- بقلم : فاضل المناصفة
يستمر تصعيد التوترات الدبلوماسية بين فرنسا والجزائر على خلفية التصريحات الغير مسبوقة من جهة رسمية والمتمثلة في تصريحات الرئيس ماكرون لجريدة فرنسية حيث وصف هذا الأخير النظام الجزائري ب " المرهق " بسبب الحراك الشعبي، كما اتهم السلطة بأنها مقيضة من طرف المؤسسة العسكرية هي من تسوق العداء لفرنسا وتضع الرئيس الجزائري في موقف صعب على حد تعبيره، ولم يكتفي ماكرون بهذا القدر بل ذهب بعيدا بتصريحات تجاوزت كل النقاط الحمراء في الأعراف الديبلوماسية و اعتبر أن الجزائر لم يكن لها أي وجود قبل الاستعمار الفرنسي، كل هذا الكم من التصريحات العدائية والخطيرة جعل الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون يستدعي على جناح السرعة سفير بلاده في باريس للتشاور ليتبع هذا الاستدعداء، قرار بحظر الطائرات العسكرية الفرنسية فوق الأجواء الجزائرية فيما يرى متابعون للشأن ان هاته الإجراءات الشجاعة من طرف النظام الجزائري تعتبر رد فعل أولي على " هرطقات " ماكرون سيليها قرارات أخرى على حسب المستجدات والاشارات التي سيبعث بها الإليزيه .
لقد عبرت تصريحات ماكرون الأخيرة على نية خبيثة مبيتة ضد الجزائر سبقها قرار تخفيض عدد التأشيرات الممنوحة سنويا للجزائريين كما لا ننسى أيضا استفزازات أخرى في ملف الذاكرة والحرب الفرنسية على الجزائر، اذ لم يفوت ماكرون الفرصة لشكر المستوطنين والمحاربين الفرنسيين القدماء في الجزائر من دون ان يحترم مشاعر العديد من العائلات الجزائرية التي تعرضت لأبشع الجرائم الإنسانية في التاريخ الحديث، ثم يأتي ماكرون ليوجه الاتهام الى المؤسسة العسكرية في الجزائر بنشر الحقد والكراهية ضد فرنسا من دون ان يبالي بأن تكريمه للجلادين الذي مارسو انتهاكات ابان الفترة الاستعمارية هو في حد ذاته أعلى درجات نشر الحقد والكراهية ، واحقر تصرف تجاه الجزائر قيادة وشعبا .
ان تصرفات المراهق ماكرون ومهاجمته للجزائر هي خير دليل على فشله في فرض املاءات على القيادة الجزائرية او مساومتها بملفات امنية مهمة على حساب مكاسب اقتصادية لفرنسا في الجزائر، لقد اصطدم ماكرون بجرأة الرئيس تبون الذي اتسم خطابه دائما فيما يخص فرنسا بنوع من الديبلوماسية، الا ان هذا الأخير أكد من خلال اجراءاته الأخيرة أن الجزائر لم تعد قابلة للابتزاز وبإمكانها رد الصاع صاعين لأي جهة تحاول المساس بأمنها أو استقلالية قرارها وان الجزائر الجديدة لا تتعامل مع فرنسا بمنطق الضعيف أمام القوي بل بمنطق الند للند .
ماكرون المفلس سياسيا والذي يتخبط بفعل الازمات الاقتصادية في فرنسا والذي لم تنجح ادارته في اقناع الجزائر بعودة العديد من الشركات الفرنسية الى السوق الجزائرية ولا حتى ممارسة أسلوب الابتزاز مع الجزائر، وجد من النظام الجزائري ورقة خاسرة يحاول توظيفها ضد منافسيه السياسيين وهذا من اجل خفض الهوة بينه وبين الأطراف التي تحظى بشعبية في الأوساط العنصرية داخل فرنسا والتي تطالب بالمزيد من التضييقيات على الجالية المغاربية خصوصا والمسلمين في فرنسا عموما، واستمالة لأصوات قدماء المحاربين وابناءهم من خلال اللعب على العاطفة وبث السموم في تصريحاته .
لقد أكدت الجزائر الجديدة في السابق عدم حاجتها للشركات الفرنسية بعد أن رفضت تجديد العقود للشركات فرنسية كانت تنهب المال العام بمساعدة بعد اركان العصابة كما وضعت النقاط على الحروف من خلال اجراء حظر مرور الطائرات العسكرية الفرنسية عبر اجواءها بعد الحملة الماكرونية المسعورة ضد سمعة الثورة الجزائرية وهيبة الدولة الجزائرية كما أعطت اشارة للرئيس القادم بأن الجزائر الجديدة ليست قابلة للمساومات وليست مستعدة للتعامل مع نظام يتخد من أراضيه مركزا لانطلاق الحملات العدائية ضدها ، اما ماكرون فقد دخل مزبلة التاريخ وانتهى سياسيا قبل الموعد الانتخابي بستة أشهر ولم يكسب من تصريحاته سوى الخيبة والحسرة .
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت