- د. فايز أبو شمالة
المجتمع كالإنسان، فطالما يصرح ويتألم فهو على قيد الحياة، فإن لاذ بالصمت، يكون المجتمع قد كف عن التألم، ومات، وحتى لا يموت الفقراء في غزة والضفة الغربية من الجوع، وحتى لا تموت الضمائر، فلا بد من صرخة، صرخة محتاج لقوت يومه تدق أبواب المسؤولين عن تجويع فقراء غزة والضفة الغربية، والمسؤولون ثلاثة أطراف، هم أصحاب القرار.
الطرف الأول: وزارة الشؤون الاجتماعية في رام الله، وهي الوزارة المسؤولة بشكل مباشر عن صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية لعدد 116 ألف أسرة في الضفة الغربية وغزة، منهم 81 ألف أسره في قطاع غزة، وعلى مدار السنوات الماضية، كان يتم الصرف للمحتاجين بواقع أربع دفعات سنوية، قيمة كل دفعة 130 مليون شيكل تقريباً، يدفع الاتحاد الأوربي ما نسبته 60% من المبلغ، لتكمل وزارة الشؤون الاجتماعية ما قيمته 40%، وهذه الأرقام أقرب إلى الحقيقية من حديث وزير التنمية الاجتماعية أحمد مجدلاني المتناقض، حيث ادعى في تصريح صحفي أن الاتحاد الأوربي يدفع 10 مليون يورو فقط للأسر الفقيرة، أي ما يعادل 25%، ثم يناقض نفسه، ويقول في التصريح نفسه: إن الاتحاد الأوروبي أوقف صرف 40 مليون يورو مخصصة للأسر الفقيرة، هذا التناقض في تصريح الوزير يخفي ملابسات كثيرة، ونوايا غير بريئة، فضحها المتحدث باسم مكتب الاتحاد الأوروبي شادي عثمان، حين قال: إن الاتحاد الأوربي يدفع للسلطة 150 مليون يورو، منها 60 مليون يورو مخصصة للأسر الفقيرة، بينما يدفع 90 مليون يورو لرواتب موظفي السلطة.
الطرف الثاني: الاتحاد الأوروبي، الذي ينتظر قرار البرلمان، وللبرلمان الأوروبي شروط، منها مطالبة السلطة الفلسطينية بتعديل المناهج التعليمية، وإجراء الانتخابات الديمقراطية، كشرط مسبق لتحويل المبالغ المخصصة للفقراء، وفي هذا المضمار، تدعي السلطة الفلسطينية بأنها جاهزة للنقاش ضمن لجنة التحريض الثلاثية، وبأنها جاهزة لإجراء الانتخابات التشريعية والرئاسية فور موافقة الاحتلال الإسرائيلي على إجرائها في القدس، لتقع مسؤولية تأخر تطبيق الديمقراطية على عاتق الاحتلال.
الطرف الثالث: الاحتلال الإسرائيلي، والذي يدعي أنه لا يعارض إجراء الانتخابات الفلسطينية في مناطق نفوذ السلطة الفلسطينية دون القدس، لأنها عاصمة موحدة لدولته، ولا يحق للسلطة الفلسطينية التدخل في شؤون القدس أرضاً وشعباً، فسكان القدس العرب هم مواطنو الدولة، ومسموح لهم حمل الهوية الإسرائيلية الزرقاء.
تلك الأرجوحة التي دوخت الفقراء، لن تساعد السلطة في التهرب من تحمل كامل المسؤولية عن تأخر صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية، وهذا ما تفضحه الأجهزة الأمنية التي لم تتوقف عن تسلم رواتبها، رغم غياب الديمقراطية، وعدم إجراء الانتخابات، ولم تتوقف عن المسؤولين مصروفات بدل مهمات العمل، وبدل السفر، وبدل خدمات استثنائية، وبدل مخاطرة، والشيء نفسه يجري على المساعدات المقدمة لمتقاعدي السلطة العسكريين والمدنيين، فما زال الاتحاد الأوروبي يلتزم بدفع نصيبه دون تأخير، والشي نفسه يجري على صندوق البلديات، فما زالت المساعدات غير مقرونة بالانتخابات، فلماذا ظهرت المرجلة على مخصصات الفقراء في غزة والضفة الغربية؟
فهل هذا ضعف في وزارة الشؤون الاجتماعية التي لا تطالب وزارة المالية بصرف مخصصات الفقراء؟ أم أن تجويع الفقراء في غزة (81 ألف أسرة) إجراء متعمد من قبل قيادة السلطة؟
الحقيقة تقول: إن تأخر صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية قضية سياسية، ويجري معاقبة قيادة غزة من خلال معاقبة فقراء غزة، لذلك فإن دعوة منتفعي الشؤون الاجتماعية، للمشاركة بالوقفة الاحتجاجية ضد تأخير صرف شيكات الشؤون الاجتماعية، والتي حدد موعدها صباح الخميس الموافق21/10/2021 أمام مقر وزارة التنمية الاجتماعية، والتي دعت إليها الهيئة العليا المشكلة من القوى الوطنية والإسلامية، والمؤسسات الحقوقية، والمستفيدين من المساعدات، هذه الدعوة، ورغم أهميتها، ليست إلا الخطوة الأولى.
أما الخطوة التالية، والأهم وفق تقديري، وهي دعوة عشرات آلاف الأسر المنتفعة لوقفة احتجاجية أمام مكتب ممثل الاتحاد الأوربي في غزة، طالما كان هو المتهم بالمسؤولية عن تأخر صرف مخصصات الشؤون الاجتماعية، ولا بأس أن تتحول الوقفة الاحتجاجية فيما بعد إلى اعتصام مفتوح أمام المكتب، إلى أن يتم تحقيق مطالب الفقراء الإنسانية العادلة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت