خلال ندوة نظمها "مدار".. التحذير من خطورة مشروع التسوية الإسرائيلي على واقع مدينة القدس ومستقبلها

الفلسطينيون يحتفلون بذكرى المولد النبوي بالقرب من باب العامود بمدينة القدس

  حذر باحثون وقانونيون، من مخاطر مشروع تسوية الأراضي الذي تنفذه سلطات الاحتلال الإسرائيلي في القدس، باعتبار أنه يأتي في إطار تهويد المدينة المقدسة، وتكريس الهيمنة الإسرائيلية عليها، وإلغاء الحقوق الفلسطينية فيها.

جاء ذلك خلال ندوة نظمها المركز الفلسطيني للدراسات الإسرائيلية "مدار"، باستخدام منصة "زووم"، بعنوان "مشروع تسوية أراضي القدس (2018-2025) -قرار الحكومة الإسرائيلية 3790‎‎"، وبمشاركة مسؤول وحدة المناصرة الدولية في مركز العمل المجتمعي منير مرجية، والباحث المختص في التاريخ القانوني لأراضي فلسطين د. أحمد أمارة، و ومحامي أهالي حي الشيخ جراح د. سامي ارشيد.

وفي هذا السياق، لفت مرجية إلى أن ممارسات الاحتلال وسياساته في القدس منذ بداية الاحتلال، تهدف إلى الحفاظ على أغلبية يهودية في القدس، والتأكيد على أن القدس الشرقية تحت السيادة الإسرائيلية.

وذكر أن قرار الحكومة الإسرائيلية (3790)، الذي اتخذ إبان ولاية رئيس الوزراء الإسرائيلي السابق بنيامين نتنياهو وتحديدا خلال العام 2018، تطرق إلى قطاعات عدة، مثل: التربية والتعليم، والتعليم العالي، وسوق العمل، والتجارة، والاقتصاد، والبنية التحتية، والمواصلات، والخدمات الصحية، وتحسين خطوط المياه والصرف الصحي، ودور المرأة في المجتمع، وتسوية الأراضي في القدس.

وأوضح أن القرار جاء معنونا بتقليص الفجوات الاقتصادية والاجتماعية، والتطوير الاقتصادي للقدس الشرقية، لكن الهدف منه في الحقيقة مناقض لذلك. 

وقال: منذ احتلال القدس في العام 1967، وضمها غير القانوني، لم تتم عملية تسوية للأراضي، لأسباب تقنية وسياسية دبلوماسية كما قالت اسرائيل، بالتالي كان هناك نوع من الفوضى في المجال العقاري في القدس الشرقية.

وأردف: بموجب القرار الإسرائيلي وحتى نهاية الربع الأخير من العام الحالي، يفترض أن تتم تسوية 50% من الأراضي، وفي نهاية العام 2025، يفترض إنجاز عملية تسوية كافة الأراضي، مبينا أن التسوية تعني قيام مساحين بتقسيم الأراضي لقطع وأحواض، وتحديد ملكيتها بعد وضع حدود دقيقة لهذه القطع.

واستعرض العمليات التي تمر بها عملية التسوية، بما فيها الشق القانوني، مضيفا "بموجب بند 22 ضمن قانون تسوية الأراضي الإسرائيلي، فإن أي قطعة أرض لا يتم إثبات ملكيتها، تسجل تحت ملكية دولة اسرائيل".

 

مناقض لنظام روما الأساسي

وأشار إلى عدد من القرارات الأممية بخصوص القدس الشرقية، وكونها أرضا خاضعة للاحتلال تابعة للضفة الغربية، لا يجوز إحداث أي تغيير في طابعها وصفتها من قبل القوة القائمة بالاحتلال، ما يعني أن تغيير الملكيات في القدس الشرقية كما تريد سلطات الاحتلال، غير شرعي أو قانوني.

وأكد أنه بعيد إنجاز مشروع التسوية، هناك مخاوف من تهيئة أرضية خصبة لتنفيذ حملة تهجير قسري للمواطنين الفلسطينيين من أهالي القدس الشرقية، موضحا أنه بموجب نظام روما الأساسي الذي تستند عليه محكمة الجنايات الدولية، فإن مصادرة الأراضي يمكن إدراجه جريمة حرب، بالتالي فإن مشروع التسوية، يناقض الكثير من التزامات إسرائيل على مستوى القانون الدولي.

 

السياق التاريخي

من جهته، ركز أمارة على السياق العام التاريخي لموضوع تسوية الأراضي في فلسطين بدء بالمرحلة العثمانية، مشيرا إلى أن قانون الطابو العثماني الصادر العام 1860، ومن قبله قانون الأراضي العثماني الصدر العام 1858، كان لهما –ولا يزال- دور مهم في إثبات ملكية الأراضي.

وأوضح أنه حسب بعض التقديرات فإنه حتى نهاية المرحلة العثمانية، تم تسجيل 5% من أراضي فلسطين بالطابو، مضيفا "علينا عدم تناسي أن هذا التسجيل تم في دفاتر الطابو، لكن تسجيلات الأراضي لها أشكال عدة، وهذه إحدى الإشكاليات التي يمكن أن نواجهها في موضوع التسوية، مثل السجل الشرعي، ودفاتر الأعشار، والدفاتر الضريبية "الويركو" وغيرها".

كما أشار إلى عمليات التسوية التي تمت خلال الانتداب البريطاني، مبينا أن البريطانيين اعتمدوا السجلات العثمانية في التعاطي مع ملف الأراضي.

وتحدث عن مخططات قيادات الحركة الصهيونية للسيطرة على الأراضي في فلسطين، وحددتها بثلاث آليات، تتمثل في: الاستيلاء على الأراضي بالقوة، والمصادرة، والشراء والتسجيل، مضيفا أن "الحركة الصهيونية لم تكن ذات سيادة، وينقصها الجيش والقوة العسكرية مقابل الدولة العثمانية، لذا كان تسجيل الأراضي مهما جدا".

ولفت إلى أن مسألة تسجيل الأراضي كانت مهمة أيضا إبان فترة الانتداب البريطاني، باعتبار أن البند السادس من صك الانتداب، كان يلزم الانتداب بتخصيص أراض للاستيطان اليهودي بفلسطين، وحدد أراضي الدولة أو "أراضي الموات" التي ينبغي اعطاؤها للوكالة اليهودية.

وأوضح أنه بعيد الاحتلال الإسرائيلي لكامل فلسطين، أعادت إسرائيل صياغة القانونين العثماني والبريطاني وفكرة التسوية واثبات الملكية، بالتالي نفت الشهادات الشفوية، وغيرها من الآليات التي كان يعمل بها من قبل البريطانيون، محذرا بالمقابل من خطورة مشروع التسوية الإسرائيلي في وضع اليد على مساحات واسعة من الأراضي، وأملاك المواطنين الفلسطينيين في القدس.

 

جزء من "بسط السيادة"

أما ارشيد، فقال: نحن أمام حدث تاريخي مفصلي في تاريخ مدينة القدس، وأعتقد أن موضوع  التسوية جزء ليس فقط من بسط السيادة الإسرائيلية على القدس، بل وتنفيذها على أرض الواقع، فهذه هي فلسفة القرار ودوافعه.

وبين أنه تم منح صلاحيات واسعة، إضافة إلى موازنات تكاد تكون غير محدودة لتنفيذ مشروع التسوية في القدس الشرقية.

وقال: إذا تمت عملية التسوية، بالمسار الذي تنفذ فيه، ضمن منظومة القوانين الإسرائيلية الموجودة حاليا دون أي تغيير، بما في ذلك تفعيل كافة القوانين والنظم المعمول بها وعمل بها في السابق، فالنتيجة ستكون كمية ساحقة من الأراضي والعقارات في القدس الشرقية، سيتم في نهاية المطاف تسجيلها باسم دولة إسرائيل، إما بغياب اثبات ملكية من قبل المالك الفلسطيني، وإما بتفعيل قانون أملاك الغائبين.

وركز على جانب مما قامت به إسرائيل بعيد احتلالها لكامل فلسطين، لإضفاء الشرعية على عملية السيطرة على ومصادرة الأراضي في القدس، من خلال إصدار رزمة من القوانين بشكل متواصل مثل قانون أملاك الغائبين.

وكانت استهلت الندوة، بكلمة لمدير عام "مدار" د. هنيدة غانم، أشارت فيها إلى أهمية الموضوع مدار البحث، وإلى عناية المركز بملف تسوية الأراضي وتحديدا في القدس الشرقية، ما دللت عليه بإصداره ورقة تقدير موقف حوله وحول تبعاته.

 

المصدر: وكالة قدس نت للأنباء - رام الله