الاحتلال، فإن هذا أمر صعب بسبب القيود القائمة الآن".
ونوه بأن تحقيق الانفكاك، سواءً أكان تدريجيا أم عبر فتح معركة اقتصادية، يتطلب توفر عدة عناصر، مثل السيطرة على المعابر.
ولفت إلى تأثير اتفاق باريس الاقتصادي على واقع الاقتصاد الفلسطيني، مبينا أن الاتفاق تحول إلى أداة لتثبيت وتعزيز تبعية الاقتصاد الفلسطيني لنظيره الإسرائيلي.
ومضى قائلا: هناك فشل حكومي وغير حكومي في التعاطي مع الملف الاقتصادي، فالحكومات المتوالية رغم المحاولات الهائلة لتنمية الاقتصاد، إلا أن هناك جوانب كان بالإمكان تغييرها، أو مواجهة الجانب الإسرائيلي فيها، بيد أنه لم يتم ذلك، مثل استيراد الطاقة والسلع الأخرى.
وتابع: القطاع الخاص فضل التعامل مع الجانب الإسرائيلي، بسبب القرب والسهولة، وأحيانا الرخص، ما عزز الفشل الداخلي في الاقتصاد.
وقال أيضاً: نحن نستورد من إسرائيل ما قيمته 3.6 مليار دولار سنويا، بينما نصدر إليها ما قيمته مليار دولار، بالتالي فهذه علاقة تجارية غير متناسبة، مضيفا "لا يمكن الحديث عن الاستقلال الاقتصادي دون الاستقلال السياسي".
أما المهندس شرف، ممثل برنامج خلق فرص عمل فقد أكد في مداخلته على أن البرنامج يعتمد إستراتيجية تحويل المشاريع والمساعدات الإغاثية إلى برامج تنموية، وركز على خلق فرص عمل و الأمن الغذائي"، مشيرا إلى أهمية القطاع الزراعي على الصعيد الاقتصادي.
ولفت في مداخلته التي قدمها من قطاع غزة، إلى أن أكثر من 80% من سكان القطاع يعيشون تحت خط الفقر، فيما ارتفعت نسبة البطالة بين فئة الشبان إلى 70%.
وقال: ان السبب الرئيس وراء ازدياد نسب انعدام الأمن الغذائي في القطاع، هو عدم امتلاك القدرة لدى الأفراد والأسر داخل القطاع على تأمين احتياجاتهم، حيث بلغت نسبة انعدام الأمن الغذائي في القطاع سنة 2019 أكثر من 70%، مقابل 65% العام 2018، وفقا للبيانات الصادرة عن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية في فلسطين.
وتابع: إن نسبة المعاناة من انعدام الأمن الغذائي تتفاوت بين الحادة والمتوسطة، والسبب بذلك يرجع بشكل أساسي للحصار الإسرائيلي المفروض على القطاع، والذي ادى إلى تدهور الأوضاع الاقتصادية، إضافة إلى تداعيات فيروس "كورونا" المستجد.
واستعرض جانبا من تدخلات برنامج "خلق فرص عمل" للحد من اشكالية انعدام الأمن الغذائي، موضحا أن البرنامج الذي تأسس العام 1994، ويشرف عليه ديوان الرئاسة بشكل مباشر وتحديدا منذ العام 2001، نفذ الكثير من المشاريع ذات الكثافة التشغيلية.
وأوضح أن البرنامج نفذ منذ العام 1994 حتى 2001، مشاريع بقيمة 80 مليون دولار، بينما نفذ منذ إلحاقه بديوان الرئاسة وحتى الآن، مشاريع بقيمة 67 مليون دولار بالإمكان مضاعفة هذا المبلغ لولا الحصار والحروب الإسرائيلية على قطاع غزة .
وكانت استهلت الورشة، بكلمة لعودة، أشار فيها إلى عناية المعهد بمساعدة صناع القرار، على اتخاذ قرارات واجراءات، تعتمد على سياسات عامة مدروسة وممنهجة.
وبين أهمية التركيز على الشق الاقتصادي خاصة في ظل الإشكاليات السلبية لجائحة "كورونا" وضرورة الخروج بتوصيات يستفيد منها صناع القرار، ومن هنا جاء تركيز المعهد في نشاطاته للجانب الاقتصادي في هذا العام.