تفجير دمشق ضمن محاولات إعادة خلط الأوراق

بقلم: علي ابوحبله

علي ابوحبله
  • المحامي علي ابوحبله

عاد التفجير الذي استهدف حافلة للجيش السوري في دمشق الأربعاء وأسفر عن مصرع وإصابة عدد من الجنود ليذكر بأحداث دموية مماثلة شهدتها العاصمة السورية منذ بداية الحرب الأهلية التي تعاني منها البلاد منذ أكثر من 10 سنوات.
وقد حملت السلطات السورية تنظيم القاعدة مسؤولية الهجوم،. فقد أفادت الوكالة السورية للأنباء"سانا"بوقوع تفجير إرهابي بعبوتين ناسفتين استهدف حافلة تابعة للجيش عند جسر الرئيس في العاصمة دمشق أسفر عن 14 قتيلا وعدد من الجرحى ، وذكرت "سانا" أن الحصيلة الأولية للتفجير الإرهابي أسفر عن وقوع 14 قتيلا و3 جرحى، مشيرة إلى أن الجهات المختصة قامت بتفكيك عبوة ثالثة كانت مزروعة في المكان الذي وقع فيه التفجير الإرهابي الذي استهدف الحافلة. وتم إعادة فتح الطريق من ساحة الأمويين باتجاه جسر الرئيس وسط دمشق بعد إزالة آثار تفجير الحافلة.
 من جهته قائد شرطة دمشق اللواء حسين جمعة: "العبوة الثالثة التي تم تفكيكها من قبل الجهات المختصة كانت مزروعة ضمن مركبة لتنفجر أيضا في توقيت حرج"، منوها بعودة الحركة إلى طبيعتها. التفجير يأتي في وقت تحاول من خلاله جهات إقليميه لإعادة ترتيب أوضاع المنطقة لكن هناك قوى لا زالت تعبث بأمن المنطقة ضمن محاولات تحقيق مصالح ومكاسب على حساب امن وسلامة شعوبها ، جاء تفجير حافلة مبيت العسكرية في دمشق بعد يومين فقط من استئناف محادثات صياغة الدستور السوري في جنيف برعاية أممية، في إطار جهود طويلة الأمد تبذلها الأمم المتحدة لتوحيد جميع مكونات المجتمع السوري في عملية واحدة لوضع دستور جديد وإجراء انتخابات، وبناء سلام دائم بعد أكثر من عقد من الحرب. وكان مبعوث الأمم المتحدة الخاص إلى سوريا، غير بيدرسن، قد قال الأحد، إن رئيسي وفدي الحكومة والمعارضة اتفقا على صياغة دستور جديد.
 وربما كان هذا ما دفع بعض المراقبين إلى القول بأن التفجير يهدف إلى تقويض مساعي صياغة الدستور. كما يأتي في وقت ظهرت فيه دلائل على تحسن علاقات سوريا بعدد من البلدان العربية كالأردن ولبنان ومصر وبعض البلدان الخليجية، والحديث عن إمكانية مشاركة بعض تلك الدول في جهود إعادة أعمار البلاد، فضلاً عن تكهنات بقرب عودة سوريا إلى جامعة الدول العربية بعد تعليق عضويتها في عام 2011.ويأتي التفجير ضمن محاولات تهدف لإعادة خلط الاورواق وربما تهدف لعرقلة الانفتاح على سوريا ووضع عراقيل أمام استحرار الغاز والكهرباء للبنان عبر سوريا وهذا يثير حنق أطراف عديدة تقف عائق أمام تحقيق وحدة وتكامل العمل العربي ، وبرأي مراقبين أن التفجير الأخير بمثابة رسالة موجهة للدولة السورية والبلدان العربية وغير العربية التي انفتحت على دمشق مؤخرا ، مفادها بأن الأوضاع الأمنية في البلاد غير مستقرة وقد تتفجر في أي وقت. مؤخراً، لم تعد الأوضاع في سوريا تشغل الحيز الإعلامي الكبير الذي ظلت تشغله ولسنوات في الإعلام العربي والدولي.
ولكن التفجير الأخير، برأي محللون سياسيين هدف " للتدليل على ديمومة الصراع الذي دمر سوريا ، وأن الحكومة السورية، رغم سيطرتها على معظم مناطق البلاد، لا تزال معرضة لضربات دموية، ليس فقط من قبل المعارضة، ولكن من قبل الجماعات الإسلاموية المتطرفة التي لا تزال تستهدف القوات السورية في العديد من المناطق الأخرى."
انفجار دمشق لا يمكن فصله عن الصراع المحتدم في الساحة اللبنانية وأن "منطقة تفجير دمشق تمثّل شرياناً حيوياً، واختيار المكان مقصود ليكون هناك أكبر عدد من الشهداء" ومن دلائل ما تشهده المنطقة أنّ "هناك فوضى مرسومة للمنطقة، والأميركي يُرتّب انسحابه منها، لأنّ لديه ملفاً كبيراً هو الصين". ويخشى من فوضى مرسومه للمنطقة ضمن سيناريوهات قد تكون مرسومه للبنان وسوريا ، وهناك دول إقليميه لها مصلحه في تفجير الساحتين السورية واللبنانية معا وأنّ "ما حدث في لبنان هدفه إضعاف الدولة الرسمية لمصلحة دويلات يحرّكها بعض القوى الخارجية". ومن "الواضح تماماً أنّ تل أبيب فشلت في إقناع واشنطن بتوجيه ضربةٍ إلى إيران"، وأنّ "سوريا لم تقدّم أي ورقة تنازل بخصوص علاقتها مع طهران ، وبالتالي هناك من يحاول اللجوء إلى التفجير الداخلي".
يُشار إلى أنّ وزارة الخارجية السورية أكّدت في بيانٍ لها أنّ التفجير الذي استهدف حافلة مبيت عسكرية في دمشق يأتي "في إطار استمرار محاولات التنظيمات الإرهابية ورعاتها رفع معنوياتها وخاصة في إدلب"، داعيةً المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة إلى "إدانة هذا التفجير الإرهابي واتخاذ إجراءات رادعة بحق الدول الداعمة للإرهاب". والسؤال هل ما تعرضت له قاعدة التنف من هجوم بطائرات مسيرة ليل الأربعاء الواقعة في جنوب سوريا قرب الحدود مع العراق والأردن، والتي يستخدمها التحالف الدولي بقيادة الولايات المتحدة.
 جاء ردا على انفجار دمشق وضمن محاولات خلط الأوراق ، فقد أكد المتحدث باسم القيادة الأميركية الوسطى الكابتن بيل أوربن أن منطقة قاعدة التنف تعرضت إلى هجوم متعمد ومنسق بطائرات مسيرة ونيران غير مباشرة. وأوضح المتحدث أن الهجوم لم يسفر عن إصابات في صفوف القوات الأميركية، وأن العمل متواصل للتأكد ما إذا كان الهجوم أوقع إصابات في صفوف الشركاء، على حد تعبيره.
وقال إن القيادة الأميركية الوسطى تحتفظ بحقها في الرد على الهجوم في الزمان والمكان المناسبين. تسارع الأحداث يأتي في سياق إعادة خلط الأوراق ويخشى من العودة للمربع الأول للفوضى والإرهاب الذي باتت المنطقة تعاني منه من عشرات السنين

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت