- د. طلال الشريف
نحتاج أدباً يعيد العلاقات الانسانية
يجلي العواطف التي تدهنت بفعل عقود الجفاف العاطفي والإنساني.
عندما هربت من حياتنا الابتسامة والصدق ارتفع منسوب الهموم التي صاحبت عالمنا الذي تغير بعد انتصار الرأسمالية وتضخم الأنا وما شاب حياتنا من جشع وشراسة بعد تعولم المشاعر كالماديات فوجهت العقول والشعور في اتجاه قبح غير إنساني..
كنت أحسب أن كورونا العصر وانتهاكاتها المتواصلة وعزلها العالم أجمع ولمدة طويلة ستعيد لنا الإنسان الجميل فتذكره وتقدم له العبر بأن يبتعد عن العنف ضد أخيه الإنسان ولكن على ما يبدو أنها أي الكورونا هي من صناعته لأدوات الموت وتطوير أسلوب الفتك به أقوى من الصاروخ والقنبلة.
فقد سبق تلك الكورونا ميات السنين تيبست فيها العلاقات وتكلست النظرات واحتدت ردات الفعل وغلب العنف بكل مستوياته على إنسانية الإنسان وبعد أن فشلت القيم المعهودة زمنا والقوانين والأنظمة السارية في كبح توحش الإنسان حلت مفاهيم القوة والكذب والأنانية واستخدام العنف وحب الذات الانتحاري أحياناً أو حتى غالباُ دون شعور بصفاء الأذهان وغياب الندم والعبرة هي في حالة ضغط نفسي شرس ومتواصل.
إنها مفاهيم العولمة التي تركتنا نتحدث مع قطعة مصمطة من الحديد أو الألمنيوم أو النيكل تسمى الموبايل أو الجوال هو كل عالمنا اليوم ونسينا العلاقات المباشرة وتبادل الزيارات وحتى الخروج للطبيعة والهواء الطلق وتهربنا من المناسبات الاجتماعية السابقة للعقود الثلاثة الماضية.
جرائم تهز أركان الدنيا وسباق متلهف لسفك الدماء وسباق تسلح لقتل أكبر عدد من البشر بصواريخ ضخمة باستخدام التكنولوجيا الحديثة يتفاخر صناعها بدقة الاطلاق واصابة الهدف ..
كيف تحول الإنسان لمفترس لأخيه الإنسان وأصبح من السخرية أن قيم العالم الجديد تخدرنا وتتلاعب بالألفاظ فتدعي التتمييز بين قتل وقتل وبين مناسيب استخدام القوة أي العنف بين استخدام مفرط للقوة واستخدام غير مفرط رغم أن الضحية هو الانسان بقوة ناعمة أم قوة مفرطة.
جرائم إنسانية وقتل جماعي متصاعد الأعداد والأخطر ألا يتوقف الكتاب والأدباء عند تلك الجرائم كثيرا لتوالي الجريمة المتسارع فتطوى أخبارها سريعا لنصحو على جرائم أكبر .. نحن في عصر العنف الأكبر .
الأدب بطيء والقتل سربع، الأدب شحيح وأدوات القتل متعددة وفي تسارع لتوسيع فاعليتها.
مشاعر الحب والغرام والرومانسية والود أصبحت أقل منسوباُ وقلت جريمته وحل محلها الجنس المنفلت وارتفع منسوب جرائم قتله وفضائحه بشكل أكبر.
المال السياسي والمغسول أصبح أكبر وجرائم قتله أكبر.
الإيمان الحقيقي أصبح أقل وولكن جرائم قتله أفظع، فالشيخ والمطران والحاخام ارتفعت بشكل غير مسبوق فتاوييهم بالقتل.
المِحولون بصيرة والممسوسون شيطانيا من متيدني العصر يصارعون الزمن في القتل على العقيدة.
السياسيون أصبحوا أكثر جهلا وتحملهم أموالهم ومؤامراتهم وعصاباتهم لمواقع المسؤولية فيدمرون كل القيم الإنسانية في كل مجتمع ويفسدن حياة البشر دون ترقي أنظمة وقوانين رادعة فيهربون من العدالة بالتزوير وصناعة الفوضى ولا مانع لديهم من استخدام القتل لأجل المنصب.
الطبيب يٌضرب في مستشفاه وخلال عمله والعالِم يٌغتال بسبب إرتقاء علمه والطيب يؤكل حقه والنايم ملوش نايب والمسالم يمشي جنب الحيط والزعلطتي والبلطجي يمشي متفاخرا في عالم فقد كل القيم وأصبحنا في غابة.
الإعلامي والمخرج والسيناريست والأديب والكاتب والسياسي والشيخ والحاخام والمطران مسؤولون عما يقدمونه للبشر من عنف أفكارهم فيولدون الجريمة ويقتلون الإنسان..
نحتاج أدب إنساني وإعلام مسؤول وسياسي ليس رئيس عصابة ودعاة وولاة رحماء بالبشر يخافون الله الأول وليس الآلهة الحزبية والورق الأخضر، فهؤلاء هم المتسببون للعنف في عصرنا وهؤلاء هم من قيل فيهم " اللهم لا تولي علينا من لا يخافك ولا يرحمنا" ... أين الأدب الإنساني وأين الأدباء ؟؟!!
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت