- د. فايز أبو شمالة
تقول بعض الإحصائيات: إن 16 ألف امرأة فلسطينية تم اعتقالهن من الاحتلال الإسرائيلي منذ سنة 1967، وهذا الرقم دليل إقدام المرأة الفلسطينية، وتضحيتها دفاعاً عن وطنها وبيتها وكرامتها، ودليل صدق، وهي تسابق الرجل على مواجهة الأعداء، في انتفاضة الحجارة 1987، حين بلغ عدد المعتقلات الفلسطينيات 3 آلاف أسيرة في غضون سبع سنوات، ودليل احترام لقدرات الرجل حين لعلع الرصاص، وتراجع الحجر في انتفاضة الأقصى سنة 2000، فتراجع عدد المعتقلات الفلسطينيات طوال خمس سنوات إلى 900 أسيرة فلسطينية فقط.
ومع انطلاق انتفاضة القدس سنة 2015، وحتى سنة 2017، ارتفع عدد المعتقلات الفلسطينيات في سجون الصهاينة حتى وصل إلى 370 حالة اعتقال، منها حالات متهمة بالطعن، أو المشاركة في الطعن، والاشتباك مع العدو الإسرائيلي، أما في السنوات الأخيرة، فلم يقل عدد المعتقلات السنوي عن مئة فلسطينية، معظمهن شاركن في الدفاع عن مدينة القدس، وبالتحديد من المرابطات دفاعاً عن المسجد الأقصى.
وحتى يومنا هذا، يتواجد في السجون الإسرائيلية حوالي أربعين أسيرة فلسطينية، منهن 11 أماً، يتشوقن لرؤية أطفالهن، وبعض الأسيرات تقضي فترة محكومية تصل إلى 16 عاماً، مثل الأسيرة شروق دويات، وشاتيلا أبو عيادة، ومنهن ميسون الجبالي وتقضي فترة محكومية 15 عاماً، وكذلك عائشة الأفغاني، ومنهن إسراء الجعابيص، التي تشوه وجهها مع الانفجار، وتقضي فترة محكومية 11 عاماً. وهناك أخريات محكومات بعشر سنوات أو أقل.
معظم الأسيرات الفلسطينيات يتواجدن في سجن الدامون سيئ السمعة، حيث تسلطت إدارة السجن على الأسيرات، ورفضت في الأيام الأخيرة الاعتراف بوجود ممثل لهن، ورفضت السماح لهن بالتوزيع في الغرف وفق الانتماء التنظيمي، بل وشارك السجانون الصهاينة مع السجانات بضرب الأسيرات، وانتزعوا حجابهن خلال المواجهات، كل ذلك قبل أن يتم عزل الأسيرة شروق ودويات، والأسيرة مرح باكير بعيداً عن بقية الأسيرات في سجن الدامون، إن الاستفراد بالأسيرات، وعزلهن ليشكل مصدر قلق وخوف على مصيرهن في سجون مجهولة، قد يتواجد فيها سجناء إسرائيليون وسجانون إسرائيليون، يمتلؤون حقداً على الفلسطينيين.
ما تلاقيه الأسيرات الفلسطينيات من معاملة إجرامية، ومن هجمة إرهابية أثارت حنق وغضب الفلسطينيين بشكل عام، واستنفرت نخوة رجال المقاومة في قطاع غزة، حتى وصل بهم الأمر إلى التهديد بتدمير كل أشكال التهدئة، فكرامة الأسيرات الفلسطينيات من أقدس المقدسات، وهذا التهديد الصادر عن رجال المقاومة ليس لفظياً، ولا كلاماً إنشائياً، فالتنظيمات الفلسطينية التي رفعت سيف القدس، وقاتلت، وقصفت تل أبيب، واستعدت لدفع أي أثمان من أجل القدس، هي نفسها التنظيمات الفلسطينية التي لن تتأخر عن نصرة الأسيرة الفلسطينية التي تستغيث بشعبها، ورجال المقاومة، وهي تعرف أن كرامتها الإنسانية على رأس اهتمامات الشعب وتنظيماته المقاومة، ويكفي الإشارة هنا إلى أن حركة حماس قد وضعت شرط إطلاق سراح الأسيرات مقابل معلومات عن حياة الجنود الإسرائيليين الأسرى لدى المقاومة.
المقاومة الفلسطينية جاهزة لدخول حرب طويلة الأمد نصرة للأسيرات، والشعب الفلسطيني سيهب بقضه وقضيضه دفاعاً عن كرامة الأسيرات، فقد دللت التجارب بأننا أمام عدو لا يفهم إلا لغة القوة، ولا يتراجع عن عدوانه؛ إلا إذا أدرك أنه يواجه شعباً موحداً خلف قيادة المقاومة.
جميع المقالات تعبر عن وجهة نظر أصحابها وليس عن وجهة نظر وكالة قدس نت