- تقليص "إسرائيل" للفضاء المدني يستدعي مواجهته دولياً وحماية المدافعين
حَيّا مركز إعلام حقوق الإنسان والديمقراطية "شمس" المدافعين عن حقوق الإنسان في يومهم الدولي، والذين يقومون بعملهم في ترسيخ المنظومة الحقوقية على المستوى الدولي والمحلي بمهنية وجرأة وشجاعة، ويدفعون ثمن ذلك بالتهديد بالقتل والاعتداء الجسدي والحجز والاعتقال التعسفي، والمنع من الحركة والتنقل والحرمان من السفر، والتشويه الممنهج للسمعة، والتفتيش غير القانوني، ومصادرة الممتلكات وتخريبها، وانتهاك الخصوصية والتجسس، والابتزاز وغيرها من الممارسات التعسفية التي تستهدفهم. جاء ذلك عبر بيان صحفي أصدره مركز "شمس" بمناسبة اليوم الدولي للمدافعين عن حقوق الإنسان الذي اعتمد ونشر بموجب قرار الجمعية العمومية رقم 53/144 بتاريخ 9/12/ 1998 .
كما وشدد مركز "شمس" على أن تقوية المجتمع المدني الفلسطيني وإتاحة الحرية له وإبقاء فضاءه دون تقليص أو مضايقة، وحماية المدافعين عن حقوق الإنسان ومساندتهم، وتعزيز حرية الإعلام هي متطلبات أساسية للدفاع عن حقوق الإنسان وعن الديمقراطية وضمان ازدهارها. لا سيما في ضوء العلاقة القائمة والتي لا يمكن تجاهلها بين السلم والأمن الدوليين وبين التمتع بحقوق الإنسان والحريات الأساسية والعدالة.
وأكد مركز "شمس" أن هذا العام يأتي في ظل أحداث خاصة للغاية عصفت بكل المجتمع المدني الفلسطيني، بعد أن صنفت السلطة القائمة بالاحتلال "إسرائيل" ست مؤسسات منظمات حقوقية وأهلية فلسطينية بارزة كمؤسسات إرهابية وفقا للتشريعات الاستعمارية الإسرائيلية، على خلفية دور هذه المؤسسات في دعم حقوق الإنسان الفلسطيني والدفاع عنه وفضح ممارسات الاحتلال في المحافل الدولية، ودعم صمود الفلاحين/ات والمواطنين/ات في المناطق المصنفة "ج" في مواجهة الاستيطان المصنف دولياً كجريمة حرب، والدفاع عن المعتقلين/ات والأسرى/ات والأطفال.
بحيث استهدف القرار الإسرائيلي التعسفي والترهيبي والخطير للغاية كل من: مؤسسة الحق ، والحركة العالمية للدفاع عن الأطفال – فلسطين، ومؤسسة الضمير لرعاية الأسير وحقوق الإنسان ؛ واتحاد لجان العمل الزراعي، واتحاد لجان المرأة الفلسطينية، ومركز بيسان للبحوث والإنماء. لاحقاً لذلك أصدر ما يسمى بقائد المنطقة الوسطى في جيش الاحتلال الإسرائيلي أمراً عسكرياً بحظر المؤسسات الفلسطينية المدنية الست، بما يعطي الضوء الأخضر لقوات الاحتلال للتحرك الفوري ضد هذه المؤسسات ومداهمة مكاتبها ومصادرة محتوياتها ويرفع احتمالية اعتقال موظفيها، ويؤكد مضي "إسرائيل" الاستعمارية قدماً في استهداف كل من هو فلسطيني دون أي تمييز وللرواية الفلسطينية ومن منطلقات قومية عنصرية وإحلالية.
وإذ يجدد مركز "شمس" تضامنه الكامل مع المؤسسات المستهدفة ضد هذا الترهيب الإسرائيلي الأحدث ضمن ممارسات طويلة وممنهجة هادفة لكسر شوكة المجتمع المدني الفلسطيني، وهو ما يأتي في إطار حملة تشويه وتشهير ممنهجة شاملة تشنها المنظومة الاستعمارية بكل أدواتها ضد المنظمات المدنية الفلسطينية، تلعب وزارة الشؤون الإستراتيجية الإسرائيلية والمنظمة الإسرائيلية العنصرية الممولة من قبل اليمين المتطرف (NGO MONITOR) دوراً أساسياً فيها.
كما وذكّر مركز "شمس" أن الممارسات الإسرائيلية الاستعمارية للتضييق على العمل الحقوقي والمدافعين عن حقوق الإنسان والتي لا تقتصر على الحقوقيين/ات الفلسطينيين/ات ، بل تمتد لتطال الحقوقيين/ات الدوليين/ات والأمميين/ات. حيث رفضت خارجية الاحتلال سابقاً معالجة طلبات تجديد أو منح تأشيرات الإقامة لموظفين دوليين تابعين لمكتب المفوض السامي لحقوق الإنسان وللجنة حقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة، وإلى منع سلطات الاحتلال اللجان الأممية والدولية للتحقيق في جرائم حرب الاحتلال والمقريين الأمميين الخاصين من دخول الأرض الفلسطينية المحتلة، والحرب المستمرة التي تشنها أدوات الاحتلال الإعلامية والدبلوماسية ضد قضاة المحكمة الجنائية الدولية على خلفية فتحها تحقيق في جرائم حرب ارتكبت أو يتم ارتكابها في الأرض الفلسطينية المحتلة.
كما وأدان مركز "شمس" استمرار اعتقال مجموعة من المدافعين/ات البارزين/ات عن حقوق الإنسان ومن ضمنهم السيدة شذى عودة رئيس مجلس إدارة شبكة المنظمات الأهلية ومدير عام اتحاد لجان العمل الصحي، المعتقلة منذ 7/7/2021 بعد اقتحام وتفتيش منزلها والعبث بمحتوياته ومصادرة سيارتها الشخصية، والتي تعاني من ظروف اعتقال لا إنسانية وصعبة للغاية وخضعت لجلسات تحقيق طويلة وقاسية على الرغم من وضعها الصحي الخاص الذي يستدعي رعاية طبية وعلاجية مستمرة، في خطوات استهداف منسقة للغاية تهدف إلى جعل جرائم الاحتلال بدون رقابة، وإلى ترهيب المنظمات الحقوقية والمدافعين عن حقوق الإنسان وترويعهم، ونابعة من عقلية الإفلات من العقاب.
وفي نهاية بيانه الصحفي دعا مركز "شمس" إلى ضرورة أن تتحمل الأمم المتحدة ومؤسساتها، والمقرر الأممي الخاص بحالة المدافعين عن حقوق الإنسان لمسؤولياتهم في الدفاع عن الفضاء المدني والعمل الحقوقي في الأرض الفلسطينية المحتلة، واتخاذ الخطوات اللازمة لتفعيل إعلان المدافعين عن حقوق الإنسان عام 1998 وتحويله إلى واقع ملموس. وإلى قيام الهيئات والمنظمات الحقوقية غير الحكومية المحلية والدولية بتوحيد الجهود في التصدي للترهيب الإسرائيلي، وتوفير الحماية والدعم للمدافعين عن حقوق الإنسان. وإلى توفير الدعم السياسي والمظلة الاقتصادية للمحكمة الجنائية الدولية ودعم تحقيقاتها في جرائم الحرب الإسرائيلية التي ارتكبت أو يتم ارتكابها، لا سيما من دول الاتحاد الأوروبي والأحزاب الديمقراطية في العالم. وإلى تكثيف كافة الجهات الحقوقية والمدافعين الدوليين عن حقوق الإنسان العمل في توثيق ورصد ومتابعة حقوق الإنسان الفلسطيني، ونشرها والإبلاغ عنها بما يضمن وصول رسالة المجتمع المدني الفلسطيني والمدافعين الفلسطينيين إلى أهدافها ومقاصدها النهائية في إعمال حقوق الإنسان وترسيخ منظومتها. وإلى تعزيز التحالفات الدولية بين المؤسسات الرسمية والمدنية الفلسطينية ونظيرتها الدولية بما يقود إلى خلق مظلة من شأنها مناصرة وحماية حقوق الإنسان الفلسطيني والدفاع عنها ومواجهة أي انتهاك يقع ضدها، وتخليق أدوات عمل جديدة تتناسب وخطورة المرحلة.
وإلى تفعيل دور الاتحاد البرلماني الدولي والاتحاد البرلماني العربي للدفاع عن الفضاء المدني الفلسطيني والمدافعين عن حقوق الإنسان على مستوى البرلمانات والحكومات المختلفة، والضغط باتجاه اتخاذ إجراءات حاسمة ضد دولة الاحتلال. وإلى قيام الاتحاد الدولي والاتحاد العربي للمحامين باتخاذ خطوات فاعلة في الدفاع عن الفضاء المدني الفلسطيني وعن المدافعين عن حقوق الإنسان، وتشكيل فرق دائمة لتقديم الدعم والمشورة للفاعلين/ات المدنيين/ات والمدافعين/ات العاملين في الأرض الفلسطينية المحتلة.