- د. عصام عدوان
- 15/10/2021م
لماذا يتم اللجوء إلى انتخابات رقمية عبر الإنترنت للفلسطينيين؟
- تعقيدات القضية الفلسطينية أوجدت تدخلاً دولياً من نوع فريد في شئون الشعب الفلسطيني، فالدول العربية ترفض إجراء انتخابات للشعب الفلسطيني في أراضيها لاعتبارات سياسية أو ديمغرافية، ولارتباطات دولية مشبوهة، وبعض الدول الأجنبية تشاركهم هذه الاعتبارات خدمة لإسرائيل، فضلاً عن دولة الاحتلال التي سترفض بالتأكيد مشاركة 2 مليون فلسطيني لديها في انتخاب ممثليهم في المجلس الوطني الفلسطيني. وتمثِّل الانتخابات الرقمية عبر الإنترنت مخرجاً من تأثير الجيوسياسة على القضية الفلسطينية وعلى الشعب الفلسطيني.
- لم يخض الشعب الفلسطيني انتخابات عامة للمجلس الوطني الفلسطيني أبداً، ولا شك أن كبار الفلسطينيين وصغارهم، ذكورهم وإناثهم يتوقون إلى يوم يتمكنون فيه من الانتخاب، وهذا لن يحصل بدون انتخابات عبر الإنترنت للأسباب المرتبطة بالسبب السابق.
- سيثبت الفلسطينيون، كما العادة، قدرتهم على تخطي الصِّعاب، وتذليل المستحيل، بإرادتهم الصّلبة، ويثبتون مجدداً حقهم في الحياة بكرامة وتقرير مصيرهم، ونيل حريتهم، إذ لا يُعقل أن يستسلم الفلسطينيون لصعوبات الانتخابات بسهولة ويفقدون حقهم في تجديد قياداتهم وإملاء شروطهم على المجتمع الدولي، بينما تتمكن من ذلك دولة صغيرة مثل أستونيا!
- إن تكوين سجل انتخابي إلكتروني للفلسطينيين في العالم، سيكون فرصة ذهبية غير مسبوقة لتكوين تعداد سكاني أقرب ما يكون من الحقيقة، وسيتبع ذلك إصدار بطاقة تعريف إلكترونية غير مطبوعة تمكِّن صاحبها من إثبات فلسطينيته لأي حاجة يريدها بما فيها الانتخاب عبر الإنترنت، بل يمكن لمنظمة التحرير الفلسطينية إصدار تلك البطاقات فيزيائياً (بطاقة ممغنطة) تقوم مقام جواز سفر فلسطيني يحصل عليه كل مَن أراد من الفلسطينيين، ولاسيما فلسطينيي الخارج، وهذا يؤكد سيادة منظمة التحرير لكل الشعب الفلسطيني.
- حتى انتخابات المجلس التشريعي ستستفيد من أسلوب الانتخاب عبر الإنترنت في تخطي عقبات الاحتلال الإسرائيلي، وقد استاء الفلسطينيون من تأجيل الانتخابات التشريعية بسبب عدم موافقة الاحتلال على إجرائها في القدس، بل هو قادر على تعطيلها أيضاً في أرجاء الضفة الغربية، وهكذا تمثِّل الانتخابات عبر الإنترنت تحديّاً أمام الاحتلال يمنعه من فرض إرادته الشيطانية على الشعب الفلسطيني.
- يبحث الجميع عن الراحة وسرعة الأداء، في زمن اتسم بتعقُّد الأعمال والارتباط الأكبر بالتكنولوجيا وشبكة الانترنت؛ فكثير من الناخبين يعزفون عن التوجُّه إلى صناديق الاقتراح، ومن المرجَّح الحصول على استجابة كبيرة منهم لصالح انتخابات يقومون بها في لحظات دون الحاجة لتعطيل أعمالهم أو السفر والانتقال من أماكنهم إلى مراكز اقتراع، ولاسيما في دول الشتات.
- فئة الشباب أكثر ارتباطاً بالتكنولوجيا المعاصرة، وشغفاً بالأساليب التقنية، وأقل اهتماماً بالسياسة، خصوصاً خارج فلسطين، ومن شأن انتخابات عبر الإنترنت أن تشجعهم لخوض التجربة.
- العديد من المعاقين حركياً أو العجَزَة وكبار السن يعزفون عن التوجُّه إلى صناديق الاقتراع، بسبب المشقة وبُعد المسافة، ولاسيما لفلسطينيي الخارج، وستكون انتخابات عبر الإنترنت مشجِّعة لهم لخوضها حيث لا تكلفهم جهداً ولا وقتاً ولا تخوفاً من أن يتلاعب بهم أحد أمام صناديق الاقتراع.
- ينتشر الفلسطينوين في أكثر من 170 دولة في العالم، ولن تقوم دولة منهم بتعطيل الحياة العملية والدراسية لأجل انتخاباتهم، وبالتالي سيتمكن الفلسطينيون في تلك الدول من ممارسة حقهم الانتخابي دون تعطيل أعمالهم أو دراستهم. كما سيوفر الانتخاب الإلكتروني عبر الإنترنت على السلطة الفلسطينية تعطيل الأعمال ليوم انتخابي، وهو من شأنه توفير مبالغ طائلة تتكبدها أي حكومة جرّاء عطلة يوم الانتخابات.
- بعض الدول يتواجد فيها مجرد عشرات أو مئات من الفلسطينيين، ومن غير المأمول أن تقوم إدارة الانتخابات – في حال تقرَّر إجراؤها لكل الشعب الفلسطيني – أن توفر لهم صندوق اقتراع في السفارة الفلسطينية أو ربما لا سفارة هناك. وسوف يتمكن هؤلاء من الاقتراع عبر الإنترنت بكل سهولة.
- اختلاف المواقيت بين هذا العدد الكبير من دول العالم التي يقيم فيها فلسطينيون سيجعل عملية الانتخاب عبر صناديق الاقتراع تأخذ عدة أيام لتناسب مواعيد النهار في كل دولة، بينما لا حاجة لهذه التعقيدات في حالة انتخابات عبر الإنترنت، التي قد يقوم بها شخص في منتصف الليل أو الفجر إن شاء، لتنتهي كل العملية الانتخابية في غضون 24 ساعة.
- من الناحية الإدارية ، يمكن أن يقلل التصويت عبر الإنترنت من أخطاء الاقتراع والفساد، والتي يمكن أن تحدث عن طريق اختيار عدد كبير جدًا أو عدد قليل جدًا من المرشحين، أو العلامات غير الواضحة، أو العلامات التي تحدد هوية الناخب.
- في الانتخابات الرقمية يمكن للأميين رقمياً الاستعانة بأبنائهم أو أحد أفراد الأسرة، بينما قد لا يتاح ذلك في الاقتراع الورقي. وفي هذا رد على القائلين بعقبة الأمّية الرقمية.
- مئات آلاف الفلسطينيين في أميركا الجنوبية وغيرها يجدون صعوبة في قراءة اللغة العربية، والتصويت عبر تطبيق إلكتروني عبر الإنترنت سيتيح لهم القراءة والتوصيت بأية لغة يريدونها.
- إذا ما أرادت منظمة التحرير الفلسطينية تنفيذ انتخابات للمجلس الوطني الفلسطيني عبر العالم، فإنها بحاجة للتنسيق مع حوالي 170 دولة يتواجد فيها فلسطينيون، وهذا أمر في غاية التعقيد، ويتطلب تكاليف مالية ضخمة، ويتعرض لمخاطر لا حصر لها، ويكاد يكون تفكيراً خيالياً غير قابل للتطبيق. لكن الانتخابات عبر الإنترنت ستتجاوز كل هذه التعقيدات وليست بحاجة لكثير من الأموال. فقد قدَّرت الإدارة الأمريكية تكلفة الانتخاب الإلكتروني للفرد بدولار واحد فقط، وهذا يعني أن مشاركة حوالي خمسة مليون فلسطيني مثلاً سيكلِّفون خمسة ميلون دولار أمريكي فقط، وهو مبلغ زهيد لمثل هذه العملية ويمكن تدبيره.
- لن تقتصر فائدة الانتخابات الرقمية عبر الإنترنت على انتخاب المجلس الوطني الفلسطيني، أو المجلس التشريعي، بل تتعداها لتخدم الفصائل الفلسطينية التي ينتشر أعضاؤها انتشار الفلسطينيين في دول العالم، كما يخدم الاتحادات الشعبية الفلسطينية، كالعمال والمعلمين والأطباء والمهندسين، وغيرها، وما على الفصيل او الاتحاد سوى الإعلان عن يوم الانتخاب، وفتح رابط الانتخاب عبر الإنترنت، لتنتهي العملية في اقل من 24 ساعة، ونحصل على نتائج رائعة تساهم في ضبط أحوال الشعب الفلسطيني سياسياً ومهنياً.
- وتمتد فوائد التصويت عبر الإنترنت لتساهم في استفتاء الشعب الفلسطيني على دستوره أو ميثاقه الوطني أو قانونه الأساسي، أو أية مسألة تحتاج رأي الشارع الفلسطيني برمته.
وفي الجدول التالي أبرز مخاطر ومزايا الانتخاب عبر الصناديق وعبر الإنترنت فيما يخص الحالة الفلسطينية (التظليل الأحمر للأفضل، والأصفر للتعادل، والأزرق للأسوأ):
المخاطر/المزايا | انتخابات صناديق الاقتراع | الانتخابات عبر الإنترنت |
أعداد الناخبين | تتضاءل إلى الثلث | ترتفع إلى أكثر من الثلثين |
التكاليف | باهظة جداً بالنظر إلى أعداد البلاد التي يقيم فيها فلسطينيون | زهيدة جداً تقتصر على التكاليف التقنية والإرشادية |
الوقت | تحتاج إلى وقت كبير خصوصاً لأجل التنسيق مع الدول المضيفة للفلسطينيين | وقت قصير جداً وبالتزامن والتساوي بين مختلف مناطق العالم |
المعرفة لدى الناخبين | توجد معرفة حيث تقع ضمن خبرات الناخبين | لا توجد معرفة وتحتاج إلى شرح وتوضيح |
أمن الانتخابات | يخضع لإرادة جهات السيادة (مستوى الأمان 70%) | عُرضة لتدخل قوى مختلفة (مستوى الأمان 60%) |
مخاطر النقل | كبيرة جداً في ظل انتشار صناديق الاقتراع عبر العالم | لا توجد |
الحراسة | بحاجة لحراسة مشددة، ولا يمكن ضمانها في غير الدولة الأم | لا حاجة للحراسة البشرية. يكفي توفير برامج حماية إلكترونية، مع توفير مراقبة مبرمجين بشكل مركزي |
التثبُّت من الشخصية | متاح لكل فلسطيني يملك إثبات فلسطينيته، وبحاجة لتوفير آلية للتثبُّت ممن لا يملك إثباتاً | متاح تقنياً لكل فلسطيني يملك إثبات فلسطينيته، وبحاجة لتوفير آلية للتثبُّت ممن لا يملك إثباتاً |
مستوى الصعوبة | صعب جداً يصل إلى 80 % صعوبة | سهل جداً يصل إلى 10% صعوبة |
حجم التدخل الخارجي | كبير جداً | غير ممكن |
سرعة فرز الأصوات | عادية (حوالي أسبوع) | سريعة (يوم واحد) |
إمكانية إعادة الفرز | متاحة وفق المعتاد | متاحة من خلال آلية تقنية يتم إعدادها |
هيمنة الحكومة | تخضع لهيمنة الحكومة التي تديرها | لا تخضع لهيمنة أحد |
امتدادها لتشمل مجالات متعددة | صعب جداً | سهل ومتاح |
فرصة الاستفتاء | لا | نعم |
وهكذا يتضح من هذه المقارنة أن الانتخاب عبر الإنترنت يتفوق كثيراً على انتخابات الصناديق بالنسبة للحالة الفلسطينية تحديداً.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت