يمارس الشاب محمد نصري هواية أشبه بالجنون لدى البعض لكنها بالنسبة له تمثل أمرا مثيرا من أساليب الحياة عبر تربية أنواع مختلفة من الأفاعي العملاقة والخطيرة في منزله.
ويكرس نصري (20 عاما) من قرية "بير نبالا" جنوب مدينة رام الله وسط الضفة الغربية جل وقته بالاعتناء في الأفاعي ذات الألمان والأحجام المختلفة في مشهد خارج عن المألوف.
وقبل ثماني أعوام بدأ الشاب اليافع في تربية أكبر وأخطر الثعابين في منزله في خطوة تعد خروجا عن عادات وتقاليد المجتمع الفلسطيني الذي يصنف تلك الزواحف بأنها ضارة ممنوع الاقتراب منها.
وتضم أنواع الأفاعي التي يقتنيها نصري داخل مرفأ في منزله مجهز بكافة الاحتياجات من صناديق خشبية وزجاجية والطعام والأدوية والحرارة اللازمة لنموهم (الأناكوندا الخضراء وثعابين الذرة والكوبرا الهندية والبورمية) وعشرات أخرى من السامة وغير السامة.
ويقول نصري لوكالة أنباء (شينخوا) بينما يلف أفعى صفراء اللون ذات الحجم الكبير على كتفيه إن تربية الأفاعي مغامرة كبيرة قام بها لحبه الشديد بتلك الأنواع من الزواحف.
ولم يحصل نصري على دورات تدريبية في التعامل مع الأفاعي لكنه تعرف عليها وتعلم الكثير عنها من خلال قراءة الكتب عبر الانترنت أو مشاهدة أفلام عن كيفية التعامل معها.
ويوضح الشاب أن بداية الأمر لم يكن لدي معرفة كبيرة بشأن الاعتناء بتلك الزواحف أو كيفية اطعامهم أو الشروط التي يحتاجونها ما دفعه لمشاهدة عشرات الأفلام عن الزواحف والثعابين خوفا من التعرض لمواقف خطيرة.
ويتابع نصري أن مشاهدة الأفلام وعمليات البحث التي قام بها أثمرت بعد قرابة عام إذ زاد حجم أحد الأفاعي لديه ووصل إلى طول 70 سم لكنها ماتت بعد وقت قصير ما أصابني حزن شديد عليها.
ويستذكر الشاب الحادثة قائلا "شعرت أنني فقدت أحد أصدقائي المقربين وبكيت كثيرًا، مشيرا إلى أنه قرر شراء واحدة أخرى وأردت أن تكون أطول وأكبر من نوعية الذرة".
وأمضى نصري عاما كاملا في توفير حوالي 250 دولارا أمريكيا لشراء ثعبان بورمي غير سام كان طوله 60 سم، ومع توفير الطعام والظروف الملائمة نما حجمه ووصل إلى أربعة أمتار ما دفعه حينها إلى بيعها بعد فترة وجيزة لكسب بعض المال.
وقال "بعته مقابل 1300 دولار أمريكي وكسبت مئات الدولارات عندما كان عمري 15 عاما فقط، مشيرا إلى أن الخطوة أدخلت سعادة غامرة على نفسه وأصبح فخورا كونه استطاع عمل ذلك في سن مبكرة.
وفي ذلك الوقت، أدرك نصري أنه يستطيع تحويل هوايته إلى عمل تجاري فقرر شراء الثعبان الدجاج التي قام بتربيتها لشهور قبل بيعها وجني حوالي 5000 دولار أمريكي.
وبعد ذلك لكي يكون "فريدًا ومميزًا" قرر شراء أثقل وأخطر الأنواع الأناكوندا الخضراء والصخري والشبكي ولاحقا اشترى الكوبرا الهندية وعشرات الثعابين الأخرى.
ويقول نصري بينما يمسك في يده مقبض حديدي رفيع يلتقط فيه الثعابين "حاليا أمتلك عشرة ثعابين كبيرة وعشرات صغيرة لكنني تمكنت من ترويضها جميعًا حتى أتمكن من التعامل معها".
ولم يواجه الشاب الفلسطيني أي معارضة من قبل عائلته ميسورة الحال في الاحتفاظ بالأفاعي داخل المنزل، في وقت يقوم بإخراج بعضها في ساحته من أجل الترفيه عن نفسها.
ولإطعامهم أنشأ نصري وهو طالب إدارة أعمال في جامعة بير زيت في الضفة الغربية مزرعة صغيرة حيث يقوم بتربية الفئران والأرانب التي يتم إطعامها للزواحف.
ومع ذلك، فإن حلم نصري لا يتوقف عند هذا الحد وهو الآن يخطط لتربية الثعابين السامة واستخدام سمها للأغراض الطبية وخاصة لتطوير لقاحات ضد الثعابين.
لكن أحلامه تتعارض مع الواقع الفلسطيني اليومي فالسلطة الفلسطينية في حاجة ماسة إلى الأطباء البيطريين القادرين على تقديم المساعدة الطبية للحيوانات وعلاوة على ذلك لا توجد مختبرات علمية من شأنها استخراج الأجسام المضادة من سم الثعابين.
ويقول نصري بينما بدت الابتسامة على وجهه "إذا كانت لدينا تقنيات لاستخراج سم الأفعى، فسنبيع كل جرام منه مقابل 4000 دولار أمريكي على الأقل".
ويطمح الشاب إلى إنشاء مزرعته الخاصة التي تحمل اسمه وتحتوي على جميع أنواع الحيوانات والزواحف الفريدة، كما يأمل في أن يصبح هذا المكان في نهاية المطاف منطقة جذب سياحي.
ووفقا لدراسة صادرة عن جمعية "الحياة البرية في فلسطين" فإن عدد الأفاعي التي تعيش في الأراضي الفلسطينية يقدر بـ 34 نوعا منها تسعة أنواع سامة.