- بقلم: وليد العوض*
قررت اللجنة التنفيذية في اجتماعها المنعقد بتاريخ 18-10-2020 الدعوة لانعقاد المجلس المركزي الفلسطيني وقد اكدتها ايضاً في الاجتماع الموسع للقيادة الفلسطينية المنعقد 25-10-2021، وجاءت هذه الدعوة التي نأمل دون شك تحقيقها بعد مضي عامين ونصف على اخر اجتماع للمجلس المركزي عام ٢٠١٩ بما يخالف الانظمة والقوانين المعمول بها والتي تلزم بانعقاده كل ثلاث شهور بل وتجيز عقد اجتماعات طارئة إذاما دعت الحاجة المتكررة في حالتنا الفلسطينية.
الدعوة لهذا الاجتماع المأمول تأتي في ظل تحديات ومخاطر كبيره تتهدد القضية الوطنية هذه المخاطر بادية في الافق لكل متتبع فبعد مضي عام على رحيل الرئيس الامريكي ترامب ومعه يجب ان ترحل خطته المشؤومة صفقة القرن، ورغم مجيء بايدن الا ان تغيراً ملموساً وذو جدوى لم يتحقق بعد وما زالت دائرة الوعود من الادارة الامريكية الحالية تدور دون اي التزام اللهم باستثناء العودة لتقديم بعض المساعدات المالية للسلطة وكذلك لوكالة الغوث ومساعدات الاخيرة مكبلة بما يسمى باتفاق الاطار الموقع بين امريكا والاونروا وتصب مياهه في طاحونة تصفية قضية اللاجئين.
وعود ادارة بايدن التي جرى الرهان عليها تتمثل في اعادة فتح مكتب منظمة التحرير الفلسطينية في واشنطن ، وفتح القنصلية في القدس الامر الذي يعني تراجعاً عن قرار ترامب، وكذلك وقف الاستيطان والالتزام بقرار مجلس الامن ٢٣٣٤ بهذا الشأن وكذلك رفض سياسية الضم واطلاق عملية سياسية تقود لتنفيذ حل الدولتين هذه الوعود لم يتحقق منها شيئاً وقد استبدلت الادارة الامريكية ذلك بالتلويح بورقة التحسينات الاقتصادية واجراءات بناء الثقة دون اي افق سياسي وهو بالطبع ما كانت ترمي له خطة ترامب، كما وان هذه المخاطر بادية وتتضح شراستها في ظل حكومة الرباعي بينت، لابيد، غانتس، منصور عباس، فبعد رحيل نتنياهو الذي كان من السهل محاصرته على اكثرمن صعيد محليا واقليما ودوليا جاءت هذه الحكومة لذر الرماد في العيون وتمارس ممارسات عنصرية واكثر تطرفا من حكومة نتنياهو وهي تمارس سياسية العدوان والاستيطان والحصار وتلعب في نفس الوقت على وتر التحسينات الاقتصادية في الضفة وعلى انغام خطة لابيد الاقتصادية الرامية لفصل قطاع غزة ووضعه على سكة طريق مختلف بما يحول دون اقامة الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس.
هذه المسارات التي تتقدم بشكل حثيث لتصفية القضية الفلسطينية تتقاطع بكل اسف مع مسار تسارع خطوات التطبيع بين العديد من الدول العربية ودولة الاحتلال، كما انه يتقاطع مع تشجيع بعض الدول الاقليمية لمسعى دولة الاحتلال لفتح مسار الحلول الاقتصادية والانسانية عبر بوابة التفاهمات من جانب وبوابة التحسينات الاقتصادية من جانب اخر، وما من شك فإن ما يتعرض له شعبنا من قتل وحصار وتجويع من قبل الاحتلال بالإضافة لسوء الادارة وتزايد الانتهاكات الداخلية كل ذلك يخلق ارضية خصبة لطرح مثل تلك الحلول التي تعتمد الجانب الاقتصادي على حساب الحل السياسي وهو بالضبط ما كانت ترمي له خطة صفقة ترامب المشؤومة.
أما على المستوى الداخلي الفلسطيني فالواقع يتحدث بكل ألم عن حاله حيث يزداد الانقسام عمقاً ويتحول تدرجيا الى واقع انفصالي تجري تغذيته على أكثر من مستوى وصعيد وما زالت كل محاولات انهاءه واستعادة الوحدة الوطنية تبوء بالفشل تحت مبررات وحجج واهية لم تعد تنطلي على أحد، وما يمكن ان يقال هنا ان استمرار هذا الانقسام ومهما تشدق اصحابه بشعارات تمثل خدمة مجانية للاحتلال وتمكنه من تصفية القضية الوطنية لشعبنا الفلسطيني.
وعلى المستوى الداخلي ايضاً فان ما تعانيه منظمة التحرير الفلسطينية الممثل الشرعي والوحيد من ضعف وتهميش وتراجع لعمل دوائرها ومؤسساتها بما فيها اللجنة التنفيذية الخلية القيادية الاولى للشعب الفلسطيني كذلك الامر لمجلسها الوطني والمركزي واللجان الدائمة هذاالحال يجعل من حالة الترهل والارباك هي السائدة ويفتح من شهية كل الراغبين بابتزازها واضعافها والبحث عن بديل او موازِ لها، وفي كل ذلك انتقاص من دور المنظمة ومكانتها وتضحياتها التي قدمتها وهي تحمل المشروع الوطني وتحميه من كل المخاطر التي واجهتة.
ان واقع الحال هذا ينعكس دون شك على صمود شعبنا ويضعف امكانياته ويجعل من مقاومته للاحتلال اقل ضعفاً وتأثيرا مما يجب لذلك ورغم النماذج المشرقة للمقاومة الشعبية الا انها لم تتحول بعد لظاهرة عامة تؤسس لانتفاضة شاملة وعصيان مدني نظراً لعدم توفر الحاضنةالسياسية التي تعزز وتوفر كل الامكانيات لتحقيق ذلك.
ان المخاطر المشار لها اعلاه والكثير غيرها تستوجب الالتزام بعقد المجلس المركزي الفلسطيني في الموعد المحدد ولضمان نجاحه لابد من البدء بحوار شامل نحو اعتماد خطة شاملة بوضع الاليات اللازمة لتحويل خطاب الرئيس في الامم المتحدة الى مربع التنفيذ في مختلف المجالات الفلسطيني والاقليمي والدولي، وكذلك لتنفيذ قرارات المجلس الوطني والمركزي واجتماع الامناء العامون في ٣-٩-٢٠٢٠ والبدءالفوري في احياء ملف المصالحة وإنجاز الوحدة الوطنية واغلاق الطريق أمام تسلل خطة لابيد الاقتصادية التي تؤسس لفصل قطاع غزة، ووقف المراهنة على التفاهمات و اجراءات بناء الثقة والتحسينات الاقتصادية، ووضع خطة اقتصادية لتعزيز صمود المواطنين وضمان وقف الانتهاكات وتعزيز الحريات، وضرورة الاتفاق الجدي على اليات تفعيل المقاومة الشعبية وتعميم نماذجها الناجحة وتشكيل قيادة موحدة لهابشكل واضح ومحدد ودون تسويف او مماطلة.
كما وان المجلس المركزي بدورته القادمة امامه تحديات كبيرة بالإضافة لرسم السياسيات وتحديد الخيارات ووضع الاليات فانه مدعو وانطلاقامن التفويض الممنوح له من المجلس الوطني الفلسطيني بوضع خطة شاملة لاستعادة مكانة منظمة التحرير الفلسطينية وتعزيز الشراكة وتفعيل لجنتها التنفيذية عبر تطويرها وانتخاب لجنة جديدة تعزز الشراكة وتراعي تمثيلها لمختلف مناطق تواجد شعبنا واصلاح مؤسساتها كافة، بما في ذلك اعادة تشكيل المجلس المركزي وتفعيل اللجان الدائمة وتحديد جدول زمني لتحقيق التنفيذ، ودون ذلك سيكون انعقاده مجرد اجتماع كغيره من الاجتماعات التي أصابت شعبنا بالضجر.
* عضو المجلس الوطني الفلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت