أفرجت سلطات الاحتلال الاسرائيلي، يوم الأحد، عن المناضلة خالدة جرار عضو المكتب السياسي للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين والنائب السابق في المجلس التشريعي بعد اعتقالها لمدة عامين بسجن "الدامون" حيث تقبع الأسيرات الفلسطينيات، وذلك عبر حاجز "سالم" العسكري غرب جنين شمال الضفة الغربية..
وتوجهت جرار فور وصولها مدينة رام الله نحو مقبرة المدينة لقراءة الفاتحة على ضريح كريمتها سهى التي توفيت أثناء تواجدها في الأسر، ولم تستجب سلطات الاحتلال في حينه لجهود قانونية ومؤسساتية بذلت للإفراج عن جرار، لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة على ابنتها، والمشاركة في تشييع جثمانها.
#خالدة_جرار على ضريح ابنتها سهى https://t.co/ztRneEUZuL #قدس_نت pic.twitter.com/uimkQOmWvf
— وكالة قدس نت للأنباء (@qudsnet) September 26, 2021
وأفاد نادي الأسير الفلسطيني بأن جرار (58 عاما)، واجهت حكما بالسجن لمدة سنتين، وكانت قد تعرضت للاعتقال سابقا أكثر من مرة بين اعتقالات إدارية وأحكام، لافتا إلى أنها فقدت ابنتها خلال شهر تموز الماضي، فيما كانت قد فقدت والدها خلال اعتقالها في العام 2017.
وقالت جرار التي كان في استقبالها زوجها الأسير المحرر غسان جرار وعائلتها والاصدقاء وكوادر وقيادات الجبهة الشعبية والقوى والاطر النسوية إن "مشاعر الحرية هذه المرة منقوصة و مشاعر ولحظات صعبة في ظل فقداني لابنتي سهى.. فمشاعري مختلطة، الفقدان صعب، و أشدها صعوبة عندما يفقد الأسير أحد أقاربه و هو في الأسر" .
وأضافت في تصريحات للصحفيين " عندما كنت في الاعتقال الماضي فقدت والدي، و في الاعتقال الحالي فجعت بفقدان ابنتي سهى ، لكن روحها كانت ترافقني طوال الوقت، وهذا ما جعلني متماسكة بعض الشيء، و حتى هي نفسها كانت مرافقتي من سجن الدامون لهذه اللحظة التي افتقدها فيها أكثر ".
وحول واقع الاسيرات خلف القضبان ، قالت جرار " يوجد في سجن الدامون ٣٦ أسيرة ، منهن المريضات اللواتي يعانين الاهمال الطبي المتعمد، كالأسيرة المصابة فيروز البو من أبو ديس و قد تم كسرت قدمها منذ اعتقالها وحتى الآن لم يتم علاجها و لم تدخل مستشفى ولا تستطيع الحركة "، واشارت الى الأسيرة إسراء جعابيص "وضرورة التدخل لانقاذ حياتها، وكافة الاسيرات اللواتي يتعرضن للإهمال الطبي ويعانين من أوضاع صحية صعبة "
وقالت جرار " وضع الأسيرات جزء لا يتجزأ من وضع كل الحركة الأسيرة ، بل يمكن أن يكون أصعب تحديداً الان ، في ظل المضايقات التي تتم من خلال إدارة السجون كجزء من التنكر والعقاب والانتقام خاصة بعد نفق الحرية "، وأضافت " أهم المنغصات في حياة الاسيرات عدم وجود وسيلة تواصل مع العالم الخارجي ، و حتى الآن لم تستأنف الزيارات التي يتوقع العودة للعمل فيها بنهاية الشهر، كما لا يسمح بإجراء إتصالات هاتفية و لا يوجد تلفونات و اللقاء بالمحامين محدود ".
واوضحت بأن الاجراءات التعسفية الجديدة التي فر ضتها ادارة السجون بعد نفق الحرية ، طالت الاسيرات ، مثل إغلاق القسم عليهن لمدة يوم واحد ، كما فر ضت قانون جديد إما الخرج للفورة و إما أن تبقى الأسيرات بالغرف، وقالت " إذا خرجنا للفورة تغلق الغرف باستثناء بقاء غرفة واحدة مفتوحة و هذا يجعل خيارات الأسيرات محدودة ".
واكدت خالدة جرار ، أن "رسالة ومطلب الأسيرات الدائم والاساسي هو الحرية و لحينها يطالبن أن يتم على الأقل تخفيف الإجراءات التعسفية ، تلبية بعض المطالب أهمها: تركيب هواتف عمومية و إزالة الكاميرات الموجودة في الساحة التي تعيق حركة الأسيرات ومعالجة الرطوبة داخل السجن لان مجمل الظروف فيه سيئة وغير قانونية ."
وشددت على اهمية تعزيز التضامن والمؤازرة والدعم للاسيرات والاسرى والوقوف لجانبهم لوقف انتهاكات الاحتلال ، وشددت على اهمية رعاية ودعم الاسيرات لتعزيز صمودهن وثباتهن وتخفيف معاناتهن .
يشار إلى أن جرار من أبرز الرموز السياسية والمجتمعية الفلسطينيّة، وقد شغلت عدّة مناصب في مؤسّسات المجتمع المدني، وانتخبت كنائب في المجلس التشريعي عام 2006، وشغلت فيه مسؤولة ملف الأسرى.
وتقدمت الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في سجون الاحتلال ممثلة بالأمين العام القائد أحمد سعدات والأعضاء في منظمة فرع الجبهة بالسجون بخالص التهنئة للمناضلة خالدة جرار بتنسمها عبق الحرية بعد اعتقال دام عامين.
وعبّرت الجبهة عن "افتخارها واعتزازها برفيقتها المناضلة الكبيرة التي جسدت أروع الأمثلة في الصبر والتحدي، ولم تستطع أساليب الاحتلال في القمع والتنكيل ومنها حرمانها من رؤية النظرة الأخيرة على ابنتها الراحلة سها أن تكسر إرادتها وعزيمتها، فأكدت أنها مناضلة صلبة وعصية على الكسر."
واضافت: "إن الجبهة وهي تهنئ جماهير شعبنا بهذه المناسبة، وأمام هذا المشهد التضحوي المخضب بدماء الشهداء الزكية التي روت ثرى وطننا الحبيب، فإنها تؤكد على ضرورة تفعيل كافة أشكال المقاومة ضد هذا الاحتلال المجرم الذي لا يفهم إلا لغة المقاومة".
من جانبها، قالت محافظ رام الله والبيرة ليلى غنام، إن عشرات الحضور وقفوا في ذات الموقف من ذي قبل حين مواراة جثمان الراحلة سهى جرار، في غياب خالدة جسدياً، ولكن روحها كانت حاضرة.
وسلمت غنام الأسيرة المحررة خالدة جرار علماً لف به جثمان سهى قبل مواراتها الثرى، وقالت: "إن شاء الله هذا العلم يرفرف في القدس على مساجدها وكنائسها وأسوارها، بجهودك وصمودك وصمود الأسيرات والأسرى وأبناء شعبنا الفلسطيني".
وأضافت أن زوال الاحتلال ضرورة ملحة، حتى يتوقف شلال الدماء النازف من أجساد أبناء الشعب الفلسطيني وأعمار من هم خلف القضبان.
من جهته، قال رئيس نادي الأسير قدورة فارس، إن الشعب الفلسطيني يستقبل اليوم ايقونة النضال والكفاح خالدة جرار وهي تعود مرفوعة الرأس من ميدان النضال المتقدم.
وأكد أن خالدة لم تكن لتناضل لولا كانت تحس بالآخرين وشعبها، الذي تعرض لكل هذا الظلم من الاحتلال.