- بقلم:- سامي ابراهيم فودة
أوقفتني شخصية رجل بحجم وطن يعد أيقونة للمقاومة الفلسطينية, صنع لنفسه مجداً تليداً ولأمته تاريخاً عريقاً بحروف من نور ونار وبمداد من ذهب في سجلات البطولة والشرف, قاتل وناضل بشرف في ساحات المواجهة من نقطة الصفر وضحى وأفنى زهرة شبابه وسخر كل حياته لخدمة وطنه, هذا الفدائي تنين فلسطين المارد الفتحاوي الأسمر الذي سكن القلوب وأبكى المٌقل وأدمى العيون, صاحب الشخصية الكاريزمية المؤثرة وبحضوره الطاغي وجاذبيته المبهرة, سرعان ما تجده أينما حل في ترحاله يحمل بين ثنايا ضلوعه قلباً ينبض بحب فلسطين أرضاً وشعباً وعلماً وهوية, وجُرحاً غائراً في نفس منذ نعومة أظفاره لما حل من نكبات ويلات ومآسي لشعبه, راقي إلى أبعد الحدود في إنسانيته ومرهف في احاسيسه وعواطفه الجياشة ومشاعرة النبيلة اتجاه أبناء شعبه في قضاياهم, يحمل عقل متنور وفكر عميق متحرر يتصف بالذكاء ويتمتع بقدرته العالية على التأثير الايجابي في نفوس حياة الآخرين, فهو ملاذاً لأهات المقاتلين والأسرى والجرحى وعوائل الشهداء الأبرار واليتامى والثكالى والأرامل وصراخ الأطفال وألام المقهورين من الفقر والجوع والضياع والحرمان, فدائي من طراز فريد من نوعه ذو شخصية قوية اسطورة من اساطير العمل الفدائي وحكاية من قصص وروايات الابطال الذين حفروا اسمائهم على الصخر ونقشوه بالدم على صدور أحرار العالم في زمن عز فيه الرجال, قلما يجود الزمان بمثله هذا الفدائي الأسمر الذي قهر ومرمغ أنف الصياد وأسقط الهيبة الصهيونية والمنظومة الأمنية للاحتلال,
كان أحد أكثر الرموز البارزة بإن الانتفاضة الثانية وقائد الجناح العسكري لحركة فتح في جنين, اعتقل وسجن مرات ومرات وهُدم منزل عائلته 3 مرات, وتم اغتيال رفاقه واحد تلو الآخر هو بنفسه كان هدفاً للاغتيال أكثر من سبع مرات ولكن في كل مرة كان ينجو, لم يكن بجسده شبر واحد إلا واصيب بجروح بالغة إثر مواجهات دامية جراء إصابته برصاصة قناص أو انفجار قذيفة هاون استقرت شظاياها في جسده, رجل جرئ صلب عنيد جسور مقاوم شجاع وطني بامتياز صاحب المهمات الفدائية الصعبة عشق روح المقاومة وحضن سلاح العمر لم يساوم على ذرة من تراب وطنه فخاض من صغره إيتون المعارك الضارية واستنشق رائحة البارود والموت والدم المسفوك ومع عشقه السرمدي لرائحة البارود وصوت أزيز الرصاص المدوي وهدير القنابل وبندقية الثائر الهادر تجده في كل شارع وحارة وزقاق يقارع جنود قوات الاحتلال الصهيوني بكل عنفوان,
لم يخونه الحس الوطني ولم تجرفه عوامل التعرية إلى الهاوية ولم تأخذه المزالق والأحداث والمصالح والنزوات الشخصية للرذيلة على امتداد سنين حياته التي رسم لها خطوط مستقيمة لم ينحرف عن مسارها فكان يبحث بكل إخلاص وتفاني وشرف مع وزملائه ورفاقه في النضال عن قواسم مشتركة تجمعهم ولا تفرقهم, انظروا وتمعنوا في ملامح هذا التنين الأسمر الشامخ كشموخ جبال الجرمق وعيبال وجرزيم, صاحب الشعر الأسود والعينين الجاحظتين والبشرة المعبقة بالبارود والمزخرفة بالنقاط السوداء التي تعلوا محياه هي محطات بيضاء في سنوات حياته الفلسطيني الذي راقص كبار جنرالات ضباط الاحتلال الصهيوني ومطاردو, حتى قالوا أنه يفلت من بين أيدينا كل مرة" قط الشوارع" كما وصفه الضابط السابق في "الشاباك"، يتسحاق إيلان، والفهد الأسود كما اطلقت عليه ألسنة الفلسطينيون زكريا الذي استطاع ان يجند عضو الليكود اليمينية المتطرفة تالي ميخما لصالح القضية الفلسطينية بعد تأثرها بأحداث مخيم جينين إبان تغطيتها الصحفية مع كتائب الأقصى ليصل الأمر إلى لم التبرعات لإعادة اعمار المخيم, فقد أمه وشقيقه في غارة استهدفت منزل العائلة وساوته بالأرض
وعندما انتفض ابن كتائب الأقصى ليتوعد اسرائيل بالحرب, عاد اسم زكريا التنين الأسمر ليبزغ في عام 2021, الذي تمكن برفقة 5 أسرى لا تقل اهميتهم عن الزبيدي من انتزاع حريتهم من داخل سجن جلبوع الاسرائيلي عبر نفق أسفل السجن.عاد للذاكرة قط الشوارع الفينيق الذي قض مضاجع الإسرائيليين وعملائه بعملياته النوعية وثارت الأوساط الإسرائيلية العسكرية قبل المستوطنين الذين راحوا يتجولون في البساتين ينادوا على زكريا في رسالة سخرية منهم لمنظومتهم الأمنية شديدة التحصين والتي ركعت أمام ستة هزموا الكيان كسروا هيبة الاحتلال المزعوم, تمكن الصياد من التنين الأسمر اعتقلوه وضربوه في وجنته وكسروا فكة وضلعين في صدره وهشموا عظام ساقة هو مقيد اليدين وشتموه وشبحوه وأثناء مثوله أمام محكمة الاحتلال في الناصرة تعمدوا جنود الحراس محاصرته بأجسادهم حتى لا تظهر الكاميرات إصاباته ولا يظهر التنين الأسمر بعنفوان ابن مخيم جنين الكاسر والتي ارهبت شرارة عيون الزبيدي ورفاقه الخمسة دويلة الكيان بأكمله ..
من هو زكريا الزبيدي قائد أركان المقاومة في الضفة الغربية
الأسير زكريا محمد عبد الرحمن الزبيدي المكنى بـ" أبو محمد" من مواليد19/1/1975م من مخيم جنين للاجئين الفلسطينيين "شمال الضفة الغربية المحتلة"، بدوي الأصل من عشائر الزبيدات متزوج وله من الأبناء ثلاثة وهم " محمد، سميرة، أيهم" وله ثمانية إخوة بما فيهم زكريا وهم على الترتيب: عبد الرحمن- زكريا- طه- يحيى- داوود- كوثر- عدن- وجبريل- تربى يتيم الأب، وتنحدر بلدته الأصلية إلى جسر الزرقاء القريبة من قيسارية المحتلة عام 1948, والتي تقع في لواء حيفا بفلسطين، جميع أهلها من المسلمون تطل على البحر الأبيض المتوسط,, حيث كان والد الزبيدي يعمل مدرس مادة اللغة الإنجليزية ولكن منع من التدريس من قبل الإسرائيليين بعد إدانته بعضوية حركة فتح في أواخر الستينيات,عمل بدلاً من ذلك كعامل في مسبك الحديد الإسرائيلي وقام ببعض التدريس الخاص وأصبح ناشطا في مجال السلام في الجانب الآخر توفي والده بسبب مرض السرطان,
وهو ابن المناضلة سميرة محمد جهجاه والتي عكفت على تربية أطفالها الثمانية بعد رحيل زوجها والتي قضت نحبها شهيدة في معارك مخيم جنين بتاريخ 3 / 3 / 2002 م وهو شقيق البطل الشهيد طه محمد عبد الرحمن الزبيدي الذي كان قد استشهد في معركة جنين في عملية الدرع الواقي في يوم السبت الموافق 6 نيسان 2002 وهو حفيد الأسير المحرر البطل محمد جهجاه الزبيدي الذي كان قد خاض مع إخوته ورفاقه الأسرى في 30 / 7 / 1958 اشتباكاً ومعركة عنيفة مع قوات إدارة سجن شطة الصهيونية حيث قضى 11 أسيراً نحبهم شهداء وقد نجحوا في حينها بالخروج من السجن والوصول إلى الأراضي الأردنية محررين, أنهى تعليمه الدراسي في مدرسة الأونروا في مخيم جنين للاجئين وترك المدرسة الثانوية في السنة الأولى بعد إطلاق سراحه وحصل على الثانوية العامة ودرجة البكالوريوس في الخدمة الاجتماعية،( أثناء سجنه) وحضّر لرسالة ماجستير في جامعة بيرزيت، تحت عنوان "الصياد والتنين, المطاردة في التجربة الفلسطينية من عام" 1968-2018", المناضل الأسير زكريا الزبيدي هو أحد أبرز المناضلين في حركة وعضو المجلس الثوري لحركة فتح، وكان من أبرز المطاردين من الاحتلال الإسرائيلي، ويعتبر من رموز الانتفاضة الفلسطينية الثانية، وأحد أبرز القادة العسكريين وقائد كتائب شهداء الأقصى الجناح المسلح لحركة فتح إبان الانتفاضة الفلسطينية الثانية في عملية الدرع الواقي التي اطلقتها اسرائيل أثناء اجتياح مخيم جنين والضفة الغربية شَغِل رتبة رئيس كتائب شهداء الأقصى في جنين،
شارك في عدة عمليات ضد القوات الإسرائيلية وقبل أن يحصل على عفو هو ومجموعة من المطاردين في منتصف عام 2007، بموجبه قام بتسليم أسلحته للسلطة الوطنية الفلسطينية وقبول العفو الإسرائيلي، حيث تنحى عن النضال المسلح والتزم بالمقاومة الثقافية من خلال المسرح الإذاعة الوطنية العامة في 28 ديسمبر 2011 ألغت إسرائيل العفو عن الزبيدي, الزبيدي شارك وهو بعمر 12 عاماً، بمسرح للأطفال في جنين أقامته ناشطة حقوق الإنسان الإسرائيلية أرنا مر خميس للأطفال بالمخيم الفقير لتشجيع "السلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين"،
وكان برفقته شقيقه داود وعدد من الفتية الآخرين. أصيب برصاصة في ساقة إبان الانتفاضة الأولى نهاية الثمانينات وهو طفل صغير لم يبلغ من العمر ثلاثة عشرة عاماً حيث يلقي الحجارة على الاحتلال وخضع للعلاج لمدة ستة أشهر وهذه الإصابة تركت أثراً ما زال يلازمه حتى الآن وهو أن ساقه أصبحت أقصر من الأخرى. , وفي السجن تعلم اللغة العبرية وأصبح من أبرز نشطاء حركة فتح. وفي سن الخامسة عشر تم أسره للمرة الأولى وسجن لمده ستة شهور وعين ممثل السجناء الاطفال وترك المدرسة وهو في الثانوية وتم أسره عدة مرات بتهمة القاء قنابل مولوتوف وسجن أربعة أعوام ونصف أفرج عنه بعد إتفاقية أوسلو عام 1993 والتحق بعد اوسلوا إلى الأمن الوطني التابعة للسلطة الوطنية الفلسطينية وأصبح رقيباً ولكنه ترك وظيفته بالسلطة وتوجه للعمل في "إسرائيل" بشكل غير قانوني وعمل مقاول بناء لمدة سنتين لتجديد المنازل في تل أبيب وحيفا، وبعدها اعتقل في العفولة بسبب العمل بدون تصريح وتم ترحيله لجنين.
وتنقل واستمر إلى حين الانتفاضة الثانية التي شكلت له حالة من المسيرة النضالية الجديدة حيث أصبح قائد شهداء الأقصى وأصبح مطارداً واتهم بالعديد من العمليات وقد اعتقل في السابع والعشرين من فبراير للعام 2019, بتهمة التخطيط لمهاجمة اسرائيل وتنفيذ عمليات بحسب زعم الاحتلال الاسرائيلي, تحرر مع خمسة من الأسرى من حركة الجهاد الاسلامي ليلة الأحد- الاثنين الموافق 6/9/2021م من سجن جلبوع شديد التحصين والحراسة شماليّ البلاد عبر نفق حفروه أسفل مغسلة في حمام السجن واعيد اعتقالهم بعد ملاحقة ومطاردة ساخنة استمرت لمدة اسبوعين واشترك بعملية البحث والمطاردة والملاحقة كلاً الجيش الإسرائيلي، وجهاز الأمن العام وقوات من وحدة مكافحة الإرهاب (اليمام) التابعة لحرس الحدود في شرطة, حيث تم اعتقال كلاً من الأسيرين يعقوب قادري ومحمود العارضة في 8 / سبتمبر بمدينة الناصرة واعتقال الأسيرين زكريا الزبيدي ومحمد العارضة في 9/ سبتمبر بلدة الشلبي واعتقال الأسيرين أيهم كممجي ومناضل نفيعات في 19 / سبتمبر بمدينة جنين وجميعهم تعرضوا للضرب المبرح والتنكيل وتم نقلهما للاستجواب من قبل قوات الأمن وتم توقيفهم وعرضهم على المحاكم العسكرية, المجد والخلود لشهدائنا الأبرار
- الحرية كل الحرية لأسرانا البواسل وأسيراتنا الماجدات- والخزي والعار للخونة العملاء المتساقطين
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت