• الهروب نحو الحلول الجزئية بديلاً للحل السياسي وفقاً للشرعية الدولية تعبير
عن فشل النظام السياسي في تعبئة القوى الوطنية
• الحوار الوطني لإعادة بناء النظام السياسي عبر الانتخابات الشاملة والتحرر
من أوسلو هو المخرج من الأزمة السياسية
عقدت اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين، في الأسبوع الأخير من شهر أيلول (سبتمبر) 2021ـ دورة إجتماعات برئاسة أمينها العام نايف حواتمة (دورة شهداء «معركة القدس» وأبطال الحركة الأسيرة)، ناقشت فيها القضايا المدرجة على جدول أعمالها، وأصدرت في الختام البلاغ السياسي الآتي نصه:
أولاً- تتوجه اللجنة المركزية للجبهة الديمقراطية، بتحية التقدير والإكبار لشعبنا المناضل، وتخص بالذكر الشهداء والجرحى الأبطال، الذين رسموا بالدم إنتصارات معركة القدس، وفرضوا معادلة سياسية جديدة، تفتح الأفق لمرحلة، لا شك أن «معركة القدس» بنتائجها وما سوف يترتب عليها، تشكل واحدة من مقدماتها الرئيسية. وتؤكد اللجنة المركزية على ضرورة أن يتحمل الكل الفلسطيني واجباته، كل من موقعه، لصون إنتصارات «معركة القدس»، وعدم تبديدها في معارك جانبية، خارج إطار المصالح الوطنية العليا لشعبنا وقضيته الوطنية، وعلى الأخص، تلك الوحدة الوطنية الرائعة التي عبّر عنها شعبنا في كافة مناطق تواجده، بانخراطه، كل من موقعه، ووفقاً لخصوصية شرطه الجغرافي والسياسي، في المعركة ضد الاحتلال ومشاريعه التصفوية.
ثانياً- كذلك تتوجه اللجنة المركزية بتحية الإكبار إلى أبطال «نفق الحرية»، وإلى عموم أسرانا، فلسطينيين وعرباً، في سجون الاحتلال، وتؤكد اللجنة المركزية أن عملية «نفق الحرية» أعادت طرح مسألة الأسرى على بساط البحث، ومن هنا ضرورة إعلائها لجهة المزيد من الاهتمام بها، باعتبارها قضية كبرى من قضايا النضال الوطني، وإخراجها من دائرة الاهتمامات المتقطعة، لصالح إدراجها بنداً دائماً على جدول أعمال الحركة الوطنية، ما - بدوره - يفرض تطوير مؤسسات ولجان وآليات الاهتمام بقضايا الأسرى، وهو الأمر الذي بات يملي على السلطة الفلسطينية أيضاً، إستعادة وزارة شؤون الأسرى في تشكيل الحكومة، لوضع ملف الأسرى تحت مجهر المتابعة اليومية لمؤسسة تم إلغاؤها، نزولاً عند الضغط الأميركي والإسرائيلي.
ثالثاً- في مراجعة الأوضاع السياسية الفلسطينية والإقليمية في ضوء الأحداث الأخيرة، وفي مقدمها «معركة القدس»، وعملية «نفق الحرية» الأسطورية، أكدت اللجنة المركزية الخلاصات السياسية التالية:
1- تَخَلَّفت القيادة الرسمية –مرة أخرى– عن النهوض بمسؤولياتها الوطنية في اتخاذ الخطوات الضرورية لتوفير الغطاء السياسي للهبّة الشعبية، والمساهمة في دفعها على طريق الإنتفاضة الشاملة، والرد على العدوان الوحشي ضد قطاع غزة، من خلال التنفيذ الفوري لقرارات الدورة 23 للمجلس الوطني- 2018، بالتحرر من الإلتزامات المجحفة لاتفاقيات أوسلو، وبخاصة وقف التنسيق الأمني والتحلل التدريجي من إملاءات «بروتوكول باريس الإقتصادي».
2- إن استمرار هذه السياسة التي تتمسك بخيار الإلتزام باستحقاقات أوسلو والإنضباط لقيوده، والإغراق في وهم الرهانات الخاسرة على إحياء المفاوضات العبثية برعاية الرباعية الدولية، بات يعطل الدور الريادي لـ م.ت.ف، ويتنكر لقرارات دورات مجلسيها الوطني والمركزي، ويغذي اصطناع البدائل لها، ويزيد بالتالي من تفاقم أزمة النظام السياسي الفلسطيني، وعجزه عن التقدم في مواكبة المسيرة الكفاحية لشعبنا، وفي تجاوز حالة الإنقسام التي تعمق هذه الأزمة وتزيدها تعقيداً.
3- إذ تُحذّر اللجنة المركزية من خطورة الرهان الفاشل على إمكانية إطلاق عملية سياسية جدية لتسوية الصراع في الأمد القريب، فإنها تشدد على ضرورة إستمرار النضال في الميدان وعلى الصعيد الدولي، من أجل تغيير حاسم في ميزان القوى، يملي على العدو الإذعان لقرارات الشرعية الدولية، وبخاصة القرار 2334-2016، الذي ينص على وقف الاستيطان في كافة مناطق الضفة الغربية، بما فيه القدس الشرقية وقفاً تاماً، باعتبار ذلك شرطاً لازماً لإطلاق عملية سياسية قابلة للنجاح، في إطار مؤتمر دولي تحت الرعاية الجماعية للأمم المتحدة، ممثلة بالدول الخمس دائمة العضوية في مجلس الأمن، من أجل تنفيذ القرارات ذات الصلة، بالحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني، بما فيه حل قضية اللاجئين وفقاً للقرار 194 الذي يكفل حق العودة إلى الديار والممتلكات التي هجروا منها منذ العام 1948.
4- تؤكد اللجنة المركزية أن ما حققه شعبنا من انتصارات، نقل قضيتنا الوطنية إلى مرحلة جديدة، باتت تستوجب إعتماد سياسة وطنية جامعة، ترقى إلى مستوى التحديات والاستحقاقات التي باتت تطرحها هذه المرحلة، ما يتطلب سريعاً، إعادة تنظيم الصف الوطني على أسس إئتلافية، تستعيد قيم وقواعد عمل حركات التحرر الوطني، ووفق برنامج نضالي يعتبر من الدروس الغنية لـ «معركة القدس» وفي مقدمها وحدة الشعب والأرض والقضية والحقوق الوطنية، كما يُعبِّر عنها بدقة البرنامج الوطني المرحلي، الذي أتت الأحداث – مرة أخرى – لتؤكد على راهنيته.
5- تؤكد اللجنة المركزية على ضرورة قراءة دروس ثورة الغضب الشعبي – هبّة الكرامة في الـ 48، وما أحدثته من تطور في تجسيد وحدة شعبنا ووحدة نضالاته، ما يتطلب توفير آليات وأطر عمل تكفل صون هذه الوحدة، وتراعي خصوصية كل بقعة من بقاع النضال بتنوعها، وتمايز شروطها، والأهداف النضالية المطروحة على جدول أعمالها، في سياق المشروع الوطني الفلسطيني الموحد، القائم على برنامج العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة بعاصمتها القدس.
وفي هذا السياق تدعو اللجنة المركزية لبحث فكرة تشكيل إطار تنسيقي جامع لا يكون بديلاً عن م.ت.ف، يؤكد وجود الشعب الفلسطيني كشعب واحد لا يقبل التجزئة قولاً وفعلاً، ويسمح بصورة خاصة لممثلي الفلسطينيين من مواطني إسرائيل، غير الممثلين في هيئات م.ت.ف، بالمشاركة فيه، مع مراعاة خصوصية واقعهم.
6- ترى اللجنة المركزية أن النهوض العارم للحراكات الشعبية، في القارات الخمس، تضامناً مع نضال شعبنا ونضاله في سبيل حقوقه المشروعة، ومناهضة لجرائم الإحتلال وسياسات التمييز العنصري والتطهير العرقي، يعبر عن نقلة نوعية في الرأي العام، على المؤسسات والمنظمات الفلسطينية الرسمية والأهلية، التفاعل معها، وتطويرها لعزل دولة الإحتلال، كما تم سابقاً عزل نظام الأبارتهايد البائد في جنوب إفريقيا، ناميبيا، زمبابوي، الخ..
7- تؤكد اللجنة المركزية من جديد على أهمية المسارعة لالتئام حلقة الحوار الوطني الشامل على أعلى المستويات، حوار تصدر عنه قرارات ملزمة للكل الوطني، تُخرج الحالة الفلسطينية – وإن بخطوات متدرجة، إنما تراكمية وثابتة - من واقع الإنقسام، وتضع آلية لإعادة بناء م.ت.ف وإصلاحها على أسس ديمقراطية، تعددية، وطنية جامعة، بما يعزز موقعها السياسي والنضالي؛ وتعتمد استراتيجية كفاحية، تكفل مواصلة استنهاض قوى شعبنا، واستعادة عناصر القوة التي يملك.
8- ترى اللجنة المركزية أن السلطة الفلسطينية قطعت شوطاً على طريق الانتقال إلى نظام تسلطي يستسهل اللجوء إلى القمع بأشكاله: بدءاً من التضييق على الحريات العامة بما فيه حرية الرأي، والإعتقال على خلفية الرأي السياسي، واستخدام الإكراهات الجسدية في كل هذا.
9- تؤكد اللجنة المركزية أنه في الوقت الذي تدرك فيه قيادة السلطة جيداً، أن إدارة الرئيس الأميركي جو بايدن أعلنت أكثر من مرة، أن العملية السياسية، إذ تستلزم وقتاً طويلاً في التحضير، ليست مدرجة على جدول أعمالها حالياً، وأن حكومة دولة الاحتلال برئاسة الثنائي بينيت – لابيد، لا تكف عن التأكيد على رفضها استئناف المفاوضات، وتمسكها في الوقت نفسه بمواصلة الاستيطان ...، فإن تمسكها بما تسميه مبادرتها لاستئناف المفاوضات تحت رعاية الرباعية الدولية، المعلقة على قرار واشنطن، إنما يشكل علامة على حالة عجز النظام السياسي الفلسطيني في صيغته الحالية، من التحرر من قيود أوسلو، وطرح البدائل العملية ذات المغزى، وللتغطية في الوقت نفسه على انزلاقها نحو الأخذ بصيغة الحلول الاقتصادية تحت سقف أوسلو، كإجراءات «بناء الثقة»، والتي لا تعدو كونها تمديداً لمرحلة الحكم الإداري الذاتي، وابتعاداً عن الحل السياسي بمضمون حق تقرير المصير للشعب الفلسطيني.
10- تؤكد اللجنة المركزية أن معركة القدس بكل فصولها، سبقتها مقدمات أسهمت في توفير الشروط السياسية والجماهيرية لخوضها بكل الوسائل والأساليب النضالية، وأن وقف إطلاق النار على خطوط القتال ضد دولة الاحتلال، لم يُطفيء نيران الاشتباك اليومي معها، في القدس وأنحاء الضفة الغربية، وخط التماس في قطاع غزة، وأن معركة القدس، وكما كانت نتاجاً لمقدمات سبقتها، فإنها هي الأخرى، تشكل مقدمة لأحداث قادمة لن تقل أهمية عن معركة القدس في إطار حرب الاستقلال الوطني لشعبنا الفلسطيني، الأمر الذي يتطلب من عموم الحركة الوطنية الفلسطينية (بما فيه منظمات الجبهة الديمقراطية في جميع أماكن تواجدها) أن تستعد لاستقبال استحقاقات المعركة القادمة، والوفاء بمتطلباتها■
■ ■ ■
إذ تتوجه اللجنة المركزية إلى جماهير شعبنا الصامد، في كل مكان، بالتحية النضالية لصموده وثباته واستعداداته النضالية غير المحدودة، فإنها تؤكد حرصها على مواصلة السير على الطريق الكفاحي نحو إنهاء الانقسام، وإعادة بناء نظامنا السياسي، على أسس ديمقراطية بالانتخابات الشاملة، بما يعيد بناء مؤسساتنا الوطنية وفي مقدمتها المجلس الوطني وسائر الهيئات، وتعميق وحدة شعبنا، وقدراته النضالية حتى تحقيق أهدافنا وحقوقنا غير القابلة للتصرف، في العودة وتقرير المصير والدولة المستقلة بعاصمتها القدس ■
عاشت الجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
عاشت م. ت. ف. ممثلنا الشرعي والوحيد
الخلود للشهداء، والحرية للأسرى، والشفاء للجرحى
والمجد للوطن
اللجنة المركزية
للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين
أوائل تشرين الأول (أكتوبر) 2021