لا زالت جراح مسيرات العودة تنزف بسبب رصاص الإحتلال الذي حول مشهد التعبير عن حق العودة على حدود غزة الشرقية , الى مشهد دامي أطاح بالشباب والأطفال والشيوخ , فمنهم من يعيش الآن بإعاقة مستديمة , ومنهم من يعاني من آثار وآلام الإصابة الى الآن , ومنهم لا زال ينتظر مصيره الغامض وهو يتألم وجعاً لأنه لا زال تحت إشراف وعلاج الأطباء , وكل هؤلاء كانوا ولا زالوا ضحايا رصاص الإحتلال المتفجر , ورغم أن مسيرات العودة إنتهت , إلا أن آلام وجراح العودة لم تنتهي بعد .
الطفل محمد نافذ صالح يبلغ من العمر خمسة عشر عاماً , وهو من سكان مدينة جباليا شارع عبدربه , كان أحد المشاركين في مسيرات العودة قبل ثلاث أعوام , وكان حينها إبن الثانية عشر , وأصيب بطلق ناري متفجر في قدمه اليمنى , ومنذ ذلك الحين وهو يخضع للعلاج وإشراف الأطباء , ورغم محاولات الأطباء بإنقاذ قدمه من البتر , إلا أن جميع المحاولات فشلت نتيجة الرصاص المتفجر الذي هشم العظام وقطع العصب , ولذلك قرر الأطباء بتر قدمه اليمنى حفاظاً على باقي جسده وذلك بتاريخ 13, 10 , 2021 م , ومنذ ذلك الحين ورغم الألم الشديد على هذا الطفل , إلا أن الإبتسامة لم تفارق وجهه , وإرادته الحديدية تتحدى الإحتلال , وصموده المستمر هو رسالة للعالم بأن أطفال فلسطين هم أطفال بأجسادهم , ولكنهم رجال بعقولهم الناضجه , ويصرون على الإستمرار في الحياة بدون يأس .
إن إرادة محمد صالح الحديدية وحقيبته المدرسية وإبتسامته الجميلة وطبيبه الذي يخفف عنه الألم , ما هي إلا لوحة فنية جميلة تبشر بمستقبل أجمل , وإصرار محمد على إكمال مشواره التعليمي والمهني هي رسالة صمود وتحدي للإحتلال , وهي رسالة أمل لكل أطفال فلسطين وخاصة الذين أصيبوا برصاص الإحتلال , وهي أيضاً طاقة من نور تضيئ حياة أهله الذين عاشوا في ظلام الحزن أثناء فترة العلاج , محمد صالح هو من أسرة متوسطة الدخل , وهي أسرة محافظه ومناضله وصابره , وكان كل همهم أن يرو إبنهم سعيداً ومبتسماً طوال الوقت , وبالفعل إستطاع محمد أن يحقق رغباتهم , وحافظ على إبتسامته الجميلة طوال الوقت .