- بقلم عبد القادر حسونة
متعارف عليه في غالبية الدول أن الخدمات المقدمة من قبل الحكومات تكون في الغالب سيئة، على عكس الخدمات المقدمة في القطاع الخاص، ولو تحدثنا عن الخدمات الحياتية اليومية، وخاصة الخدمات الصحية، ستكون الأكثر سوءاً وضجراً بين الناس.
أغلب المواطنين ومنذ سنوات طويلة، ينتقدون وبشكل علني وصريح الخدمات الصحية الحكومية في فلسطين وبقطاع غزة أيضاً، ومع ظهور جائحة كرورنا ازدادت الأمور تعقيداً وصعوبة، فعندما تحتاج لعملية صغيرة في إحدى مستشفيات قطاع غزة، ربما تحصل على موعد بعد عام أو عام ونصف على أقل تقدير، يضاف إلى ذلك المعاملة السيئة من قبل طاقم الأطباء والموظفين في القطاع الصحي.
ولكن المشكلة لم تكمن هنا، بل إن المشكلة الحقيقية تقع في حدوث أخطاء طبية جسيمة بإمكانها أن تودي بحياة المريض أو تسبب له مشاكل صحية دائمة، وهذا ما حصل ويحصل مع الكثير من سكان غزة، وتفاقم الأمر وازداد سوءاً خلال السنوات القليلة الماضية.
رغم خطورة الموضوع، وأن الخدمات الصحية هي من أهم الخدمات للمواطنين، إلى أنه لم يتم إيجاد حلول لتفادي هذه الأخطاء، ولم تخفض أعداد الأخطاء الطبية مقارنة بالسنوات الماضية، بل على العكس تماماً، وربما يرجع ذلك إلى عدم متابعة ومحاسبة الأطباء المخطئين، وعدم وجود رقابة فعلية وحقيقية على المنظومة الصحية بغزة، وهنا تكمن خطورة الموضوع، فتغيب الرقابة والمحاسبة يزيد من إهمال الأطباء ويزيد من سوء معاملة المواطنين.
والملاحظ في الآونة الأخيرة وجود عدد كبير من المواطنين، يشتكون عبر مواقع التواصل الاجتماعي من سوء المعاملة في جميع مستشفيات غزة بلا استثناء، فالزائر لمستشفى الشفاء وهو أكبر مشافي القطاع، سيلاحظ بشكل واضح عدم الاهتمام وسوء معاملة الموظفين وحتى الأطباء، الذين يصعب الوصول إليهم والحديث معهم لتشخيص المريض، أو للحديث عن العرض الصحي الذي يتعرض له الشخص.
مهنة الطبيب هي مهنة إنسانية بالدرجة الأولى قبل أن تكون مهنة طبية، فالمريض الذي يعاني الآلام يجب أن يعامل بطريقة مناسبة تخفف عنه آلام المرض، لا أن تزيدها، والمطلوب اليوم البحث الجدي عن آلية عمل إدارية، تعيد هيكلة النظام الصحي بغزة، وترصد المشاكل والعقبات التي يواجهها المواطنين، والقيام بقياس رضى نزلاء المستشفيات بشكل دوري، وفتح باب الشكاوي والمقترحات لدى المواطنين، مع ضرورة وجود تشريعات قانونية تضمن في حال التقصير والأخطاء الطبية الحق في الشروع بالملاحقة القضائية أمام الجهات القضائية المختصة بالاستناد إلى التشريعات الجزائية والمدنية.
فالرقابة تستطيع ضبط الأخطاء والمشاكل المزمنة التي قد تؤدي إلى فقدان الانسان لحياته أو تؤدي إلى مشاكل مزمنة يصعب شفاؤها، وبذلك يمكن الرقي بالواقع الصحي، فالحق في الصحة وتوفير أفضل درجة رعاية صحية ممكنة، هو من أساسيات الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، والكثير من المعاهدات والاتفاقيات الدولية، فيما تدخل الأخطاء الطبية، حال ثبوتها ضمن أبواب وأشكال انتهاك هذا الحق.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت