- بقلم : فراس الطيراوي / شيكاغو
مرت سبعة عشر عاما منذ أغمدت الفاجعة خنجرها المسموم في خاصرة الوطن الفلسطيني المحتل وشعبه المعذب المقهور.
يستدير فيهما الزمان، وينيخ الوقت ايامه وساعاته ويظل الثابت الذي لا جدال فيه اننا فقدنا بطلاً شجاعًا وزعيماً جسوراً ، وقائداً ورمزاً ورجلاً حمل في قلبه، وعقله, ووجدانه القضية الفلسطينية فكان وإياها كيانا واحدًا ، تميز بالحكمة والشجاعة ،واحتل بكاريزمته، وافعاله، وخطبه القلوب والعقول، عاش عمره وفيًا لتطلعات شعبه، ومقاوماً صلبًا لأعدائه، ارتسمت الأرض في قلبه، فكانت النبض والدم الذي يجري في شرايينه.
تأتي الذكرى السابعة عشر لرحيل الزعيم الخالد فينا ابد الدهر ياسر عرفات.. لتوقظ أقلامنا، وأحلامنا، وآمالنا، وتشحذ هممنا، لتسترسل الكلمات المكبوتة في حناجرنا، ولتجدد فينا العزم على مواصلة النضال والسيرة، والمسيرة لتبعث فينا الأمل من جديد نحو النصر والتحرير.
سلام الله عليك يا ابا عمار , سلام العيون التي استيقظت في صباحاتك المليئة بالحلم والعلم والنشيد، وتأبى اليوم ان تغفو على غيابك المذهل وانطفاء روحك التي ترفض ان تموت ... سلام الرجالِ الأتقياءِ الذين مازالوا ينتظرونك في صهيلك الباذخ، وزئيرك الرابض في حناجرنا .... سلام الوطن المتدثر بغيبوبة الوجع الفادح في اخر جولاتك وانتصارات رمحك ... مثلك لا يغيب وقد توثبت حمكتك ورؤاك فينا .. نحن لانرثيك في غيابك، لكننا نستلهم حضورك الخالد في نفوسنا، ثابتاً كالسيف ، خالداً كالبحر ، راسخاً كالحقيقة .. يسألون عن زمنك فنقول لهم هو ميقات الثبات على المبادئ ، وايقونة التمسك بالاهداف ، ورمزية الثورة الفلسطينية التي دافعت عنها حتى الرمق الاخير .
عهدا" لك أيها الخالد في وجداننا أننا سنبقى نرى فيك إرثاً مجيداً، ونبراس هدايـــــــــــة، ومعين عطاء مغروســــــــاً في قلوبنا وضمائرنا، مزروعــــاً في الحنايا والصدور، كما نؤكد أن مسيرتك النضالية مستمرة فينا، ومبادئك مصانة، وإنجازاتك منيعة، وقيمك أمانة.
طوبى لك يا ابا عمار ولروحك الطاهره التي تسكننا، طوبى لك وقد صدقت عهدك مع الله والشعب، طوبى لك شامخاً كالجبال.. رحلت وما وقّعت على وثيقة سلام، يريدونها استسلاماً، لم تنحني او تنكسر تحت أي ظرف او وطأة، أو أي تهديد، تحملت المؤامراة وواجهاتها بقلب من حديد حتى اصطفاك الله شهيد. سلام الله عليك غائباً حاضراً.. سلام الله عليك من وطن عرفك في حياتك ويستحضر ذكراك الآن أكثر بعد رحيلك.. يا صاحب الشمائل العظيمة ، ستبقى ذكراك الطيبة حية، يا ساكنا في نبضات قلوبنا ، وفي حدقات عيوننا ، وفي صميم ضمائرنا، و ستبقى آية في سماء فلسطين والقدس وفي صدر الكتاب.
من أقواله المأثورة : ان هذه ثورتكم يا أحبائي وجدت لتنتصر وسننتصر طال الزمان او قصر، وان هذه الثورة ثورة عظيمة ليست بندقية فحسب فلو كانت كذلك لكانت قاطعة طريق، ولكنها نبض شاعر، وريشة فنان، وقلم كاتب، ومعول فلاح ،ومشرط طبيب، وإبرة لفتاة تخيط قميص زوجها الفدائي، الدولة الفلسطينية هي هدف استيراتيجي للشعب الفلسطيني ،لا تهتفوا لي بل اهتفوا لفلسطين والقدس بالروح بالدم نفديك يا فلسطين على القدس رايحين شهداء بالملايين ، هذا الشعب شعب الجبارين لا يعرف الركوع الا لله تعالى فقط ساعة الصلاة ، ليس فينا وليس منا من يفرط بذرة تراب من القدس .. وليس فينا وليس منا من يفرط بحق العودة لانه مقدس وثابت من الثوابت، وستظل كلماته تزين جدار ذاكرة التاريخ بشكل عام و الجمعية العامة للأمم المتحدة عام ١٩٧٤ بشكل خاص عندما خاطبها وقال" انني جئتكم بغصن الزيتون وبندقية الثائر ، فلا تسقطوا غصن الزيتون الأخضر من يدي .. الحرب تندلع من فلسطين والسلام يبدأ من فلسطين". كم انت عظيم يا قائدي، ويا معلمي، ويا قدوتي ،ويا شمس شهداء ثورتي، نم قرير العين يا سيدي، وانا على العهد والدرب لسائرون حتى تحرير القدس والوطن من الاحتلال الصهيوني الغاشم ورفع علمنا الفلسطيني فوق أسوارها ومساجدها وكنائسها، ونقل جثمانك الطاهر ليسجى في باحات المسجد الأقصى المبارك كما أوصيت وان شاءلله سيكون لك ذلك" انهم يرونه بعيدا ونراه قريبًا" وانا لصادقون ومنتصرون باذن الله.
*** ناشط سياسي وكاتب عربي فلسطيني عضو الامانة العامة للشبكة العربية للثقافة والراي والاعلام.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت