- د.هاني العقاد
لا يبدوا ان إدارة بايدن مهتمة كثيرا بالشأن الفلسطيني ولا حتى بالعودة للعلاقة ما قبل ولاية ترمب وبدت تكتفي بتوجيهات تنقلها للفلسطينيين عبر (هادي عمرو) نائب وزير الخارجية الأمريكي من فترة الي اخري، ولا يبدو في الأفق ان هناك مبادرة ما قد تخرج بها الإدارة الأمريكية لحل الصراع ووضع الملف على الطاولة لإنقاذ حل الدولتين الذي تعمل إسرائيل اليوم على تقويضه بفرض وقائع جغرافية وديموغرافية على الأرض يصعب بعد ذلك البحث عن مجرد حلول سياسية في ظل بقائها. اليوم تحاول إسرائيل بكل ما لديها من علاقات دبلوماسية وسياسية وعلاقات وتفاهمات استراتيجية مع الولايات المتحدة عرقلة إعادة إدارة بايدن للعلاقة مع الفلسطينيين وبالتالي تعارض افتتاح القنصلية الامريكية في القدس الشرقية باعتبار ان هذا القرار يتنافى مع قرار إدارة ترمب الغابرة بالإعلان عن القدس عاصمة موحدة لدولة الاحتلال، هذا ما يفسر تردد إدارة بايدن حتى الان في اتخاذ القرار التنفيذي لافتتاح القنصلية، الامر الذي من شانه ان يبرهن ان إدارة بايدن معنية بتجميد مبدا حل الدولتين وليس انقاذه.
في الوقت الذي بدأ العالم يكشف كذب إسرائيل وزيف ادعائها بسعيها لتحقيق الامن والاستقرار والسلام بالمنطقة ويكشف خطورة مشروعها الاستيطاني الذي يجسد دولتهم الصهيونية بدأ العالم يضج من سياسة إسرائيل تجاه الفلسطينيين وانتهاك حقوقهم الإنسانية, اليوم تتوجه العديد من الانتقادات لإدارة بايدن من قبل الشعب الأمريكي ممثل بالأكاديميين والمثقفين ومؤسسات المجتمع المدني ونقابات ونشطاء وتجمعات تناصر حقوق الانسان بسبب استمرار إدارة بايدن في دفع مليارات الدولارات من ضرائبهم سنوياً لإسرائيل في شكل مساعدات عسكرية واقتصادية ، وباتت إدارة بايدن قلقة من حدوث تحول ملحوظ في الشارع الأمريكي لصالح دعم الحقوق الفلسطينية وعدم ممارسة إدارة بايدن العدالة في التعامل مع أطراف الصراع. امام هذا توجه إدارة بايدن انتقادات لحكومة اسرائيل لكنها انتقادات فاترة وغير مصحوبة بتهديدات بتضرر مصالح اسرائيل لدي الولايات المتحدة ان استمرت في سياستها الاستيطانية التدميرية لحل الدولتين. في وقت ليس ببعيد اعتبرت زيارة (يائير لابيد) وزير خارجية العدو لواشنطن والتي التقي خلالها نائبة الرئيس بايدن (كاميلا هاريس) فرصة مهمة لتحريك ملف عملية السلام واعتراف إسرائيل بحل الدولتين الا ان شيئا كهذا لم يحدث واكتفي الطرفان بالحديث عن أهمية تعزيز السلام والامن والازدهار للفلسطينيين الذي لن يتحقق ان تلاشي حل الدولتين.
يتحدثوا عن الازهار والتسوية الاقتصادية ويتجاهلوا أي حديث عن أي تسوية سياسية واسرائيل تطلق العنان لمزيد من الرفض لاي حل سياسي قائم على مبدا حل الدولتين وتسارع في تصفية هذا الحل عبر فرض وقائع استيطانية تجعل من تطبيقه امرا مستحيلا وتطرح في ذات الوقت حلول اقتصادية ومشاريع استثمارية ومناطق صناعية وتسهيلات مسيطر عليها سواء في غزة او الضفة الغربية وتتنكر تماما لاي حلول تعيد الاستقرار والامن للمنطقة وتساهم في ان يعيش الشعبين بعيدا عن ويلات الحروب والدمار والفقر والمرض. ما بات واضحا ان إدارة بايدن لا تريد التقدم باي خطة لإنقاذ حل الدولتين، الاحتجاجات شديدة اللهجة لا تجدي مع اسرائيل ولن تمنع اسرائيل من وقف موجة الاستيطان المسعور الذي يفتت الجغرافيا الفلسطينية ويفصل القدس عن باقي أراضي الضفة. إدارة بايدن غير قادرة علي استخدام أوراق ضغط حقيقية تجبر حكومة (نفتالي بينت) الامتثال لنصائحها، لذلك نجد ان هذه الإدارة غير قادرة علي حسم امرها في عدة قضايا مهمة واولها اجبار إسرائيل علي تجميد الاستيطان في ارض الضفة والقدس وفرض عقوبات مالية اذا لم تنصاع إسرائيل لتوجيهات الإدارة الامريكية ,وثانيها افتتاح القنصلية الامريكية بالقدس الشرقية, وثالثها إعادة الدعم المالي للسلطة الفلسطينية ورابعها التوقف عن مخطط تصفية وجود الاونروا من خلال الهيمنة علي سياستها المستقلة ووضعها تحت المراقبة الدائمة .
حالة عجز امريكي واضحة ستجبر الفلسطينيين لكسر معادلة سياسة الامر الواقع الإسرائيلية وفرض قواعد لعبة جديدة. الرئيس أبو مازن كان قد اعطي اسرائيل والولايات المتحدة عام واحد لينتهي الاحتلال والا فان الفلسطينيين سيضطرون لإجراءات تقلب الطاولات على رؤوس المتنفذين بالقرار في المنطقة وستربك العالم بمزيد من الإجراءات السياسية التي يعرف العالم انها ستعيد الصراع الي نقطة الصفر. كل إجراءات حسن النية وإعادة بناء الثقة التي تحدث فيها مبعوث الخارجية الامريكية للمنطقة (هادي عمرو )اعتقد انها فاشلة ولن تعتيد الثقة طالما بقي الاحتلال وممارساته العنصرية القذرة من استيطان ومصادرة أراضي وبناء الالاف الوحدات السكنية الجديدة واطلاق ايدي المستوطنين المتطرفين منفلتة تهدد الفلسطينيين الامنين و تروع أطفالهم وتحرق مزارعهم ,وطالما ان حكومة الاحتلال مصر ة علي ترحيل سكان احياء القدس وتقسيم المسجد الأقصى زمانيا ومكانيا .
إذا كانت إدارة بايدن معنية بإنقاذ حل الدولتين وفي زات الوقت ترميم العدالة الامريكية التي تتضرر كل يوم بسبب تأييدها لسياسة اسرائيل الاحتلالية اعتقد ان عليها الطلب فورا من مجلس الامن اتخاذ الإجراءات اللازمة لتنفيذ قرار 2334 الخاص بوقف الاستيطان واعتباره غير شرعي وهذا من شانه ان ينقذ مبدا حل الدولتين، لكن إدارة بادن قد تكون عاجزة تماما عن فعل ذلك. في ظل هذا العجز أقول ان حل الدولتين سيتلاشى ان لم يسارع الفلسطينيين لاتخاذ إجراءات تجبر الجميع على التعاطي مع عملية السلام بجدية ويلجأ جميع الأطراف الدولية لترتيب الوضع الدولي والاقليمي لصالح عقد مؤتمر دولي ينهي الاحتلال ويوقف الاستيطان ويبحث آليات تطبيق حل الدولتين وسيتلاشى حل الدولتين ان لم يجد الفلسطينيين الاستراتيجية الفاعلة لإعادة صياغة قواعد اللعبة من جديد مع الاحتلال الإسرائيلي.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت