قال الكاتب الصحفي أشرف العشري إنه مع عودة الاهتمام الإسرائيلى هذه الأيام من قبل نفتالى بينيت رئيس الوزراء الجديد وسجال النقاشات الحادة الصارخة فى اجتماعات الحكومة وجلسات الكنيست الإسرائيلى لعودة فتح قضية البحث المستميت من قبلها عن الطيار الإسرائيلى رون أراد المختطف فى لبنان صيف ١٩٨٦عندما سقطت طائرته جنوب لبنان،وتشكيل اكثر من خمس فرق مجددا من قبل الموساد طيلة الأسابيع الماضية وتجنيد وزرع عشرات العناصر الخارجية التابعين فى بعض عواصم الإقليم لفتح القضية من جديد، وإطلاق محركات التجسس وتقصى المعلومات والحقائق من المنبع، واعتبارها القضية الأولى لتل ابيب فى قادم الأيام ولاقضية تعلو عليها إلا قضية امتلاك إيران الأسلحة النووية، وكل ذلك من أجل ان يحقق بينيت نصرا اسرائيليا فى الداخل على حكومات نيتانياهو السابقة. التى فشلت بامتياز طيلة قرابة خمسة عشر عاما فى فك ألغاز تلك القضية.
وأضاف العشري في مقاله يوم الثلاثاء بصحيفة "الأهرام" المصرية بعنوان “أنا وسرايا ومبارك والطيار الإسرائيلي”: “ولزاما على باعتبارى كنت احد الذين حصلوا لأول مرة كصحفى على معلومات دقيقة وموثقة على لسان احد القادة الشيعة القلائل المحددين الذين يعرفون حقيقة كيفية خطف وأسر وقتل رون أراد ودفن سره معه. ونشرت معه افضل حواراتى الصحفية وما أحدثه يومها من صخب وزلزال صحفى وسياسى استمر لاسبوعين كاملين. فاننى ارى انه لاطائل لحكومة بينيت مسبقا بتحقيق اى نجاح بل صعوبة واستحالة التوصل لاى حقائق من الآن وحتى عشر سنوات قادمة من البحث. وعليها ان تريح نفسها وربما تتوقف فجأة عن البحث باعتبار ان الفشل الأكبر سيكون من نصيبها فى نهاية الامر”.
وقال إن قصة المعلومات لدى والحوار الصحفى الشهير هذا تعود الى عام ١٩٩٩ حيث كان متابعا لقضية الطيار الإسرائيلى منذ اليوم الاول لسقوطه ١٩٨٦ فى جنوب لبنان، وكان فى الأسابيع الأولى من بداية حياته الصحفية.
وتابع العشري: “واستمرت المتابعة والاهتمام الى أن جاءتنى الفرصة عام ٩٩ حيث كنت محررا دبلوماسيا للأهرام مختصا بتغطية وزارة الخارجية يوميا. وفى صيف هذا العام ٩٩ شاهدت الشيخ محمد مهدى شمس الدين رئيس المجلس الإسلامى الشيعى الأعلى بلبنان بعد نهاية لقائه مع عمرو موسى وزير الخارجية فى مقر الوزارة آنذاك ورفض عقد مؤتمر صحفى كالعادة لكل الزائرين وخرج مسرعا مصحوبا ومدججا بحراسات قوية. وكنت أعلم انه من القلائل الذين لهم صلة بقضية رون أراد وانه نادرا مايخرج من لبنان او يزور اى عواصم خشية على حياته حتى لايتعرض للاذى اوالضرر بسبب تلك القضية. او يحدث له مكروه كما حدث مع الإمام موسى الصدر عندما اختفى فى ليبيا.
وبالفعل قررت الوصول اليه وعمل حوار صحفى لأننى كنت موقنا ان هذا الحوار سيشكل سبقا، صحفيا، لى خاصة عندما أحصل منه على معلومات قصة اختفاء وأين يوجد الطيار أراد الآن؟ وبعد جهد جهيد فشلت على مدى يومين فى التوصل الى مكان إقامته. إلا أنه طرأت لى فكرة الاتصال بمكتب وزير الخارجية للوصول الى مقر إقامته خلال زيارته تلك لمصر. وبالفعل عرفت يومها انه يقيم وسط حراسة مشددة فى احد فنادق منطقة الحسين بناء على طلبه وانه سيغادر صباح الغد عائدا الى بيروت. وقررت على الفور الذهاب عصرا الى هذا الفندق وقررت المكوث فى البهو مهما يكلفنى الوقت للالتقاء به حيث لم يكن موجودا ومرتبطا بمواعيد عديدة مع مسئولين مصريين. وانتظرت حتى الساعة العاشرة ليلا حتى حضر وفجأة وجدته أمامي. فاقتربت منه وحاولت إقناعه بطلب حوار صحفي، ولكنه كان يرفض بحجة انه لايعطى أى حوارات صحفية ولايرحب بعمل اى حوارات وبعد نقاش لبعض الوقت وافق على عمل الحوار بعد نصف ساعة بحجرته.” .
“وبالفعل صعدت إليه وسط حراسته بالداخل والخارج وحدد لى ٢٥ دقيقة فقط لعمل الحوار لأنه سيغادر القاهرة مبكرا. وقررت أن أبدا الحوار عن زيارته لمصر ولقاءاته وعلاقاته بمصر والأزهر وشيخه. وكل ذلك حتى لايعرف مسبقا بهدفى من طلب الحوار. وفى العشر دقائق الأخيرة فاجأته بأسئلة عن الطيار رون أراد فانتفض وتكهرب الجو. وبادرنى على الفور أنت حضرت من أجل هذا خصيصا. وبعد محاولات إقناع أجاب وابلغنى بالحرف قصة أراد انتهت لقد خطف وتمت محاكمته بمعرفتنا وحصلنا على كل مانريد عن العدو الإسرائيلي. وبعد تعدد الأسئلة من جانبي. بادرنى بالكشف عن عدة حقائق جوهرية وكانت أسرارا غاية فى الأهمية وختم حديثه معى قبل النهوض، لقد مات اراد ودفن فى مكان ما لايعلمه سوى أنا واثنين فقط من القيادة الشيعية.” .
“ويومها أقنعت الصديق أسامة سرايا رئيس تحرير مجلة الأهرام العربى بأهمية هذا الحوار وماسيحدثه من أثر وجلبة فاحتفى به ووافق على النشر وتمت الإشارة القوية له على الغلاف. وكانت الأهرام العربى توزع أسبوعيا مع الطبعة الأولى من صحيفة الأهرام مساء كل جمعة وليلتها الزملاء فى مكاتب وكالات الأنباء العالمية الكبرى العاملين فى مصر نشروا مضمون المقابلة الصحفية وبثوا أسرار ماجاء فيها عن الطيار أراد على الفور. وصبيحة اليوم التالى فى السابعة اتصل بى الأستاذ سرايا لإيقاظى وطلب منى الحضور الى الأهرام على الفور ومعى شريط الحوار لان مكتب الرئيس مبارك اتصل مبكرا ويريد الحوار. لان رئيس الوزراء الإسرائيلى اتصل به عدة مرات وطلب مساعدته فى الحصول على شريط الحوار ومعرفة اى معلومات فى هذا الشأن لو توافرت. وان هناك تشديدا واهتماما غير عادى” .
واختتم مؤكدا أنه لم ينشر كل الحقائق حسب طلب الشيخ شمس الدين خارج التسجيل ولم يذكرها لأحد حتى الآن، مشيرا الى أن من تلك الحقائق: السر الأعظم الذى لم يذكره فى الحوار وقاله له وهو أن رون أراد قتل فى لبنان ونقل بعد الوفاة سرا الى مكان ما خارج لبنان حيث دفن هناك وأغلق ملفه نهائيا باحترافية.
وأنهى قائلا: ويومها قلت له وأنا أودعه بعد غلق جهاز التسجيل أظن ان المكان فى إيران. فنظر لى ونطق بصوت خفيض دفن سره ومكانه معه الى الأبد!حسب موقع صحيقة "رأي اليوم".