- بقلم/ أ.محمد حسن أحمد
أعاد نفق الحرية الذي شقته عزيمة وإرادة فرسان الحرية الستة قضية الأسرى إلى الصدارة في وسائل الإعلام العالمية في ظل تشابك القضايا وأولوياتها في الساحة الدولية والإقليمية ، كما أحدث صدمة لدى المنظومة الأمنية الإسرائيلية على الرغم من تحصيناتها المحكمة في سجن جلبوع إلا أن إرادة الأسرى قهرت السجان من خلال التخطيط المحكم وعنصر المباغتة الذي أذهل الجميع محلياً وإقليمياً ودولياً كأننا في عصر المعجزات وهذا يدلل ويؤكد على أن شعباً خرج من رحمه هؤلاء الأبطال لسوف ينتصر وهذا يريدنا إلى محطة من محطات أمجاد العرب وهي نصر السادس من أكتوبر الذي حطم فيها الجيش العربي المصري خط بارليف المحكم التحصين وأحدث قهراً للجيش الصهيوني الذي لا يقهر حسب مقولات قادة الاحتلال، فالإرادة العربية تنتصر دوماً إذا ماأتيح لها سلامة التخطيط بعقل عربي وقرار مستقل، حيث تعد حرب أكتوبر "حرب العاشر من رمضان" في العام 1973نقطة تحول في أساليب الصراع العربي الإسرائيلي بما لها وما عليها ، حيث تغير المشهد في المنطقة بإحداث حالة من التفكك في العلاقات العربية العربية ، ولكن قبل أن أستعرض المشهد العربي بعد أن وضعت الحرب أوزارها تجدر الإشارة إلى أن العرب لديهم المقدرة على صنع المعجزات في حال وحدتهم ، فالعجز ليس من صفات الأمة العربية ، وإنما العنفوان والكبرياء العربي المنصهر في إرادتهم وشجاعتهم هو ما تهيئ له القيادة الوطنية الرشيدة صاحبة القرار الوطني المستقل عن تأثير القوى الأجنبية ، تلك القيادة التي ترفض التبعية ، وهي التي تنطلق من رحم الشعب وتعبر عن آماله وطموحاته ، فحرب أكتوبر تفاعل معها جميع العرب بنسب متفاوتة في الاتجاه الوطني لاسترداد الحقوق المغتصبة ، تلك الحرب التي جسدت سلامة التخطيط ودقته وسريته ، فكانت المباغتة وتحقيق التفوق في ميدان المعركة حيث استبسل الجيش العربي على الجبهة السورية والجبهة المصرية ، وسجلت العسكرية العربية ملاحم بطولية يفتخر بها كل عربي ، مما حدا بالولايات المتحدة الأمريكية وقوى الاستعمار أن تفتح جسرا جويا لإنقاذ إسرائيل من الهلاك ، لقد كشفت حرب أكتوبر زيف القوة الإسرائيلية فيما أكدت قوة العرب في حال استنهاضها وتوظيفها لمصالح الأمة بوجود قادة غير تابعين للقوى الأجنبية ، بمعنى أن تتخلص الشعوب من وكلاء الاستعمار بمسمياتهم المتعددة من ملك وأمير ورئيس وسلطان وما بين ذلك من أسماء وصفات تحقق مصالح القوى الاستعمارية وتعطل قدرات الشعوب العربية وتبدد ثروات العرب لصالح الإبقاء على عروشهم ، فأمة العرب والإسلام بخير بدون وكلاء الأجنبي والمحتل ، بدأت الحرب يوم السبت السادس من أكتوبر في الساعة الثانية ظهراً بهجوم مفاجئ من قبل الجيش المصري والجيش السوري على القوات الإسرائيلية في سيناء وهضبة الجولان حيث خططت القيادتان المصرية والسورية لمهاجمة إسرائيل على جبهتين في وقت واحد بهدف استعادة شبه جزيرة سيناء والجولان التي احتلتهما إسرائيل في حرب 1967،وكانت اسرائيل قد قضت السنوات الست التي تلت حرب 1967في تحصين مراكزها في الجولان وسيناء ،وأنفقت مبالغ هائلة لدعم سلسلة من التحصينات على مواقعها في مرتفعات الجولان "خط آلون" وفي قناة السويس "خط بارليف" ، هاجمت القوات المصرية تحصينات إسرائيل بطول قناة السويس وفي عمق شبه جزيرة سيناء ، وقد نجح الجيش المصري في اختراق خط بارليف خلال ست ساعات فقط من بداية المعركة بينما هاجم الجيش السوري ودمر التحصينات الكبيرة وقواعد القوات الإسرائيلية في مرتفعات الجولان ، وحقق الجيش السوري تقدماً كبيراً في الأيام الأولي للقتال واحتل قمة جبل الشيخ مما أربك الجيش الإسرائيلي ، كما قامت القوات المصرية بمنع القوات الإسرائيلية من استخدام أنابيب النابالم بخطة مدهشة ، كما حطمت أسطورة الجيش الاسرائيلي الذي لايقهر في سيناء المصرية والجولان السوري ،وساهم في الحرب بعض الدول العربية سواء عسكريا او اقتصاديا ،حقق الجيشان المصري والسوري الأهداف الاستراتيجية المرجوة من وراء المباغتة العسكرية ضد القوات الإسرائيلية كانت هناك انجازات ملموسة في الايام الاولى بعد شن الحرب حيث توغلت القوات المصرية 20كم شرق قناة السويس وتمكنت القوات السورية من الدخول في عمق هضبة الجولان ،من اهم نتائج الحرب استرداد جميع الأراضي في شبه جزيرة سيناء ، واسترداد جزء من مرتفعات الجولان السورية بما فيها مدينة القنيطرة وعودتها للسيادة السورية ، ولكن لم تأت الرياح بما تشتهي السفن ، فكان ما كان من انقسام الصف العربي بعد زيارة السادات للقدس وتوقيع اتفاقية سلام مع إسرائيل ، وأصبحت هناك جبهة الصمود والتصدي ، ومع المتغيرات الدولية بعد منتصف الثمانينات بدأت مرحلة تحول جديدة في العلاقات العربية العربية لا مجال للحديث عنها في هذا المقال ، واليوم بعد أن تم إضعاف وتدمير قلعة العراق وقلعة سوريا حسب سيناريوهات رؤية قوى الاستعمار للشرق الأوسط الجديد تبقى مصر قلعة العرب وآخر القلاع العربية التي تحاك ضدها المؤامرات والتي ستفشل بإذن الله وستنتصر مصر بجيشها وشعبها وقيادتها ، وعلى أمة العرب أن تحافظ على مصر لتظل رافعة للقضايا العربية ، وعدم تركها للاستفراد والتغول الأمريكي الاستعماري
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت