حمار الملك و جحا..."ضد الحكومة".... وآلام المرضى المؤجلة

بقلم: عبد الرحمن القاسم

مقال
  • عبد الرحمن القاسم

-1-

طلب الملك من قديم الزمان وسالف العصر والأوان من جحا ان يعلم حمار الملك القراءة والكتابة وفي رواية أيضا أن يتكلم وضعفها الرواة ورجحوا فقط القراءة والكتابة

فوافق جحا على أن يمنحه الملك عشرين سنة لإتمام المهمة, وشرط الملك الجزائي أن جحا سيقتل إن فشل في المهمة. لامه الأصدقاء وقرعته زوجته أي جحا على ذلك وانه حتما سيفشل.

فقال جحا خلال العشرين سنة سيموت إما الملك وأما الحمار وأما أنا

-2-

طلب منى مواطن من الدرجة العاشرة مع احترامي له التدخل لتقريب موعد فحص وكشف له تقرر له في احد المستشفيات الحكومية خارج مدينة أريحا وان الموعد كان تقريبا بعد ثلاثة اشهر, وتربطني علاقة مودة واحترام مع إدارة وأطباء مشفى أريحا, وأكدوا لي ان الموعد من قبل المشفى الآخر وتواصل المدير مشكورا وجرى تقريب الموعد خلال أيام قليلة, وافترضت حسن النوايا ضغط الشغل و...وربما التقدير ان حالة المواطن ليست مستعجلة وربما موظف التسجيل هو من قرر... وان "اهل مكة أدرى بشعابها"..

-3-

شكا لي زميل حالة زوجته والتي تعاني من الام في الركبة وبعد رحلة علاج متواصلة وذهابه للاختصاصين وكان آخرها تكبده التحويل الى مستشفى رفيديا في مدينة نابلس, قرر الأطباء المختصون في المستشفى الحكومي بضرورة اجراء عملية زراعة او تركيب مفصل منذ شهر تشرين الأول الماضي, ليفاجأ بان مجمع فلسطين الطبي في مدينة رام الله, حدد موعد اجراء العملية في شهر كانون الأول, قد يبدوا موعدا قريبا مطلع العام وللأسف ليس العام القادم بل الذي يليه اي عام 2023, اخذين بعين الاعتبار ان زوجته تعاني بشكل مستمر الى جانب انها موظفة وتذهب للعمل يوميا. وان صديقي لم يعد ولا يريد التحويل الخارجي او معالجتها في مشفى سين او صاد او الطبيب الاختصاصي عين, فقط تقريب الموعد قدر الإمكان لتخفيف المعاناة والالم. ورحلة البحث عن وسطاء ووجوه الخير من علية القوم لتقريب الموعد, ليس لأنه موظف منذ أكثر عقدين ونيف وناشط سياسي بل لان حالة زوجته الصحية تستدعي التدخل.

-3-

طلب المواطن وشكوى زميلي.. حيرتني وشتت الأفكار ما بين الكوميديا السوداء وأننا لا سمح الله في حالة حرب طاحنة... المصابين والجرحى ومن يحتاج للركبة او تركيب طرف صناعي أكثر من الأصحاء, وان موعد ثلاثة أو أربعة أشهر للكشف او التشخيص للحالات الغير طارئة موعد قريب. وان موعد 14 شهر لتركيب او زراعة ركبة في ظل الحرب الضروس يعتبر نفسه محظوظا, واسلم من اضطرار المريض.. للبتر..!!!!!, وان المواعيد والآجال البعيدة ناجمة نقص حاد بالأطباء ولا يوجد سوى طبيب مختص واحد في هذا أو ذاك التخصص.

مع التأكيد ان فلسطين زاخرة بالأطباء الأكفاء وذوي الاختصاصات المتنوعة والمشهود لهم بالخبرة والنطاسة(النطاسي عالم بالامور حاذق بالطب) والأمانة والموضوعية تقول ان المستشفيات الحكومية تضم عددا كبيرا منهم, ولكن للأسف نقص الادوات والمعدات اللوجستية في المشافي الحكومية, يستدعى من الحكومة ووزارة الصحة معالجة الخلل وتخصيص ميزانية لدعم المسنشفيات الحكومية والتخفيف من فاتورة التحويل للمشافي الخاصة وتقصير المدد الطويلة المقررة للفحص او اجراء العمليات للمواطن المسخم.

"ضد الحكومة" من أروع أفلام الفنان الراحل احمد زكي يحكي عن قصة انقلاب قطار ووقوع ضحايا ومحولة ايجاد كبش فدا عامل السكة او ادعاء ان سائق القطار كان ثملا, ويصر احمد زكي كان يقوم بشخصية المحامي عن الضحايا باستجواب وتحميل المسؤولية للوزراء ذوي الاختصاص.

نكشة: الآجال الطويلة للعمليات والعلاج شبيه ب "جحا مع الملك" إما المريض يقضى نحبه قبل الموعد او الطبيب يتقاعد أو يرحل.

المصدر: -

جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت