عاشت مغتربة عن بلدتها لسنوات طويلة، وبعد عودتها لاحظت الفرق في التطور في الخارج مقارنة مع وضع قريتها، كانت من النساء النشيطات في البلدة ولم يكن هدفها ولا حلمها في يوم من الأيام الوصول للمجلس البلدي، ولكن حبها للعمل المجتمعي والتطوعي دفع عيشة خليل نمر- رئيسة مجل قروي قيرة قضاء سلفيت، لخوض هذه التجربة.
حاولت التغيير ولو على مستوى بسيط، وبالتعاون مع النشيطين في البلدة تم تشكيل لجنة باسم "لجنة قيرة الخيرية" وعن طريق التبرعات بدأو بتطوير وضع العيادة الصحية وإنشاء مختبر مزود بأحدث الأجهزة، إضافة لزيارتها للمدارس التي كان يشكوا أهل القرية من ضعف المستوى التعليمي فيها، فنظمت زيارة لوزارة التربية وجلست مع مدراء المدارس في البلدة، وعقدت ورشة عمل خرجت بالعديد من التوصيات المتعلقة بالتعليم والتي تم أخذها بعين الاعتبار.
كانت هناك الكثير من الخلافات حول رئاسة المجلس القروي والتي استمرت أكثر من خمس عشر سنة، وأثناء سفرها وردها اتصال يخبروها بأنه تم اختيارها وتعيينها رئيسة للمجلس البلدي، فاضطرت للعودة من سفرها وقبول هذا التعيين وأدارت وضع البلدة لمدة ثمانية شهور، فكانت تجربة غريبة وجديدة عليها، وخاصة انها لم تكن على معرفة بقوانين الحكم المحلي وأنظمته، ولكنها استطاعت خلال هذه الفترة إثبات ذاتها، وكان لها العديد من الإنجازات التي حققتها.
عند عقد الانتخابات التكميلية لم ترغب في الترشح لها، واكتفت بالتجربة السابقة، ولكن أهل القرية طلبوا منها التوجه للانتخابات، فكان هدفها جمع أهل البلدة وسد الفجوة التي حدثت بفعل التنافس على الرئاسة،وليس الحصول على الرئاسة.
ذكورية المجتمع هي أهم التحديات التي واجهتها وحفزتها لإثبات أن المرأة قادرة على العمل مثل تماما وأفضل من الرجل، وبدعم عائلتها وأهل بلدها استطاعت تخطي هذه العقبة.
ومن التحديات الأخرى التي واجهتها العادات والتقاليد، والتي تنظر لعمل المرأة وتأخرها خارج المنزل وحضور الاجتماعات، ولكنها تخطت هذه النظرة وكان لها شعبيتها داخل القرية وزرعت الاحترام والثقة بين أهل القرية، وأصبحت ملجأ لحل الكثير من المشاكل بالتعاون مع الأعضاء المتعاونين جدا.
المرأة كانت ومازالت جزء أساسي في مسيرة التنمية والعطاء، والانجازات التي حققتها تعبرها قصص نجاح لها ولقريتها ولمن عايشها في الفترة السابقة
سبب نجاحها هو الطموح والتخطيط والعزيمة وتلك الصفات مجتمعة جعلتها تحول الأفكار إلى أفعال وتحقيق الاستثناء والانجازات الذي تريد، وأهمها تحقيق السلم الأهلي داخل القرية بعد سنوات من المشاكل، وعملت على إعادة فتح المخطط الهيكلي في القرية بالمناصفة الذي كان أحد سبب المشاكل بين الأهالي، بعد أن توجهت لوزارة الحكم المحلي، وتواصلت مع أصحاب الأراضي الذين تم فتح الطرق بوجودهم بالتعاون مع وزارة الأشغال وتم كتابة تعهد وعقد بهذا الأمر.
ومن الانجازات الأخرى في البلدة، تنفيذ الطابو، وتعبيد الطرق الداخلية، ناهيك عن تسديد الديون المتراكمة على المجلس عن طريق جدولة الديون داخل القرية، إضافة لتنفيذ مشروع إنارة الشوارع بإضاءة مميزة .
وهناك ستة مشاريع ما زلت قيد التنفيذ وهي: تجميل مدخل القرية، تأهيل شبكة الماء، انشاء قاعة متعددة الاستخدامات،تجهيز طريق تربط بين قيرة ومردة، صيانة الخزان، تغيير ساعات الكهرباء القديمة وتنظيم جباية الكهرباء.
خلال جائحة كورونا تم إنشاء مزرعة مجتمعية بتبرع من أحد الأشخاص تم استصلاحها وزراعتها بعدة محاصيل، وكل المنتوجات توزع على العائلات المحتاجة والعمال الذين تضرروا من الجائحة، أو بيع المنتوج بأسعار أقل للأهالي، فقد تم انتاج ما يقارب 6 طن من الخضروات. وهي تفكر في إعادة هذه المبادرة الناجحة ة، ولكن ينقصها الأيدي العاملة، وخاصة أنه في الفترة السابقة كانوا عاطلين عن العمل وعادوا لأشغالهم بعد عودتهم لأعمالهم السابقة.
برنامج توجيه عضوات الهيئات المحلي الذي تنفذه وزارة الحكم المحلي أضاف لها الكثير من المعلومات رغم عقده وجاهيا، فقد كان فرصة لبناء علاقات جديدة مع المشاركات والموجهات، وساهم البرنامج في تعزيز ثقتها بنفسها، واستفادت كثيرا من لقاء كيفية التواصل مع وسائل الإعلام، فقد أعطاها دافعا للحديث أمام الكاميرا وعدم الخوف منها، وكيفية تنظيم أفكارها وطرح وجهة نظرها.
ومن اللقاءات التي كان لها فائدة كبيرة في عملها، لقاء إدارة الأزمات، فساهم البرنامج التدريبي في تطوير قدراتها وعلاقاتها مع المجتمع.
وتنصح كل امرأة تفكر في خوض هذه التجربة، أن تمتلك ثقة عالية في نفسها، وان تحرص على تعلم كل ما هو جديد، وأن تلجأ للحكم المحلي وتستفسر عن كل أمر يصعب عليها قانونيا وإداريا، وتنصحها بعدم الخوف من خوض هذه التجربة، بل عليها المغامرة فالتعلم يكون عن طريق الخطأ.