- اشرف صالح
من وجهة نظري أن تصريحات جورج قرداحي عن حرب اليمن وهو إعلامياً مشهوراً وله جمهور ومحبين ومتابعين , هي أقوى من تصريحاته وهو وزير إعلام , لأن الإعلامي الحر أقوى بكثير من الوزير المقيد , وخاصة وأننا في عصر الثورة التكنولوجية , وبعيداً عن ذلك كانت الهجمة الشرسة على جورج قرداحي على إعتبار أنه وزير الإعلام اللبناني ورأيه يمثل دولة لبنان ككل , وهذا الهجوم بالطبع غير منطقي وغير عادل وغير قانوني , لأنه وبكل بساطة يحاسب شخص بصفته وزير على تصريحات قديمة تعبر عن رأيه الشخصي , وقد كان جورج قرداحي صريحا بما فيه الكفاية لدرجة أنه قال خلال تعليقه على الهجمه الشرسة ضده , قال أنه بحكم منصبه كوزير في لبنان فهو مقيد وملتزم بالقرار اللبناني الرسمي , والمتمثل بموقف الحكومة اللبنانية تجاه التحالف العربي في اليمن , وهذا بالطبع يدل على أن جورج قرداحي سيلتزم برأي الحكومة اللبنانية في حرب اليمن حتى لو كانت الحكومة مع الحرب وجورج قرداحي ضد الحرب من جانب رأيه الشخصي , جورج قرداحي ليس بحاجة الى البرائة من هذه التصريحات ولكنه بحاجة الى أن يرى العالم كما كان يراه سابقاً , ففي السابق كان يصول ويجول في آرائه كونه إعلامي مؤثر في المجتمع , ولكنه الآن أصبح مقيد بحكم منصبه الجديد , وهو مقيد لدرجة أنه الآن يحاسب على تصريحات قديمة تعبر عن شخصه فقط .
حرب اليمن هي كأي حرب لها أسبابها ودوافعها , وبغض النظر إذا ما كانت الأسباب والدوافع سليمة أم غير سليمة , فمن الأفضل أن ينحصر الحديث عن حرب اليمن في سوؤل واحد , وهو , هل حققت حرب اليمن شيئ بعد سنوات طويلة ؟ الإجابة بالطبع لا , لأن حجم المشكلة بين الحوثيين "ذراع إيران" وبين الخليجيين "بقيادة السعودية" لا تستدعي تدخل عسكري واسع ومكلف وقد لا ينتهي , وهذا بالطبع كان يقصده جورج قرداحي في تصريحاته عن حرب اليمن , لأنه قال أنها حرب عبثية , ومعنى عبثية أنها تستنزف طاقات بشرية ومالية ولم تحقق الغرض المطلوب , وجورج قرداحي لم يتطرق إلى مسالة من الظالم ومن المظلوم في هذه الحرب , إنما ركز على الجانب الإنساني والمتمثل في معانات الناس في اليمين نتيجة حرب بين السنة والشيعة قد لا تنتهي , وقد تتوسع وتمتد جذورها الى دول أخرى , وهذا يعتبر أخطر شيئ في الحروب , فلا يهم لماذا إندلعت الحرب بقدر ما يهم كيف ستنتهي الحرب .
وما لفت نظري في الهجوم ضد جورج قرداحي هو التطور السريع للهجوم , فالهجوم ليس على المستوى الإعلامي فقط , بل إنه وصل الأمر الى طرد سفراء , وسحب مشاريع , وقطع علاقات , وفرض عقوبات , وربما يتطور الامر الى حرب عسكرية , كل هذا بسبب تصريح يعبر عن وجهة نظر صاحبة , وهذا يقودنا الى أننا في زمن لا يقبل الرأي والرأي الآخر , ولا يحتمل النقاش والنقض والنقض الذاتي , لا أحد يطيق رأي أحد , ولا أحد يحترم أحد , فهذا أحقر ما وصلنا إليه نتيجة التشتت الفكري والعقدي والإجتماعي , ونتيجة ما تعودنا عليه من دكتاتورية وإرهاب فكري وقمع للحريات , أصبحنا عبيداً لآرائنا التي تخدم أسيادنا , ومقالتين بسيوف أسيدانا للإطاحة بمن يعارض أسيادنا , هذه هي الدكتاتورية التي يعاني منها الوطن العربي بلا إستثناء , سواء شعوب أو أنظمة فالكل أصبح سواء في منظومة عدم تقبل الآخرين , فإذا نجوت من ظلام المعتقلات والسجون , فلن تنجوا من ألسنة الناس اللذين لا يتقبلون رأيك .
كاتب صحفي
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت