- بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
منذ أن إجتمع الشرق والغرب على النيل من أمة العرب وتحديداً مع بدء إنهيار الدولة العثمانية ثم جلائها الكامل عن الأراضي العربية من المحيط الى الخليج, وحيث شرعت قوى الإستعمار والرأسمالية العالمية بتنفيذ أجنداتها المخبأة تجاه العرب وتجسيدها على أرض الواقع من خلال رزمة مشاريعها التفتيتية التي سعت من خلالها تقسيم الوطن العربي الى أجزاء متناثرة يسهل معها السيطرة على مواردها وخيراتها ومصادر قوتها . وقد ترجمت هذه الأفكار خلال مؤتمرات دولية أنتجت العديد من الأوراق والإتفاقات ومنها ورقة كامبل وإتفاقات سان ريمو وسايكس بيكو, التي أكدت جميعها على ضرورة تفتيت وتقسيم الوطن العربي الى أقطار ضعيفة تخضع لما سموه إنتداب القوى الغربية وخصوصاً بريطانيا وفرنسا وايطاليا التي إستعمرت البلاد العربية وعمدت الى قتل الأحرار فيها ومطاردتهم والحؤول تالياً دون تحررها ونهوضها . بل ذهبت بريطانيا الى أبعد من ذلك حين أعطت فلسطين للعصابات الصهيونية لتكون قاعدة عسكرية غربية في قلب الوطن العربي تعمل بإستمرار على شله وإيقاف عجلة تقدمه ونهوضه.
وأثناء الحكم العسكري المباشر لقوى الإستعمار الغربي على البلاد العربية عبر ما يسمى الإنتداب , عمدت تلك القوى وبالتوازي مع صناعة ما يسمى (إسرائيل) الى خلق شريحة برجوازية مجتمعية محلية ترتبط مصالحها عضوياً بالوجود الصهيوني في فلسطين والمصالح الإستعمارية في الوطن العربي تكون إمتداداً طبيعياً وعضوياً للقوى المعادية وتشكل عائقاً حقيقياً أمام وحدة الأمة وتحفزها للنهوض والتحرر والإنعتاق من نير التبعية العمياء للقوى الغربية الإمبريالية . وقد سيطرت هذه الشريحة على معظم البلاد العربية على شكل ممالك وراثية وإمارات تتبع أمراء وحكومات دكتاتورية صادرت الحريات ومارست القمع ضد مواطنيها وأغرقت البلاد في بحور الجهل والضعف والدم والفتن وأمعنت فيها الخراب بما يخدم تالياً المشروع الإمبريالي الصهيوني في المنطقة ويجعل من تلك الطبقة الحاكمة ضلعاً أساسياً في الثالوث المعادي لأماني الأمة وتطلعاتها في النهوض والتحرر والوحدة والتقدم والرقي والإزدهار.. الثالوث الإمبريالي الصهيوني الرجعي المطبق على صدر أمتنا ويصادر حقها في الحياة وحقها في ثرواتها وإستغلال إمكاناتها الهائلة .
ولأن مصالح الحكام العرب إرتبطت بشكل وثيق بالمصالح الإمبريالية والصهيونية فإنك تجدها تقف بكل قوة ضد القوى الوطنية والقومية والإسلامية والتقدمية التحررية التي تسعى بكل تلك التضحيات نحو قيم الحرية والوحدة والتحرير وتخليص الوطن العربي من أخطبوط الثالوث المعادي ,وإطلاق إمكانات الأمة الكامنة والتي تمكنها من دحر كل المخططات المعادية والسير قدماً بمسيرة الأمة نحو الإقتدار والعلياء مكانها الطبيعي بين الأمم وبما يليق بماضيها التليد وتاريخها المجيد وحاضرها المخضب بدماء الأحرار الأطهار والذي سيزهر نصراً مؤزراً عما قريب يتيح للأمة تقرير مصيرها وحماية مستقبل أبنائها وأجيالها القادمة .
إذاً فإننا نستطيع القول هنا أن النضال في سبيل الحرية والديمقراطية ودحر القوى الرجعية البرجوازية والإحتلال الصهيوني يقودنا بكل تأكيد نحو الوحدة العربية صمام الأمان الناظم لقوتنا وإقتدارنا في كل المجالات والميادين وبما يكفل تحرير كافة الأجزاء المغتصبة وفي مقدمتها فلسطين والأحواز العربية والتصدي لكل الأطماع الإستعمارية المحيطة وإستنهاض طاقات الأمة بما يفيد في تمكينها من إستعادة دورها الحضاري والريادي وبناء دولتها الواحدة من المحيط الى الخليج على أسس من الحرية والديمقراطية وقيم العدالة والمساواة وتكافؤ الفرص ..وتحقيق كامل أهدافها السامية في الوحدة والحرية والإشتراكية.
بقلم : ثائر محمد حنني الشولي
بيت فوريك – فلسطين المحتلة
تشرين ثاني – 2021م
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت