- المحامي علي ابوحبله
لم يسبق في تاريخ الحركة الوطنية والنضالية للشعب الفلسطيني المعاصرة أن شهدت صراعا أدى إلى هذا الانقسام الذي تشهده الساحة الفلسطينية اليوم ، هناك محطات من الخلاف السياسي الحاد قادت إلى تأسيس وتشكيل قوى سياسيه معارضه وأحيانا مناهضه لمنظمة التحرير الفلسطينية في كيفية إدارتها للصراع مع الكيان الإسرائيلي ، وقد سبق لهذه القوى أن عارضت التسوية السياسية ومرجعيتها قبل توافر شروط القوه للدخول في التسوية السياسية ضمن ما يعرف بتوفر ألاستراتجيه المناسبة التي تقود لعملية تسويه تضمن الحقوق المشروعة للشعب الفلسطيني ، في سبعينات وثمانيات القرن الماضي تم تأسيس جبهة الرفض وجبهة الإنقاذ والتحالف الديمقراطي وغيرها من الإطارات المختلفة لكن أيا منها لم يتحول لإطار مواز لإطار منظمة التحرير الفلسطينية وبقيت منظمة التحرير الفلسطينية الإطار الجامع لمنظمة التحرير الفلسطينية ، لم تؤدي تلك القوى والتحالفات بالرغم من التنافس والتناقض بينها والصراع أحيانا إلى أي شكل من أشكال الانزلاق نحو الاحتراب أو الاقتتال الذي هو بالعرف الفلسطيني محرم بالمطلق ، ببساطه كان الخلاف بين مختلف القوى الوطنية وحتى الاسلاميه فعلا خلافا سياسيا ،ولأنه كان هناك على جانبي الخلاف قيادات وطنيه كبيره يحركها الحس العالي بالمسؤولية والحرص الوطني والوعي الاستراتيجي لحقيقة ومقتضيات الصراع الذي انحصر في إطاره السياسي ، إن خطر الانقسام الذي يعاني منه الشعب الفلسطيني هو انه تحول إلى انقسام جغرافي ومجتمعي وحكومي وتشريعي وامني ،
وأين بين الضفة الغربية المحتلة وقطاع غزه المحتل ، والمحكوم باتفاقية أوسلو ضمن سلطة حكم ذاتي محدود المسؤولية. إن على رأس جدول أعمال الأحزاب الصهيونية بمختلف مفاهيمها واتجاهاتها وأيدلوجيتها وهي محل إجماع استراتيجي بين كافة الأحزاب الصهيونية هو بتكريس الانقسام المجتمعي الفلسطيني وتحديدا الانقسام الجغرافي ، ولتبيان العواقب الوخيمة لعملية الفصل السياسي والقانوني بين غزه والضفة الغربية بأيد فلسطينيه ، تجدر الإشارة إلى المخطط الصهيوني منذ احتلال إسرائيل للأراضي الفلسطينية المحتلة ، إذ بعد شهور من الاحتلال الإسرائيلي لأراضي الضفة الغربية وقطاع غزه في عام 1967 اعتمد حزب العمل الصهيوني الحاكم آنذاك مشروع ألون الشهير ، إستراتجية سياسة الاستيطان ضمن عملية تهويد الأرض الفلسطينية المحتلة والسيطرة عليها وتقويض أية أمكانيه لقيام دوله فلسطينيه عليها ، وكان التركيز للمشروع الصهيوني بعد ضم القدس وبناء المستوطنات في الضفة الغربية وعلى طول الحدود الغربية الخط الأخضر والحدود الشرقية نهر الأردن حيث ركز المشروع على بناء المستوطنات على حدود غزه شرقا وجنوبا وهذا ضمن سياسة حزب العمل في تلك المرحلة للتخلي عن قطاع غزه وتسليمه لمن يقبل به مفصولا ، أما حزب الليكود فقد اعتمد منذ توليه السلطة في عام 1977 مشروع دبلس « وتبنى استراتجيه سياسيه للمصادرة والاستيطان والتهويد ،
وكان لافتا تركيز المشروع عدا توسيع خريطة حدود القدس ) ضمن عملية التوسع الاستيطاني وبناء كتل استيطانيه تقطع أوصال عرض الضفة الغربية وتفصل بين شمالها ووسطها وجنوبها ، بمعنى أن مشروع دبلس الليكودي هدف لتقطيع أوصال عرض الضفة الغربية بعد أن ملأت مستوطنات مشروع ألون جانبي حدودها الشرقية والغربية ، الليكود يعد الأكثر تشددا وتطرفا في ايديلوجيته الذي يعتبر أراضي الضفة الغربية جزء من الكيان الإسرائيلي المغتصب لأرض فلسطين 48 وهي بحسب رؤيته وأيدلوجيته لا يجوز بأي حال من الأحوال التخلي عن شبر واحد من أراضي الضفة الغربية وان حكومة بينت لابيد تسير على نفس النهج وان عملية الفصل الأحادي التي قام بها ارئيل شارون هو تأكيد على الاتفاق الاستراتيجي بين الأحزاب الصهيونية على فصل الضفة الغربية عن قطاع غزه وهو اتفاق استراتيجي ضمن الاتفاق على ضم القدس ورفض حق عودة اللاجئين الفلسطينيين وإقامة ألدوله الفلسطينية المستقلة ذات السيادة على حدود عام 67 ، وان الخلاف التكتيكي بين الأحزاب الصهيونية يتمحور حول سبل حل معضلة من يتبقى على ارض الضفة الغربية بعد تهجير ما أمكن منهم قسريا ، الأحزاب المعتدلة الصهيونية ترى أن الحل السياسي يكمن في سلطة الحكم الذاتي بينما الاحزاب اليمينيه ترى الحل « حاجه وليس حق « إدارة شؤون مجالسهم البلدية والقروية تحت سيادة الكيان الإسرائيلي الغاصب ،
أما الأحزاب الأشد تطرفا ويمينية مثل حزب إسرائيل بيتنا والبيت اليهودي « الفاشيين الجدد وبتأييد من أجنحة حزب الليكود الأكثر تطرفا وتشددا يرى حل المعضلة هو بإقامة « سلام « يوفر الأمن للاسرائليين والاقتصاد للفلسطينيين « في الضفة الغربية من دون القدس وبانفصال عن غزه ، وهذا مرهون بشرط الاعتراف بيهودية الكيان الإسرائيلي ، ضمن استراتجيه الأحزاب الاسرائيليه وضمن مفهوم إسرائيل بمكوناتها السياسية لحقيقة وكيفية إدارة الصراع فان هناك هدف استراتيجي بين كافة الأحزاب الصهيونية لتجسيد فصل الضفة الغربية عن قطاع غزه ، وهذه هي جريمة الشعب الفلسطيني بالإبقاء على عملية الانقسام والقبول بجريمة الفصل الجغرافي والاجتماعي ،
إن الوقت ينفذ وان محاولات تجسيد الفصل ترسخ ما لم يبادر الفلسطينيون وقبل فوات الأوان بالتراجع عن هذا الانقسام وتحقيق الوحدة الوطنية وترسيخ الوحدة الجغرافية بين جناحي الوطن الفلسطيني وذلك لتفويت مخطط فصل الضفة الغربية عن قطاع غزه ومحاولة فرض الحل النهائي ليشتمل على الضفة الغربية وترك غزه إلى اجل غير محدد ، وهذا ما تسعى إلى تحقيقه حكومة بينت لابيد كما خطط له سياسيا ونفذته ميدانيا الحكومات السابقه ضمن مخطط ألون ودبلس ، إن الفلسطينيون أمام مخاطر تتهدد قضيتهم ووحدتهم وتباعدهم السياسي والاجتماعي ، وهم مطالبون اليوم قبل غدا بتنفيذ ما تم الاتفاق عليه لإنهاء الانقسام وترتيب البيت الفلسطيني وتحقيق الوحدة الوطنية والشروع لتشكيل حكومة الوحدة الوطنية ضمن عملية إنهاء الانقسام وإعادة الوحدة الجغرافية لجناحي الوطن ،
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت