- د. طلال الشريف
العمل أو الحل أو المطلوب في مثل حالنا وقضيتنا هو مؤلم أينما وجهت أو أعملت فكرك للحلول لمأساة الشعب الفلسطيني..
في البداية والنهاية هذا وطن للجميع، ويعرف الجميع أن الخسائر متواصلة، ومضت وتمضي السنون في طرح الأفكار والاجتهادات من كل التوجهات الفكرية والسياسية دون نجاح، منها الواقعي، ومنها المستحيل، ومنها الممكن، وغير الممكن، ولكن بعد كل الذي يجري على الأرض وما طرح من خطط للحل وآخرها كانت صفقة ترامب، والتي يتوصح يوما بعد يوم بأنها باتت المرجعية لكل ما يحدث وسيحدث من تطورات وآفاق الحلول المستقبلية، فكيف نتعامل مع ذلك؟
في مقالي السابق بالأمس الذي كان بعنوان " خض اللبن وإسقاط المشاريع وتراجع مستمر"، طرحت أمثلة مما ضاع من فرص للنهوض، كان منها ما يعالج الخلل، أو، ما يقلل الخسائر، أو، بالمعنى الأدق ما يوقف التراجع.
أحيانا قد تبدو الأفكار في ثقافة الشعوب ومراحل معاناتها لا تشعرهم بالمسؤولية، وغياب الشجاعة، والخوف من المعارضة، أو، من طرحها، ما يؤدي لاحقا بهم وبشعبهم وقضيتهم للانتحار وقضيتنا مثالا فاقعا لتلك الحيثيات.
على مفكرينا ومن يشعرون بالمسؤولية الحقيقية عن مستقبل شعب وقضية وما لديهم من طلائعية وريادة ورائيين لما وراء الحجب السوداء، أن يقدموا ما يرونه بالمعنى العميق للرؤية، وأن يحفروا في كل كلمة نفقاً كما يحفر الأسير نفقاً لحريته، دون تردد فكل الأفكار الهامة نادرا ما تواجه الصد والمعارضة رغم أن الوطن للجميع وليس لحزبا أو جماعة قد لا تستطيع قراءة المستقبل .
هذا الذي يحدث لقضيتنا وشعبنا إذا تمكنا من رؤيته جيدا سوف نستنتج بأن ما يجري هو تطبيق لمشروع ترامب الذي أصبح مرجعا للحل والمستقبل، وقد قدمت رؤيتي سابقا قبل أن تتضح الأمور التي يراها الجميع، وهي بأن علينا بذل المحاولة نحن والعرب المطبيعين منهم وغير المطبعين، وكثير منهم مثلنا لم يقبلوا بخطة ترامب، ولكن ليس لدى أي منهم من يطرح مشروعا مضادا حقيقيا للصفقة بل نعيد وإياهم اجترار ما ليس متحققا سابقا وطبعا لم تتغير أشياء موضوعية بحالتنا لنفرض ما نعيد تكراره من الطرح بل أصبحنا في وضع أضعف من السابق، وليس بمقدورنا أي العرب ونحن على ما يبدو ما يفيد الفلسطينيين وقضيتهم على المدى الآني التكتيكي البسيط فما بالك بالمدى الإستراتيجي الطويل، والمسألة لدى العرب ولدى اسرائيل والولايات المتحدة مسألة وقت ليقبل الفلسطينيون بخطة ترامب.
هذا الحال الفلسطيني والعربي والدولي، وهذه الضغوط ومعها المساهمات الفلسطينية المجانية في إدارة الحالة الفلسطينية من الجهل والفئوية وأحيانا التضليل، واستمرار الخلاف الغامض الذي يساهم بطريقة مباشرة متعمدة أو بطريقة غير مباشرة وغير متعمدة أيضا فيما طرحته الولايات المتحدة وبعض العرب ووافقت عليه اسرائيل من تلك الخطة، ولذلك علينا أن نبحث في تحسين بنود هذا المشروع أو الخطة أو الصفقة، التي أصبحت مرجعا للحل في المستقبل، ووالهدف كيف نأخذ أو ننقذ ما نستطيع من الأرض خاصة من تلك النسبة الكبيرة من الأرض التي تمنحها خطة ترامب للإحتلال في الضفة الغربية والغور، والتي تشكل حوالي 30% من أراضينا المحتلة في العام 1967، وتلك الفكرة في مصادرة الأرض انطلقت من فكرة تبادل الأراضي في ورقة كلينتون وطابا التي كانت حوالي 7% ، فلو قدمنا رؤيتنا بما يجعل هذه النسبة 15- 20% لصالحنا ونعمل والعرب عليها بقوة قد ننتج حلا بدعم العرب بما هم عليه لأهم قضية وهي قضية ضياع الأرض، وخاصة هذه الأرض المصادرة حول ومن القدس والغور هي تتضمن أراضي القدس وما حولها من أراضي ما قبل حرب 67 ، يعزز هذه الفكرة أنه لأول مرة في تاريخ الصراع تقر اسرائيل بطريقة غير مباشرة بتحديد حدودها عندما وافقت على خطة ترامب التي حددت حدود الكيان الفلسطيني في خريطتها برغم ما لا يعجبنا والتي استهجنها الشعب الفلسطيني لأن نتيجتها غير المباشرة بتحديد حدود الكيان الفلسطيني كانت قد حددت حدود اسرائيل لأول مرة وقبلت بها اسرائيل..
هذه وجهة نظري للإجابة على سؤال ما العمل، فهل يعمل عليها الفلسطينيون بدل أن يفرضها الواقع والوقت والمعاناة والخسائر المستمرة والقادمة بعد تحولات المواقف العربية من القضية الفلسطينية وواقع السياسة الدولية وهذا العالم الجديد، وهذا التيه الطويل الذي يعيشه الفلسطينيون دون تغيير إيجابي في قدراتهم وأدواتهم وأفكارهم في عالم متغير بشكل مستمر ليس لصالحنا.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت