قراءة في مشهد الانتخابات الالمانية لعام 2021 ..

بقلم: خليل حمد

خليل حمد
  • بقلم : خليل حمد

بعد طول انتظار أسفرت انتخابات البرلمان الاتحادي الألماني (البوندستاغ) عن تقدم ضئيل للحزب الاشتراكي الديمقراطي أمام تحالف الحزب المسيحي الديمقراطي والحزب المسيحي الاجتماعي البافاري، وهو الائتلاف الحاكم الذي ظلت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل تقوده وتسهر على تماسكه طيلة 16 سنة. ورغم أن الفارق كان ضئيلاً، بنسبة 25.7 مقابل 24.1٪، فإن معدل الأصوات التي ذهبت إلى الائتلاف المسيحي المحافظ كان الأدنى على امتداد سنوات حكمه.

وإلى جانب صعود الحزب الاشتراكي الديمقراطي، أشارت الانتخابات إلى ما يشبه المد الاشتراكي واليساري عموماً، إذ حصل حزب الخضر على 14.8٪ وهي الأفضل تاريخياً خاصة وأنها تأتي على خلفية انحسار نسبي لشعبية أحزاب البيئة في أوروبا عموماً، ولعل موجة الفيضانات غير المسبوقة التي شهدتها ألمانيا خلال الفترة الأخيرة لعبت دوراً في زيادة رصيد الخضر. ورغم أن حزب اليسار تراجع قليلاً إلى ما دون الـ5٪، فإن الهبوط المقابل لحزب «البديل من أجل ألمانيا» اليميني المتطرف يرجح كفة القوى الاشتراكية واليسارية.

ولعل الدلالة الأهم وراء هذه الانتخابات هي أنها ستكون الأخيرة في حياة ميركل السياسية، وبالتالي فالمرجح في ضوء النتائج الراهنة أن يكون مستشار ألمانيا المقبل هو أولاف شولتس مرشح الحزب الاشتراكي الديمقراطي وليس أرمين لاشيت مرشح الائتلاف المسيحي المحافظ. وثمة أسابيع طويلة ومفاوضات شاقة سوف تسبق توصل الأحزاب إلى ائتلاف حاكم بديل تغادر بعده ميركل منصبها نهائياً،

إلا أن السيناريو الأكثر ترجيحاً هو نجاح الحزب الاشتراكي الديمقراطي في تشكيل تحالف مع الخضر واليسار، وغير مستبعد أن ينضم إليه الحزب الديمقراطي الحر ممثل رجال الأعمال لاعتبارات اقتصادية واستثمارية تعلو على ما عداها من حساسيات إيديولوجية.

وفي هذه الحال سوف يواجه الائتلاف الحاكم الجديد سلسلة تحديات داخلية، اقتصادية في المقام الأول بالنظر إلى أن سنوات هيمنة الائتلاف المسيحي المحافظ، وفي شخص ميركل على وجه التحديد، تركت آثارها العميقة على واحد من أهم اقتصادات العالم خلال حقبة زمنية شهدت العديد من الأزمات المحلية والأوروبية والعالمية تحولات العولمة. كذلك كان خيار ميركل في اعتماد سياسة مرنة تجاه استقبال اللاجئين والمهاجرين بمثابة سلاح ذي حدين، ترك بدوره سلسلة آثار اجتماعية وسياسية وإيديولوجية، خاصة في ميادين سوق العمل ومعدلات البطالة وصعود اليمين المتطرف.

وعلى صعيد إقليمي وأوروبي لن يكون يسيراً اقتفاء أثر ميركل في إقامة ميزان دقيق بين الهيمنة والتعاون ضمن الاتحاد الأوروبي بصفة جماعية، أو بصدد دول منفردة ذات نفوذ واستقلالية مثل فرنسا أو ذات اختلال واعتلال مثل اليونان، إذا وُضعت جانباً المشكلات البنيوية المعقدة التي فرضتها جائحة كوفيد، أو العلاقة الشائكة مع الإدارات الأمريكية المختلفة، أو التحالفات والشراكات الطارئة على غرار «أوكوس» بين واشنطن ولندن وكانبيرا، أو مقدمات الحرب الباردة بين الولايات المتحدة وكل من الصين وروسيا.

وليس أمراً غير مرجح أن يكون البحث عن مقاربات مختلفة لهذه الملفات وسواها هو بعض السبب الجوهري في أن الناخب الألماني رجح كفة الحزب الاشتراكي الديمقراطي، من باب التطلع إلى الجديد والمختلف والبديل.

ومن المفارقة أن الحملات الانتخابية جرت على خلفية الكثير من الأزمات مثل الوباء المستمر في البلد، وهزيمة الناتو التاريخية في أفغانستان، والفيضان النابع من التغيرات المناخية والذي دمر مساحات واسعة من البلد هذا الصيف، وأدى لوفاة حوالي 200 شخص.

".في الوقت الذي تتفاعل فيه ألمانيا مع نتائج الانتخابات المبكرة، كان هناك بعض التطورات الرئيسية حتى الآن، ولكن ماذا تعني هذه التطورات بالنسبة للشركاء الأوروبيين ؟

- فرنسا تأمل في أن يكون هناك مستشارا ألمانيا قويا في القريب العاجل .

- سفير روسيا لدى برلين سيرغي نيتشايف يعرب عن استعداد بلاده للعمل مع أي حكومة ألمانية يتم تشكيلها بعد الانتخابات البرلمانية الأخيرة.

- الرئيس الأمريكي جو بايدن فوجئ بالنتائج الأولية للانتخابات في ألمانيا، قائلا: "عجبا! إنهم أقوياء"، في إشارة إلى الحزب الاشتراكي الديمقراطي.

- الصين بدورها أعلنت عن استعدادها للتعاون مع الحكومة الألمانية الجديدةعلى أساس الحوار المتكافئ

ولم يغب المرشحون من أصول عربية عن المشهد الانتخابي الألماني، خصوصا مع ازدياد عدد المقيمين من أصول عربية في البلد الأوروبي في السنوات الأخيرة مع ارتفاع موجة الهجرة من الدول العربية التي تعاني من حروب وأزمات اقتصادية وسياسية مختلفة.ليحدثوا تحولا تجلّى في عدم وقوفهم متفرجين على المشهد السياسي في البلاد بلغ عددهم تسعة اعضاء, سبعة منهم دخلوا لأول مرة

يذكر أن البرلمان الألماني أو البوندستاغ هو برلمان جمهورية ألمانيا الاتحادية الذي يتم انتخاب أعضائه كل أربع سنوات. يضم البرلمان في دورته الحالية 631 عضواً

وهذه قائمة باسم الاحزاب الالمانية المشاركة في الانتخابات والنسب التي حصلت عليها :

الحزب الاشتراكي الديمقراطي بقيادة أولاف شولتز، المرشح لتولي منصب المستشار، بنسبة 25.7 بالمئة، وجاءت كتلة المحافظين المكونة من حزب المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل "الاتحاد الديمقراطي المسيحي لألمانيا" وحزب "الاتحاد المسيحي"، في المرتبة الثانية بنسبة 24.1 في المائة.

كما حصد حزب "الخضر" بقيادة ألينا بيربوك، وفقا للنتائج 14.8 من الأصوات، بينما جاء في المركز الرابع حزب "الديمقراطيين الأحرار" بنتيجة 11.5 من الأصوات، ويليهم حزب "البديل من أجل ألمانيا بنسبة 10.3 بالمئة من الأصوات.

 

عضو اللجنة المركزية لجبهة النضال الشعبي الفلسطيني  مسؤول اللجنة الاعلامية في الساحات الاوروبية .

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت