- فاضل المناصفة
استبشر مواطنوا غزة خيرا بعد ان سمحت سلطات الاحتلال بدخول 1000 تاجر و 350 رجل أعمال الى اسرائيل لمباشرة أعمال الاستيراد.
لقد كان اعلان وحدة تنسيق الأنشطة الحكومية الإسرائيلية في الأراضي الفلسطينية "كوغات" بمثابة طوق النجاة بالنسبة لسائق الشاحنة، العم" خضر محيسن" و المعيل الوحيد لأسرة متكونة من 7 افراد منهم 4 عاطلين عن العمل، حيث الزمته البطالة البيت منذ 18 شهرا وجعلت من أوضاعه المعيشية كابوسا حقيقيا خاصة مع انعدام فرص العمل في القطاع، ويقول العم خضر أنه لم يكن ينام الليل من الارق والتفكير في الوضع الصعب الذي أثقل كاهله وجعله مضطرا لبيع بعض مجوهرات زوجته من اجل صون كرامته وكرامة أولاده في زمن لايرحم .
أما تاجر مواد البناء عم أبو ناصر فقد أبدى تخوفه من أن تقوم حماس بتنفيذ تهديداتها بالتصعيد وبالتالي سيفرض اغلاق جديد على القطاع، خاصة وان ان فعاليات الارباك الليلي والمناوشات التي تحدث على الشريط الحدودي بامكانها أن تقضي على الهدنة التي ولدت هشة في الأصل، كما ان عودة المواجهات أمر وارد وهذا مايدفعه الى عدم المخاطرة بطلبيات كبيرة قد يتعذر عليه اذخالها اذا حصل هناك اغلاق فجائي.
وبالرغم من تحسن الأوضاع المعيشية التي استفادت منه العديد من الأسر نتيجة لبداية انتعاش الاسواق الداخلية في غزة وعودة الحركة الاقتصادية الى القطاع وهو ما عاد بالنفع على مئات العمال الذين لم يتقاضوا رواتبهم منذ أشهر، الا أن تحركات حماس نحو التصعيد بسبب عدم حصولها على ماتريد، يضع الهدنة على كف عفريت ويهدد باندلاع مواجهات جديدة لن تزيد الطين الا بلة، خاصة وأن الاوضاع الاجتماعية لمواطني القطاع لايمكنها تحمل المزيد على كافة الأصعدة، ولكن حماس لاتأبه بذلك اذا تلوح في كل تصريح عبر ناطقيها الرسميين أنها جاهزة لأي تصعيد تفرضه الظروف .
لابد ان تترك حماس الفرصة للشارع الغزاوي لرفع ركام الحرب الأخيرة وان تحافظ على مكتسبات الهدنة وان كانت لا تصب في مصلحتها لحفظ ماء وجه المواطنين ولكي لاتترك الفرصة لانفجار غضب اجتماعي في القطاع خاصة وان الأحوال الاقتصادية وتأخر المساعدات القطرية وعدم مباشرة ملف التعميير تعمل ضدها، ضف الى ذلك الغضب المصري من تصرفاتها التي تسير عكس التيار الذي تريده القاهرة وعدة عواصم عربية بما فيها السلطة الفلسطينية والجهود الرامية الى تحقيق هدنة صلبة تخفف الضغط على الغزيين وتعيد الأمور الى نصابها من دون أي يتأذى طرف ولكن تصرف حماس بمنطق " لا تتحدى من لاشيئ له ليخسره " لن ينجح في اقناع ابناء القطاع في تحمل تبعات مواجهة أخرى تحت شعار المقاومة من اي تحرير الأرض، فمآلات الوضع الاقتصادي كافية لقلب المعادلة ضدها، ان لم نقل انها عامل سلبي ضد شعبيتها ، فالأجدر لها ان تعمل في اتجاه هدنة كفيلة بالتنفيس على حال مواطني القطاع لا العكس.
ان التسهيلات الجديدة لخفض التوتر من جانب سلطات الاحتلال تقرأ من جانب حماس على انها نجاح فعاليات الضغط الشعبي في الزامها تفاهمات الهدنة ولكنها في نفس الوقت ذريعة للاحتلال بممارسة حق الدفاع عن النفس والدخول في عملية عسكرية ستزيد من ازهاق الأرواح، فضلا عن تدمير البنية التحتية.
إذا كان من حق المقاومة مشروعية النضال فيجب أن يمارس وفق استراتيجية وطنية تحظى بالإجماع ولا تتخدد من جانب حماس فقط ككل مرة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت