منظمة التحرير الإسلامية

بقلم: طلال الشريف

طلال الشريف
  • د. طلال الشريف

إستمرار هذا الصراع بين الوطنيين والإسلاميين على قيادة منظمة التحرير الفلسطينية هو مدخل خاطئ من قبل حماس والجماعات الإسلامية التي تريد الإستيلاء أو الإستحواذ على منظمة التحرير وقد كلف هذا المدخل الخاطئ الشعب الفلسطيني ومازال يكلفه الضعف والمعاناة التي تشتد بمرور الوقت وتحدث أثراً ضارا بالقضية والشعب وتقرير المصير رغم جوهرية الشعار الذي ترفعه أو تقذفه حماس وأخواتها في وجه الجميع بأن خلافها مع فتح هو على أدوات النضال ضد الإحتلال وعلى رأس هذه الأدوات هي المقاومة!!

بتوالي سنوات الإنقسام وحتى ما قبلها من خلافات ومحاولات خلق حماس طريقا خاصا بعيدا عن قيادة منظمة التحرير وعدم تنسيق العمل النضالي الذي كان ظاهرا بشكل جلي منذ نشأة المجمع الإسلامي أي قبل انطلاق حماس كحركة  وامتد أثناء الإنتفاضة الأولى هذا التضارب والإنعزال عما كانت تسير عليه فتح والقيادة الوطنية الموحدة للإنتفاضة.

إن استمرار الخلاف والانقسام إلى اليوم لا يمكن أن يعني أن الخلاف كان على أدوات النضال بل أصبح مؤكدا أن الخلاف يقف خلفه اصرار من حماس على الاستحواذ على قيادة الشعب الفلسطيني عبر الاستيلاء على منظمة التحرير وهذا ما أطال زمن الإنقسام وليس كما قيل دائما بأنه اختلاف البرنامج أو أن الخلاف على المقاومة العسكرية للإحتلال رغم نزوع قيادة فتح نحو المقاومة الشعبية في إعلامها السياسي ولم تخلو تلك الفترات أي ما بعد أوسلو من مقاومة فتحاوية ووطنية وبشكل لافت لعناصر ومجموعات فتحاوية متفرقة مارست العمل المسلح وكذلك كانت هناك ضربات واشتباكات متبادلة في أوقات سبقت ومستمرة إلى هذه الأيام منها اشتباكات أجهزة الأمن والعسكر الوطني مع الاحتلال في غزة والضفة الغربية ما بعد أوسلو ومن منظمات وفصائل مازالت داخل اطار المنظمة.

الآن الصورة أصبحت واضحة وجلية بأن الصراع بين حماس وفتح هو على القيادة وعلى منظمة التحرير وعلى القرار وليس الصراع على كيفية طرد الإحتلال رغم الشعارات المرفوعة من الطرفين سواء مقاومة حماس المسلحة ومن التنظيمات الأخرى أو تبني المقاومة الشعبية لفتح وأتباعها من التنظيمات الوطنية.

باختصار شديد
الناتج الأول: لتلك الحالة الممتدة طويلا من الصراع على المنظمة والقرار وعلى رأسها الاستمرار الغامض وغير المفهوم للانقسام، هو استمرار الاحتلال في تسجيل نقاط كبرى لصالحه لم يحلم بها قبل الإنقسام وخاصة مصادرة الأرض،.
والناتح الثاني: هو تواصل ضعف الموقف الفلسطيني بعد الانقسام. والناتج الثالث: هو  أن حماس ودعمها الخارجي للاستيلاء على قيادة الشعب الفلسطيني ومنظمة التحرير بكافة الوسائل كانت قد وصلت قبل هذا الوقت لأفضل حالة من الشعبية والقوة المسلحة والدعم المالي ودعم قطر والاخوان وايران وتركيا ولم تستطع حينها من تحقيق هدف الاستيلاء على القرار الفلسطيني أو منظمة التحرير،  وعليه لا بهذا الوضع الحمساوي الآني الأقل قوة عما سبق  ولا المستقبلي ستستطيع حماس الاستيلاء على القرار الفلسطيني، فلماذا ضياع الوقت وتشتيت الحالة الفلسطينية؟ ولا حتى بغياب عباس سوف تحقق حماس هدفها كما يتصور البعض، فمسألة الحلم بذلك هي مستحيلة لأسباب كثيرة تتعلق بالوطنية الفلسطية العميقة أولا، وثانيا الواقع العربي الرافض للإسلاميبن بأن يكونوا في سدة الحكم، وثالثا الواقع الاقليمي والدولي غير القابل اليوم وغدا لتحول منظمة التحرير إلى منظمة إسلامية أو يهيمن عليها تيارات اسلامية كحماس والجهاد إلا بتنازلات عن شعارات وعن مواقف وعن تصرفات، ولذلك لماذا يضيع الوقت وتتشتت الجهود وتضعف القضية الفلسطينية مع استمرار هذا الصراع العقيم؟

إن كان من كلام حول تلك المعضلة فلتشكل حماس وأخواتها منظمة تحرير اسلامية وتراكم عملها المقاوم والدبلوماسي في المجتمع الفلسطيني ومع المحيط العربي والاسلامي والعالم دون منظمة التحرير الفلسطينية ولتكسب العرب والمسلمين والإقليم والعالم لتصبح هي ممثل الشعب الفلسطيني إن استطاعت ولن تستطيع ذلك، لسبب بسيط، وهو أن عليها إذا أرادات تحقيق الإعتراف بها شعبيا وعربيا واسلاميا وإقليميا ودوليا  لقيادة القرار الفلسطيني فإن حماس لن تبتعد عما فعلته فتح والمنظمة من تقديم تنازلات وتبني نهج السلام وفتح السفارات وقبولها في المحافل الدولية  وعمل علاقات مع العالم ليعترفوا بها ممثلا عن الشعب الفلسطيني وهذه هي توازنات السياسة العربية والإقليمية والدولية ومصالحها، فإن كانت حماس تفهم ذلك  وتريد السلطة والقرار فماذا سيستفيد الشعب الفلسطيني وهو يدفع ثمن الصراع على هذه السلطة والقرار والمنظمة ؟ وإذا كانت لا تعرف حماس بتلك الاستحقاقات فشعبنا وقضيتنا وأجيالنا ليسوا فئران تجارب لتنضج حماس وفكرها وسياساتها لتصل إلى أن التمثيل والقرار الفلسطيني  يستحيل أن تظفر به الأمس واليوم وغدا فالمنظمة والتيار الوطني متجذران فلسطينيا وعربيا ودوليا ومتمرسون في السياسة أكثر رغم هزالة القيادة الحالية وما يعانيه الشعب الفلسطيني،   أما العالم ومصالحه وتشابكاته وإدارة ذلك فهو أوسع بكثير من إدارة حكم غزة بالجبر.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت