- رامز مصطفى كاتب فلسطيني
تكثفت مؤخراً الجهود الهادفة إلى إعادة اللحمة الوطنية الفلسطينية الهادفة إلى إنهاء الانقسام في المشهد الفلسطيني منذ ما يزيد عن عقد من الزمن . تاركاً أثاراً مدمرة على القضية الفلسطينية وعناوينها الوطنية ، والمتمثلة في السياسة الإجرامية المتمادية للكيان الصهيوني ، على أكثر من مستوى وصعيد بهدف تصفية القضية وحقوق شعبنا على كامل ترابه الوطني .
تلك الجهود التي تبذلها ولا زالت الفصائل والنخب الفلسطينية على غير صعيد باتجاه حركتي فتح وحماس الطرفين الأساسيين في الانقسام . إنما تأتي من خلفية إدراك تلك الفصائل والنخب لحجم التحديات والمخاطر التي تعترض تحقيق شعبنا لتطلعاته وتقرير مصيره وإقامة دولته المستقلة على كامل أرض وطنه فلسطين من أول النهر إلى أخر البحر وعاصمتها الموحدة القدس .
تلك التحديات التي تزداد مخاطرها من خلال ، أولاً ، الإدارة الأمريكية على مختلف من يقودها سواء كانوا جمهوريين أم ديمقراطيين ، لا زالت عند مواقفها المعادية للقضية الفلسطينية . والمتبني بشكلٍ أعمى للكيان الصهيوني ، وتقديم الدعم اللامحدود له عسكرياً وأمنياً وسياسياً وعسكرياً وقانونياً .
وثانياً ، تلك الأنظمة المهرولة للتطبيع مع الكيان ، وإقامة التحالفات معه ، على حساب قضايا الأمة ، والأمن القومي العربي .
وثالثاً ، والمؤسف أنّ الرسمية الفلسطينية المتمثلة بالسلطة ورهاناتها البائسة على إمكانية استئناف المفاوضات مع الكيان الصهيوني ، قد شكلت على مدار العقود الماضية ، ومنذ اتفاقات " أوسلو " عام 1993 ، الغطاء لتلك الأنظمة في هرولتها المتسارعة نحو الكيان للتطبيع مع الكيان ، والتنسيق أمنياً مع أجهزته الأمنية المجرمة .
آخر تلك الجهود ، ذاك الحراك الذي شهدته مؤخراً الاجتماعات المكثفة التي عقدتها عدد من الفصائل ذات الحضور والتأثير في الساحة الفلسطينية ، مع رئيس هيئة النوايا الحسنة رجل الأعمال الفلسطيني الأستاذ منيب المصري ، الذي حمل لقيادات الفصائل في الجبهات القيادة العامة والشعبية والديمقراطية ، والجهاد الإسلامي ، وقوات الصاعقة ، مسودة مشروع لإنهاء الانقسام .
وبعد نقاشات مستفيضة ومثمرة ، توصلت قيادات الفصائل ورئيس هيئة النوايا الحسنة إلى صياغة ورقة عنونت باسم ( ورقة فلسطينية لإنهاء الانقسام وحماية المشروع الوطني ) ، والتي تضمنت مجموعة من العناوين والقضايا . حيث خلُصت إلى ضرورة الدعوة إلى حوار شامل بمشاركة جميع الفصائل والقوى الفلسطينية وشخصيات وطنية من الداخل والشتات بهدف بناء إستراتيجية نضالية وبرنامج سياسي يلبي طموحات شعبنا .
بالإضافة إلى تقييم كافة الاتفاقيات السابقة ، وأسباب فشلها ، بما يحقق الخروج ببرنامج واضح لإنهاء الانقسام . والتحضير لعقد اجتماع وطني شامل في سياق الجهود الرامية لإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية .
وتحقيقاً لذلك ، فقط وجهت مجموعة الفصائل وهيئة النوايا الحسنة رسالتين ، الأولى لرئيس السلطة الفلسطينية السيد محمود عباس بوصفه رئيس حركة فتح ، والثانية لرئيس حركة حماس السيد إسماعيل هنية . تضعهما في صورة ما تضمنته الورقة الفلسطينية لجهة إنهاء الانقسام وحماية المشروع الوطني ، مما يستدعي الإسراع بالدعوة إلى عقد الاجتماع الوطني الشامل ، من خلفية أن حركتي حماس وفتح هما الطرفان الأساسيان في الانقسام ، وعليهما مسؤولية وطنية لإنهاء ذلك الانقسام البغيض الذي يجثم على صدر أبناء شعبنا في داخل الوطن والشتات .
الرسالتان التي أرسلتهما الفصائل المذكورة وهيئة النوايا الحسنة ، انضمت في التوقيع عليهما كل من المبادرة الوطنية وحزب الشعب والاتحاد الديمقراطي ( فدا ) ، من شأنه أن يؤسس أولاً ، إلى توسيع مشاركة عدد أخر من الفصائل والقوى والنخب . وثانياً ، أن تطفو على سطح المشهد الفلسطيني ولو بشكل تدريجي القوة الثالثة من خارج حركتي فتح وحماس ، لتشكل عاملاً ضاغطًاً بالمعنى الإيجابي للإسراع في عقد الاجتماع الوطني المنشود ، بما يحقق مواكبةً جدية لتلك الحراكات الناهضة في مقاومة الاحتلال الصهيوني ، والتي تتمظهر في المواجهات اليومية عند الحواجز والنقاط العسكرية الصهيونية ، أو بتلك العمليات المتصاعدة التي ينفذها نشطاء المقاومة بشتى الوسائل والإمكانيات المتاحة ، دهساً وطعناً وإطلاق الرصاص ، سواء في القدس أو الضفة الغربية ، أو في أراضينا المحتلة عام 1948 . أو في تعزيز وتطوير قدرات قوى المقاومة في قطاع غزة ، والتي أصبحت تشكل حالة رعبٍ حقيقي لدى العدو ، حكومةً ومجتمع المستوطنين ، خصوصاً بعد معركة سيف القدس ، والتي أتت متكاملة مع حراك ونضالات الحركة الأسيرة الفلسطينية في سجون الاحتلال في مواجهة إجراءاته التعسفية للنيل من إرادة أسرانا الأبطال الذين يؤكدون يومياً على صلابة مواقفهم وعزمهم وقدرتهم على كسر سياسات إدارة سجون الاحتلال .
ما تبديه الفصائل والقوى والنخب الفلسطينية من تصميم وإرادة على إخراج المشهد الفلسطيني من نفق الانقسام المظلم ، إنما يعزز القدرة لدى تلك القوى على توسيع رقعة الرافضين لسياق الانقسام على المستوى الفصائلي والجماهيري والشعبي ، في الضغط لتحقيق المصالحة وإعادة بناء مؤسسات منظمة التحرير ، وحماية المشروع الوطني من خارج برنامج اتفاقات " أوسلو " ومترتباتها . الأمر الذي من شأنه إعطاء قوة دفع لدى جماهير أمتنا وقواها التحررية في رفع سقف مواقفها المحتضنة للقضية ، وإسناد الشعب الفلسطيني وقوى مقاومته للكيان الصهيوني بهدف حمايتها ، وإسقاط كافة المشاريع الهادفة إلى تصفيتها .
رامز مصطفى كاتب فلسطيني
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت