- بقلم : فاضل المناصفة .
حمّلت وزارة العمل في القطاع، إسرائيل، "مسؤولية تكدس أعداد البطالة بغزة، والتي وصلت إلى أعداد غير مسبوقة، بفعل استمرار الحصار المفروض للعام الـ 15 على التوالي، ويأتي هذا التصريح تعبيرا عن خيبة الأمل بعد إصدار 2600 تصريح للتجار فقط، بينما أكد مسؤول إسرائيلي أن مجموع التصاريح التي منحتها "إسرائيل للعمال الفلسطينيين من قطاع غزة للعمل داخل المناطق الإسرائيلية بلغ 7000 تصريح"، بعدما كان عددهم نحو 5000 عامل وتاجر في آب/أغسطس الماضي. ، في حين كانت غرفة تجارة غزة، قد استقبلت نحو 10 آلاف و447 طلبا، بغرض الحصول على تصاريح للعمل في إسرائيل والضفة الغربية، وتتهم الغرفة سلطات الاحتلال بالوقوف وراء ارتفاع معدلات البطالة التي تجاوزت 45% في القطاع لتعمق الأزمة الإنسانية خاصة مع مخلفات الجائحة الاقتصادية التي رفعت من أسعار المواد الغذائية الواسعة الاستهلاك للتثقل كاهل العائلات وتجعل الحصول على تصريح عمل في دولة الاحتلال او الضفة حلما لكل شاب أو معيل أسرة في القطاع .
نتفق تماما في أن الحصار المفروض على غزة ساهم بشكل كبير في تدهور الأوضاع على مختلف الأصعدة، ولكن تحميل دولة الاحتلال المسؤولية التامة لمآلات الأوضاع في القطاع يعد هروبا الى الامام، وتجاهلا لدور السلطة الحاكمة في غزة والمتمثلة في حماس لمسؤولياتها اتجاه إيجاد مخرج من المأزق الاقتصادي والاجتماعي الذي وضعت فيه غزة من خلال سياسة التصعيد العسكري واستنزاف أموال باهضه على حساب الاهتمام بالبنية التحتية وإعادة إنعاش المصانع والشركات الصغيرة والمتعثرة و التي كان بالإمكان انقاذها قبل الإفلاس والغلق، لتوفر لقمة العيش لألاف الأسر التي تبحث الان عن فرصة عمل في دولة الاحتلال .
كيف لنا أن نتحدث عن الصمود والمقاومة وأن نستنكر ذهاب عدة عواصم عربية الى التطبيع مع إسرائيل وقيادة دعوات لمقاطعة البضائع والسلع الإسرائيلية، في حين أننا جعلنا أبناءنا القطاع يتزاحمون من أجل الحصول على تصريح عمل في إسرائيل والمشاركة في عجلة اقتصاد الاحتلال، بعد أن انعدمت البدائل داخل القطاع !؟، ألم يكن بالإمكان ممارسة المقاومة من دون أن تتعطل عجلة التنمية في غزة؟ هل يترك الغزيون لمصيرهم عند عقد اتفاقات هدنة والحصول على حقائب من الأموال الإيرانية، في حين يطلب منهم الصمود ودعم للمقاومة بالنفس والنفيس في كل جولة تصعيدية؟
ان الأوان الان لتحمل المسؤوليات أو تركها لأهلها، بعد أن أصبح الوضع الاقتصادي وزيادة الطلب على العمل في إسرائيل مسألة مساومة لتثبيت الهدنة، وأصبح الاحتلال برفع ويخفض أدونات وتصاريح الدخول الى إسرائيل حسب ما يقتضي الوضع الأمني، لقد أصبح قوت الغزيين رقما في معادلة الهدنة يخدم مصالح إسرائيل، في ظل عجز حماس عن إيجاد البدائل الاقتصادية الكفيلة بجعل الفلسطينيين يعملون داخل غزة ولا ينتظرون هدية من سلطات الاحتلال لممارسة حقهم الطبيعي في إيجاد فرصة عمل،
أتألم كثيرا لرؤية طوابير مصطفة منذ الصباح الباكر أمام الغرف التجارية في قطاع غزة بطلبات للحصول على إذن عمل في المناطق الإسرائيلية وأتأسف كثيرا عندما أرى تصريحات رسمية تلوم دولة الاحتلال على عدم اعطاءها فرص العمل، وتحملها مسؤولية تدهور الوضع الاقتصادي في حين أننا لم نكلف أنفسنا بتوجيه سؤال واحد عن الاف المليارات التي ضاعت من خزائن حماس وخزائن غزة من دون أن تعمل على خلق فرص عمل حقيقية داخل القطاع !!!!!
وعلى عكس حماس، فلقد حققت سياسة السلطة الفلسطينية مكتسبات مهمة على الصعيد الاقتصادي حتى وان كانت تشوبها بعض النقائص، الا انها في مجملها قد جنبت سكان الضفة الدخول في وضع انساني غير لائق من دون التوقف عن ممارسة الحق الشرعي في المقاومة بأدوات شرعية، حشدت بفضلها تضامنا دوليا واسعا عززت من خلاله التأييد الواسع لقيام دولة فلسطين وعاصمتها القدس، فهل ستستفيق حماس قبل ان تجبر العديد من العائلات الغزية على الهروب من القطاع بسبب انعدام العمل والحياة الكريمة ؟
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت