عن منشورات وزارة الإعلام صدر كتاب "الصحافة الفلسطينية قبل سنة 1967″ للمؤرخ والباحث جهاد صالح. وتتابع 212 صفحة من القطع الكبير سيرة صحافة المقاومة، وتؤرخ في تسلسل زمني لجرائد فلسطين قبل إكمال احتلالها في سنة ١٩٦٧ المشؤومة.
ويستشرف المؤلف ظاهرة الفكر المقاوم في الصحافة المكتوبة الداعية إلى "تأسيس فكر المقاومة عند أبناء الشعب المنكوبين من الأنظمة الدكتاتورية والاحتلال.
ويبحث صالح في ظاهرة الفكر المقاوم في الصحافة المضادة للتمدد الهتلري في دول أوروبا، وللأفكار الفاشية الإيطالية، وللدكتاتورية الملكية الإسبانية، ويقدم قصة انتقال هذا الفكر إلى الصحافة العربية أثناء التصدي لمحاولة الدول الاستعمارية تجزئه الوطن العربي منذ اتفاقية سايكس – بيكو عام 1916، وخضوع غالبية الدول العربية للاحتلالات الأوروبية قبل الحرب العالمية الثانية وبعدها.
ويعالج الكتاب انتقال ظاهرة صحافة المقاومة إلى فلسطين بعد وقوعها تحت الانتداب البريطاني وعقب وعد بلفور، الذي عرف الشعب العربي الفلسطيني أنه أمام احتلالين: البريطاني المؤقت، والصهيوني الكولونيالي "الاستيطاني".
ويورد المؤلف: "لعبت الصحافة الفلسطينية التي انتعشت متزامنة مع بداية الدستور العثماني عام 1908م، وتزايد نشاطها وتنوعها خلال فترة الانتداب البريطاني حتى عام 1948م، دوراً بارزاً في تأسيس فكر المقاومة للمشروع الصهيوني، وإقامة الوطن القومي البديل، ومواجهات الهجرة اليهودية..."
ويسرد: "بعد وقوع النكبة وتوزّع الصحفيين والكتاب والشعراء في الدول المجاورة، ودول الخليج وغيرها، وبعد انهيار القيادة الرسمية الفلسطينية، وعدم تمكنها من تلبية احتياجات النكبة التي يعاني منها أبناء شعبنا، وقف الصحافيون والكتّاب والشعراء في طليعة هذا الشعب يبحثون عن حل لقضاياه المتعددة، ويبحثون عن الوسائل للخروج من الأزمة نحو فكر مقاوم يعيد للشعب الفلسطيني مسألة استلام قضيته، والتحدّث باسمه في كل المحافل الوطنية والإقليمية والدولية".
ويتناول الكاتب تأثيرات الثورة الجزائرية، وبروز التيّار القومي العربي، والوحدة المصرية – السورية، والثورة العراقية، ونمو خطر إسرائيل المتمثل بشروعها بتحويل مجرى نهر الأردن، التي "دفعت بالجماهير الفلسطينية وقواها النخبوية التنظيمية إلى التفكير بإبراز الشخصية الفلسطينية وتجديد دورها في عملية التحرير، فنشأت منظمة التحرير الفلسطينية 1964م، وظهرت الصحافة الناطقة باسمها، قبل حرب 1967م."
ويشير إلى الصحافة السرية والعلنية للمقاومة في الدول العربية، والصحف الناطقة باسم منظمة التحرير الفلسطينية، بعد الإعلان عن تشكيل المنظمة عام 1964، والمعارضة لها.
ويقول المؤلف: "نضع الجزء الأول من هذه الدراسة، للتعرّف على الجذور التاريخية الحقيقية لتطور الصحافة الفلسطينية قبل النكبة عام 1948 م ومؤثراتها في جميع المجالات، والجزء الثاني حول توزّع الأقلام الفلسطينية على الصحافة العربية، ومدى تأثيراتهم في جعل القضية الفلسطينية ماثلة فيها، في جميع أحوالها وتداعياتها بعد النكبة."
ويحذر بعد نشر كتابه من انحسار الصحافة الورقية في فلسطين؛ بفعل التراجع في الصحف والدوريات والمجلات، التي تنحصر اليوم في ثلاث صحف وعدد من المجلات غير الدورية.
بدوره، بيّن وكيل وزارة الإعلام يوسف المحمود أن الإصدار الجديد يتابع الدور الذي بدأته الوزارة في توثيق صحافة فلسطين وتسليط الضوء على حقبها الزمنية المتلاحقة، ويضاف إلى أرشيفها الحافل، الذي عالج خلال السنوات الماضية سيرة الصحافة التي انطلقت منذ الفترة العثمانية، والانتداب البريطاني، والعهد الأردني، والاحتلال الإسرائيلي، وانتهت بتدشين السلطة الوطنية الفلسطينية.
وأضاف المحمود أن الوزارة ستواصل تشجيع الباحثين على توثيق التجارب الصحافية الفلسطينية الثرية، وتبيان دورها المقاوم، وتخليد أعلامها ومؤسسيها.
يذكر أن الكتاب صدر عن وزارة الإعلام بالتعاون مع الكلية العصرية الجامعية .