يحمل موسم قطف الزيتون رمزية خاصة بالنسبة للفلسطينيين، فهو ليس مجرد موسم زراعي يقطفون خلاله الزيتون، بل هو تقليد حافظ عليه أجدادهم لعقود. تتجمع العائلات الفلسطينية خلال موسم قطف الزيتون في البساتين وتقطف ثمار الزيتون جماعةً وسط أهازيج الأغاني الفلسطينية الشعبية. تغادر العائلات منازلها عند شروق الشمس لإنهاء الحصاد قبل ارتفاع درجات الحرارة، فتبدأ يومها بإعداد الشاي على الحطب، وبطبيعة الحال لا بدّ من تناول وجبة الفطور التقليدية المؤلّفة من الزيتون الناضج وخبز الطابون.
يواجه المزارع الفلسطيني العديد من التحديات خلال موسم الحصاد وفي الفترة التي تسبقه، بدءاً من عواقب النزاع المطول وانتهاءً بظواهر تغير المناخ. أحد هؤلاء المزارعين هو رمضان اشتيوي (أبو إبراهيم)، 46 عام، الذي سار على خطى والده وجده وأصبح مزارعاً في سن مبكّرة. كلّ عام، ينتظر أبو إبراهيم موسم قطف الزيتون بفارغ الصبر، فهو مصدر دخل رئيسي له ولأسرته. ويشكل الربح الذي يجنيه أبو إبراهيم من بيع الزيتون والزيت ومنتجاته كالمخلل 80٪ من إجمالي دخله.
وقد عانى العديد من المزارعين الآخرين أمثال أبو إبراهيم من انخفاض هائل في إنتاجية أشجار الزيتون في عام 2021 في غزة، ويعزى جزء كبير من هذه الخسارة إلى التدهور البيئي وتغير المناخ. يقول أبو إبراهيم: "لديّ 120 شجرة زيتون، تنتج بالعادة 12 طناً من الزيتون، لكنّها أنتجت هذا العام طناً واحداً فقط!"، ويضيف: "لقد أثرت درجات الحرارة الشديدة والتوزيع غير المتكافئ للأمطار بشكل كبير على مرحلة الإزهار وحمل الأشجار. لم نشهد قط مثل هذا الانخفاض في حمل الأشجار على مدى السنوات العشر الماضية".
وبحسب وزارة الزراعة، فإن إنتاج الزيتون في غزة يشهد هذا العام انخفاضاً يصل إلى 65٪ مقارنة بالسنوات السابقة. هذا الانخفاض الكبير ناتج بشكل رئيسي عن تداعيات التغير المناخي، وهو يحدث بشدة لم يشهد قطاع غزة مثلها في السنوات العشر الماضية. وفي حين شهد فصل الشتاء الماضي ارتفاعاً مفاجئاً في درجات الحرارة لتصل إلى 27 درجة مئوية، كانت درجات الحرارة خلال الأشهر التي يُفترض أنها أشهر الحرارة المعتدلة خلال العام منخفضة بشكل غير طبيعي، مما أدى إلى إضعاف الأشجار بشكل كبير وأثّر على مراحل الإزهار والإنتاج. علاوةً على ذلك، تؤدي درجات الحرارة المرتفعة إلى ظهور آفات زراعية، مثل "مرض سل الزيتون"، مما يقلل من إنتاجية الشجرة بنسبة 80٪.
وفي حين يبلغ معدل الإنتاج المعتاد للزيتون في غزة 30 ألف طن، انخفض هذا العام ليصل إلى 9000 طن، وقد بلغ حجم انتاج الدونم الواحد من أشجار الزيتون هذا العام 300 كيلوغرام بدلاً من 1000 كيلوغرام.
لا يزال التغير المناخي من المشاكل الخطيرة التي تهدد العائلات الفلسطينية التي تعيش في قطاع غزة، إذ يعتمد الكثير منها على الزيت والزيتون كمصدر رئيسي أو ثانوي للدخل.حسب تقرير نشرته اللجنة الدولية للصليب الأحمر.